مع أول يوم تداول على أسهم شركة أرامكو السعودية بالسوق المحلية "تداول" لازالت الشركة الأكبر عالميا بإنتاج النفط تسجل أرقاما قياسية جديدة، إذ ارتفع السهم بالنسبة القصوى 10% عن السعر المحدد مسبقا خلال فترة المزاد بجلسة الأربعاء.
وصعد سعر السهم بعد دقائق من بدء التداول عليه إلى 35.2 ريال (9.4 دولار) بزيادة 3.2 ريال (0.85 دولار) عن السعر الرئيسي، ما يرفع قيمة الشركة من 1.71 تريليون دولار إلى 1.88 تريليون دولار، أي بارتفاع نحو 170.67 مليار دولار.
وأصبح عملاق النفط السعودي أكبر شركة مدرجة في سوق مالية على مستوى العالم.
وتصدر السهم التداولات على صعيد الكميات والسيولة بنحو 31.64 مليون سهم، بقيمة 1.11 مليار ريال (296 مليون دولار)، فيما سجلت الطلبات على السهم أكثر من 208 ملايين سهم.
فيما أعلنت شركة السوق المالية السعودية "تداول" عن الانضمام السريع لشركة الزيت العربية السعودية "أرامكو" إلى مؤشر السوق الرئيسية "تاسي" ومؤشر قطاع الطاقة حسب منهجية مؤشرات تداول، وذلك من بداية التداول في يوم الأربعاء 18 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
واقتنص السهم نحو 27.6% من سيولة السوق خلال تعاملات اليوم والتي سجلت 4.032 مليار ريال (1.07 مليار دولار).
وقفزت القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودي من 1.891 تريليون ريال (504 مليارات دولار)، إلى 8.946 تريليون ريال (2.38 تريليون دولار) بنهاية جلسة الأربعاء بعد إدراج أرامكو.
وارتفع المؤشر العام لسوق الأسهم "تاسي" بنحو 0.83% إلى مستوى 8133.72 نقطة بمكاسب نحو 67.30 نقطة.
وانتهي اكتتاب أرامكو الأربعاء 4 ديسمبر (كانون الأول) 2019 للمؤسسات والشركات، والذي سبقه بأيام اكتتاب الأفراد، وبلغت حصيلة الاكتتاب للأفراد والمؤسسات نحو 446 مليار ريال (119 مليار دولار)، وهو ما يعادل نسبة تغطية تبلغ 465% من إجمالي أسهم الطرح، إذ بلغت قيمة الطرح 96 مليار ريال سعودي (25.6 مليار دولار).
خمسة ملايين مساهم
وقال رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية، ياسر الرميان، قبيل قرع جرس دخول السوق "تضيف الشركة نجاحاً آخر إلى سجل إنجازاتها"، مضيفاً "في هذا اليوم بعدما كانت السعودية المساهم الوحيد في الشركة أصبح لدى الأخيرة أكثر من خمسة ملايين مساهم، منهم مواطنون سعوديون وخليجيون ومؤسسات استثمارية وطنية وإقليمية وعالمية".
وبعد قرع مسؤولي أرامكو جرس بدء التداول، ارتفع سعر السهم إلى أعلى حد يُسمح به في اليوم الواحد، وهي نسبة 10%، بحسب أنظمة السوق.
ويعزِّز اكتتاب أرامكو موقع السوق المالية السعودية المحلية "تداول"، لتصبح من بين أكبر عشر أسواق عالمية.
التعطش الاستثماري
وفي هذا الصدد، قال أحمد الشهري، مستشار اقتصادي وإدارة استراتيجيات الأعمال، إن سهم أرامكو أظهر نجاحا على مدى التعطش الاستثماري لشراء أسهم ذات وزن نسبي ثقيل ولاسيما من الصناديق الاستثمارية والأفراد المستثمرين كنوع من التوازن وبشكل خاص أن هناك احتمالات كبيرة لتدفق نقدي أجنبي جديد يستهدف السوق السعودي بشكل عام وأسهم أرامكو بشكل خاص.
