أكد قادة دول مجلس التعاون الخليجي أن أي اعتداء على أي دولة من دول المجلس هو اعتداء على الدول الأعضاء جميعاً، وأن الهدف الأعلى من المجلس هو تحقيق التكامل والترابط بين دوله، مؤكدين على استمرار نهج المنظمة على هذا المبدأ.
واستضافت العاصمة السعودية الرياض، اليوم الثلاثاء، اجتماع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في دورته الأربعين، حيث بدأت أعمال القمة بكلمة ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، أكد فيها أن المجلس تمكن من تجاوز الأزمات التي مرت بها المنطقة، مطالبا دول الخليج بأن "تتحد في مواجهة عدوانية إيران".
وأكد ملك السعودية على أهمية التعامل بجدية مع برنامج إيران النووي وبرنامج تطوير الصواريخ الباليستية، مشددا على "أهمية تأمين مصادر الطاقة وسلامة الممرات المائية والملاحة البحرية في المنطقة، كما تطرق إلى القضية الفلسطينية، وموقف بلاده الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطيني على ضوء القرارات الدولية.
وقد تابع محللون ومهتمون خليجيون قمة مجلس التعاون الـ40 باهتمام أشد من سابقاتها، وسط أنباء ترددت بأنها ستشهد مصالحة بين الأطراف الخليجية، وتنهي مقاطعة قطر، لكن إعلان وكالة الأنباء القطرية توجه أمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني إلى رواندا في أفريقيا، قبل يوم واحد من القمة خفض من سقف التوقعات، فهل تتم المصالحة غداً أم تتأجل؟
التعاون والشراكة
وعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الإثنين 9 ديسمبر (كانون الأول) 2019، اجتماعهم التحضيري للدورة الحالية، برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش الذي قال في كلمته "إن مجلس التعاون لهو تعبير عن تلاقي إرادة وطموحات القادة مع آمال شعوب دول المجلس في إنشاء منظومة أساسها التعاون والتوافق على سياسات ومواقف تعزز أمن واستقرار المنطقة، وتساهم في دفع عجلة التنمية الشاملة لتحقيق الاستقرار والنماء والرخاء لبلداننا والسعادة لشعوبنا، وإقامة علاقات صادقة تستمد مبادئها من ديننا الحنيف والمواثيق الدولية، والنظام الأساسي لمجلس التعاون، والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بما يدعم المصلحة المشتركة والتعاون والشراكة".
مصادر خليجية حضرت اجتماع وزراء خارجية التعاون أبلغت "اندبندنت عربية" أن لا تأكيد قطري على حضور الشيخ تميم للقمة غداً ، وأن المرجح هو حضور رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني والذي غادر بلاده إلى رواندا برفقة أمير قطر. لكن هل ستكون المرافقة إلى رواندا تسبق الحضور الجماعي إلى الرياض؟
من جهته قال الدكتور عبداللطيف الزياني إن وزراء الخارجية بحثوا الموضوعات المدرجة على جدول أعمال الدورة التحضيرية، بما في ذلك تقرير الأمانة العامة حول ما تم تنفيذه بشأن قرارات مقام المجلس الأعلى، والمجلس الوزاري ، وما تم انجازه في اطار تحقيق التكامل والتعاون في مسيرة العمل الخليجي المشترك، بالإضافة الى التقارير والتوصيات المرفوعة من قبل المجالس المختصة واللجان الوزارية والأمانة العامة تحضيرا لرفعها الى الدورة الأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون للتوجيه بشأنها.
وكانت المقاطعة الرباعية التي أعلنتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو (حزيران) 2017، قد بدأت عندما قررت الدول الأربع قطع علاقاتها الدبلوماسية بالدوحة، وترتب على ذلك منع سفر مواطنيها إلى قطر، وإغلاق المجال البحري والجوي أمام الطائرات والبواخر القطرية. إلا أنها شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية تحولاً ملموساً، من خلال تخفيف حدة الهجوم الإعلامي بين الأطراف، ومشاركة منتخباتها (باستثناء مصر) في كأس الخليج الذي أقيم في العاصمة الدوحة.
واستبق وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني القمة بالقول أن بلاده تجري مباحثات مع السعوديين لطي صفحة "المقاطعة الرباعية" للإمارة الخليجية منذ يونيو (حزيران) 2017.
وقال آل ثاني أثناء جلسته في منتدى حوار المتوسط في العاصمة الإيطالية روما قبل يومين"انتقلنا من الطريق المسدود في الأزمة الخليجية إلى الحديث عن رؤية مستقبلية بشأن طبيعة العلاقة بيننا"، مؤكداً وجود مباحثات متقدمة مع الرياض آملاً أن تنتهي بنتائج إيجابية، نافياً علاقة بلاده بجماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإسلامية الأخرى.
زيارة غير معلنه
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية المستجدات الحالية بخبرٍ عن زيارة غير معلنة أجراها وزير خارجية قطر إلى الرياض خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) ولقائه لكبار المسؤولين السعوديين، في مسعى لإنهاء الأزمة الخليجية.
وقالت الصحيفة في مقال نشرته في الـ28 من نوفمبر (تشرين الثاني) نقلاً عن مسؤول عربي أكد للصحيفة الزيارة، مضيفةً أن وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني قدم عرضا مفاجئا لإنهاء الأزمة، مبدياً استعداد الدوحة لقطع علاقاتها مع "جماعة الإخوان المسلمين" التي تصنفها السعودية وحلفاؤها على أنها "جماعة إرهابية"، وهو ما رفض الوزير القطري التعليق عليه أثناء جلسته في المنتدى، مؤكداً على أن تفاصيل المحادثات تتطلب السرية في الوقت الحالي.
وأفادت الصحيفة بأن هذا المقترح من شأنه تلبية الطلب الكبير الذي تقدمت به السعودية والإمارات ودول أخرى عندما أقدمت على قطعت العلاقات الدبلوماسية مع قطر في العام 2017 واتهامها للدوحة بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
الشك في قطر
ومع لهجة التفاؤل التي استبق بها مقربون من مصادر القرار في الدول الخليجية القمة المرتقبة، إلا أن التشكيك ظل سائداً هو الآخر حول ما إذا كانت قطر جادة في التخلي عن سلوكها الذي دفع إلى مقاطعتها، أم أنها محكومة بتحالفات خارج الإقليم تجعلها ليست مطلقة الحرية في تغيير مواقفها؟ فبينما يشير الكاتب الاماراتي عبدالخالق عبدالله إلى أن قرار انهاء المقاطعة قد اتخذ، نظر المحلل السياسي السعودي الدكتور خالد الدخيل إلى مغادرة الأمير القطري بلاده قبل يوم من القمة إلى قارة أخرى على أنه ترجمة عملية للهروب من المصالحة، حتى وإن أوفد ممثلاً عن بلاده لحضور القمة.
وقال الدخيل معلقاً على خبر زيارة تميم روندا "غداً الثلاثاء قمة مجلس التعاون في الرياض. والشيخ تميم، أمير قطر، سيغيب عنها في زيارة لرواندا لتسلم جائزة دولية هناك.حديث المصالحة لم يكن أكثر من ذلك. قطر ليست جاهزة بعد. مقيدة بإستثماراتها في تركيا والُعديد والإخوان وايران وغيرها. ويبدو انها لا تسمح حتى الآن بخيار مثل هذا".