في وقت كان الخليجيون رفعوا من سقف تفاؤلهم نحو إيجاد مصالحة خليجية وشيكة في القمة الأربعين للدول الست، غاب أمير قطر تميم بن حمد عن أعمال القمة مكتفياً بإرسال رئيس مجلس الوزراء عبدالله بن ناصر آل ثاني لتمثيله والذي أكدته "اندبندنت عربية" يوم أمس، إلا أن تأكيد قادة المجلس بتمسكهم في توحيد جبهته ضد أي عدوان والتزامهم بإبقاء اللحمه الخليجية، إلى جانب التأكيد على أن الوساطة مستمرة لحل الأزمة والتقريب بين الدول الأعضاء تجعل باب المصالحة مفتوحاً، بحسب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني.
واستضافت العاصمة السعودية الرياض، اليوم الثلاثاء، اجتماع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في دورته الأربعين، حيث بدأت أعمال القمة بكلمة ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، أكد فيها أن المجلس تمكن من تجاوز الأزمات التي مرت بها المنطقة، مطالباً دول الخليج بأن "تتحد في مواجهة عدوانية إيران".
وأكد ملك السعودية أهمية التعامل بجدية مع برنامج إيران النووي وبرنامج تطوير الصواريخ الباليستية، مشدداً على "أهمية تأمين مصادر الطاقة وسلامة الممرات المائية والملاحة البحرية في المنطقة، كما تطرق إلى القضية الفلسطينية، وموقف بلاده الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطيني على ضوء القرارات الدولية.
وفي الملف اليمني، ثمن الملك سلمان جهود الحكومة اليمنية في التوصل إلى "اتفاق الرياض"، مؤكدا استمرار التحالف العربي بقيادة بلاده في دعمه للشعب اليمني وحكومته، وعلى أهمية الحل السياسي في اليمن وفق المرجعيات الثلاث.
البيان الختامي
وقال الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني في البيان الختامي لقمة الدول الخليجية، إن أي اعتداء على دول المجلس هو اعتداء على المجلس كله. مشيراً إلى عمل الدول الأعضاء مع الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة أي تهديد عسكري.
وتابع الزياني "الهدف الأعلى لمجلس التعاون هو تحقيق التكامل والترابط بين دوله، لذلك أكد قادة دول المجلس استمرار الترابط والتكامل". مشدداً على دعم المجلس لكافة الإجراءات التي اتخذتها السعودية في المحافظة على استقرار سوق النفط. واختتم البيان بالتأكيد على أهمية تعزيز آليات التعاون والتكامل العسكري والأمني لضمان سلامة دول مجلس التعاون في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة.
وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية الدكتور أنور قرقاش قال، في كلمته أمس خلال اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، "إن المجلس تعبير عن تلاقي إرادة وطموحات القادة مع آمال شعوب دول المجلس في إنشاء منظومة أساسها التعاون والتوافق على سياسات ومواقف تعزز أمن واستقرار المنطقة، وتسهم في دفع عجلة التنمية الشاملة لتحقيق الاستقرار والنماء والرخاء لبلداننا والسعادة لشعوبنا، وإقامة علاقات صادقة تستمد مبادئها من ديننا الحنيف والمواثيق الدولية، والنظام الأساسي لمجلس التعاون، والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بما يدعم المصلحة المشتركة والتعاون والشراكة".
كيف نشأ المجلس؟
وتعود قصة إنشاء مجلس التعاون الخليجي إلى الاجتماع الذي عقد في أبوظبي يوم السبت 25 مايو (أيار) 1981، بمشاركة كل من السعودية والإمارات والبحرين وعمان وقطر والكويت، وتوصلوا حينها لصيغة تعاونية تضم الدول الست، وتهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وفقما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي أكدت أيضاً تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس.
وجاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الأساسي التي شددت على ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف.
تحقيق التنسيق والتكامل والترابط
وحدد النظام الأساسي لمجلس التعاون أهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، وعلى مدى 40 عاماً من إنشاء المجلس ظل قادة دول المجلس على مبدأ واحد يدعون من خلاله إلى تعزيز الترابط بين الدول الأعضاء على أن تكون العلاقات مع جميع دول المنطقة قائمة على مبادئ حسن الجوار والتفاهم والاحترام المتبادل لسيادة واستقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام مبدأ المواطنة.
قرارات ومواقف
وكان من أهم قرارات المجلس وقوفه مع دولة الكويت إبان تحريرها، ووقوفها ضد الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1971 الذي أعاق إلى حد كبير إمكانية توسيع العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران بعد أن تجاهلت الأخيرة الاستنكار الخليجي لهذ الاحتلال، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، واحترام سيادة الدول .
وتتمثل أهداف مجلس التعاون الخليجي في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات، من هذا المنطلق كانت هذه القمة ضرورة ملحة لقراءة المشهد السياسي في المنطقة، والعمل على تأكيد تحقيق هذه الأهداف.
وأسهم مجلس التعاون الخليجي في تعزيز الشراكات الإستراتيجية الإقليمية مع عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة والتكتلات السياسية.
وتجاوز مجلس التعاون لدول الخليج العربية اهتمامه بالشأن الداخلي لدول المجلس إلى الاهتمام العربي حيث أسهم في إنهاء الحرب العراقية - الإيرانية، ودعم وحدة اليمن واستقراره ومسيرته التنموية، ودعم القضية الفلسطينية وعملية السلام، وحل الأزمة السورية وتلبية تطلعات الشعب السوري، إضافة إلى مساندة قضايا لبنان، والصومال، والسودان، وعملية التطوير والتحديث في الوطن العربي، والحوار مع الدول الصديقة والمجموعات الدولية، ودعم وحدة العراق واستقراره.
ولمجلس التعاون الخليجي عدد من الإنجازات منها: التعاون الاقتصادي وفي مجالات الإنسان والبيئة، والتعاون الأمني، والعمل العسكري المشترك، والتعاون الثقافي والإعلامي، والتعاون العدلي والقضائي، والاتحاد الجمركي الخليجي، والسياسة الخارجية، والتعاون في مجالي المحاسبة والرقابة المالية، والتعاون في مجال الزكاة، والتعاون الإقليمي والعلاقات الاقتصادية مع الدول والمجموعات الأخرى، والعلاقات الاقتصادية مع الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية، والحوارات الإستراتيجية مع الدول والمجموعات الإقليمية، والتعاون مع الجمهورية اليمنية.