وتابع الشهري: "اعتقد أن معظم الأفراد أصبحوا أكثر وعياً بسوق الأسهم المحلية ويميلون حالياً إلى خيارات الاستثمار طويلة الأجل بهدف تحقيق عوائد نقدية وأسهم مجانية كمنح من شركة أرامكو".
وأضاف المستشار الاقتصادي أن البورصة ستواصل جذب أموال من السوق المحلي، فيما ستواصل الأسهم القيادية النمو السعري وبشكل خاص في ظل انخفاض المعروض من أسهم أرامكو ولعل ارتفاع القيمة السوقية بشكل عام لسوق الأسهم المحلي يعد محفزاً نفسياً لكثير من المضاربين في ضخ المزيد من الأموال، والسيناريو الأكثر توقعا أن يجذب السوق السعودي مزيد من الاستثمارات الخليجية. وتوقع الشهري أن يستمر ارتفاع سعر سهم أرامكو بالنسبة الإيجابية القصوى 10% حتى منتصف الأسبوع القادم.
تذبذب في قرارات بعض المستثمرين
محلل أسواق المال، نادي عزام، توَّقع أن "تتحرك جميع مؤشرات السوق صعوداً، لكن السهم قد يواجه عمليات بيع طفيفة"، وتابع "بعض المستثمرين سيعتمدون على الرأي الشرعي في الاستثمار في سهم أرامكو، وبالتالي سيحدث تذبذب في قرارات بعض المستثمرين"، موضحاً أن "حجم تداول السوق لا يسمح في الوقت الحالي بتحريك سهم أرامكو ودفعه نحو الصعود بنسب كبيرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت عزام إلى أن "حجم التداول في السوق السعودية حالياً في حدود الـ 3 مليارات ريال (0.8 مليار دولار أميركي)، وهو رقم ضعيف بالنسبة إلى أكبر أسواق المال في الشرق الأوسط"، مضيفاً "سيدعم السهم الأسهم المدرجة في السوق، حيث سيحدث تناوب في الإقبال ما بين سهم أرامكو والأسهم الكبيرة مثل الراجحي وسابك وغيرهما"، متوقعاً "حدوث تبادل في المحافظ الخاصة بالمستثمرين، خصوصاً أن أسعار الأسهم في الوقت الحالي متدنية مقارنة بأسعارها في الأوقات السابقة".
صعود الحد الأقصى
من جهته، قال علي الجعفري، محلل أسواق المال، إن سهم أرامكو يستهدف الصعود بالحد الأقصى غدا إلى مستوى 38.7 ريال (10.32 دولار) لتتجاوز القيمة السوقية 2.06 تريليون دولار، وسيحقق السهم الارتفاع بناءً على الإقبال الكبير وحجم الطلبات المرتفع جداً، فضلا عن توقعات إدراج مؤشر مورجان ستانلي لسهم أرامكو ضمن أسهم الأسواق الناشئة يوم الأربعاء المقبل، ما يضمن تدفقات ضخمة من صناديق المؤشرات العالمية.
وذكر الجعفري، أن يوم الأحد المقبل قد يشهد إقبالا ضخما على شراء السهم في حال عدم توافر عروض تلبي طلبات صناديق المؤشرات والصناديق المحلية والنفط.
وبالنسبة لأداء السوق السعودي، رجح أن سيكون كمائل للإيجابية خلال جلسات الأسبوع المقبل، وسيستهدف المؤشر الرئيس منطقة 8250 – 8300 نقطة.
ودخلت أرامكو السوق بعدما استكملت أكبر اكتتاب عام في التاريخ، باعت فيه الشركة 1.5% من أسهمها بقيمة 25.6 مليار دولار، قبل أن تقرّر في وقت لاحق بيع 0.25% إضافية، لترتفع قيمة ما قد تجنيه من عملية البيع إلى 29.44 مليار دولار.
والاكتتاب العام لجزء من أسهم أرامكو، هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، المسمّى "رؤية 2030"، ويسعى المسؤولون إلى استقطاب عشرات مليارات الدولارات لتمويل مشاريع ضخمة ضمن هذا البرنامج الطموح الذي يهدف إلى تنويع الاقتصاد ووقف ارتهان السعودية التاريخي للنفط.
وتجاوز الاكتتاب العام لأرامكو مبلغ 25 مليار دولار، الذي كانت سجلته مجموعة "علي بابا" الصينية في 2014 لدى دخولها إلى بورصة وول ستريت.
أسعار النفط ستلعب دوراً في تحرك السهم
ويقول مدير الاستثمار في مجموعة الزكري القابضة، أحمد الرشيد "أظهرت السوق المالية السعودية قدرتها في التعامل مع أكبر اكتتاب في التاريخ ولم تتأثر به، فمنذ بداية اكتتاب الأفراد وحتى اليوم ارتفع المؤشر العام بأكثر من 2.5% وتداول 53 مليار ريال (14 مليار دولار)، ويعتبر هذا المستوى الأعلى منذ ثلاثة أشهر، بمعدل يومي 2.8 مليار ريال (746 مليون دولار)، ونحو 71% من الشركات على ارتفاع"، مشيراً إلى أنه لا يوجد اختلاف عن الجلسات السابقة في حركة السوق اليوم، خصوصاً بعد تداول سهم أرامكو، حيث لا تزال محافظة على سيولتها وأدائها.
وعن الحركة السعرية لسهم أرامكو، يرى الرشيد صعوبة توقع حركة السهم كونه حديث الإدراج، بخاصة إذا كان الإدراج بحجم أرامكو، ومع افتتاح السهم بالحد الأقصى ارتفاعاً ووجود طلبات قوية للشراء بنحو 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار)، ستعزز من إمكانية مواصلة الارتفاع في جلسة الغد، في حال لم تتم تلبية الطلبات اليوم، وخلال الأسبوع المقبل قد ينضم سهم أرامكو إلى المؤشرات العالمية، ما يزيد الطلب عليه من قبل المستثمرين الأجانب، وهذا سيدعم تحسن سعر السهم، ومع وجود سياسة لتوزيع الأرباح لفترة خمس سنوات، وعلى الأجل المتوسط أو الطويل سيتحرك السهم وفقاً للعوامل الأساسية، وستلعب أسعار النفط دوراً في تحرك السهم، ومع اتفاق "أوبك+" على زيادة خفض الإنتاج من المرجح أن تحافظ أسعار النفط على مستوياتها الحالية أو تزيد، وفي حالة انتهاء الحرب التجارية الأميركية الصينية سنجد أسعار النفط حافزاً إضافياً، مما يمكنها من الوصول إلى مستويات أعلى، والتي بلا شك ستنعكس على سعر سهم أرامكو.
هل تتأثر إيرادات السعودية بطرح "أرامكو"؟
وفي تصريحات سابقة، كشف وزير المالية السعودي، محمد الجدعان أن "الإيرادات النفطية للسعودية لن تتراجع جراء الاكتتاب في أرامكو"، موضحاً أن "الشيء الوحيد الذي سيختلف هو أن نسبة 1.7% تقريباً من الأرباح ستكون إلى المستثمرين الجُدد أو الجمهور، وأما الباقي فيما يتعلق بالريع أو الضريبة أو الأرباح سيأتي إلى الحكومة، وبالتالي لن يكون هناك انخفاض يذكر".
وكان من المتوقع أن تبيع أرامكو 5% من أسهمها في السوق المالية المحلية وبورصة أجنبية لم تتحدّد، لكنّها أعلنت أخيراً أن خطط الطرح خارج السعودية مؤجّلة.
ويبلغ رأسمال أرامكو 60 مليار ريال (16 مليار دولار)، مقسّمة على مئتي مليار سهم.، وباعت أرامكو ثلاثة مليارات سهم في البداية، ثم قرّرت بيع 450 مليون إضافية، وحقّقت الشركة العملاقة أرباحاً صافية بلغت 111 مليار دولار في العام الماضي، لتتفوق على أكبر خمس شركات نفطية عالمية، وبلغت عائداتها 356 مليار دولار.