أعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات في الجزائر أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية وصلت إلى 33% حتى الآن، وكان رئيس الهيئة محمد شرفي أعلن أن نسبة المشاركة بلغت 20،43% في الساعة الثالثة (الثانية بتوقيت غرينيتش) بينما كانت 7،92 في الساعة الحادية عشرة. وبالمقارنة مع نسبة المشاركة في آخر انتخابات رئاسية سنة 2014 فإن النسبة بلغت 23،25% في الساعة الثانية بينما كانت النسبة النهائية 50،7%. وتبقى نسبة المشاركة أولية، بانتظار الإعلان عن النسب النهائية مساء اليوم الخميس.
وبعد حوالى 10 أشهر من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة وغير المسبوقة، وفي ظل توقعات بتسجيل نسبة مقاطعة واسعة، بدأ الجزائريون التصويت في الانتخابات الرئاسية لاختيار خلف للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي استقال في أبريل (نيسان) الماضي، تحت ضغط الشارع.
وفتح حوالى 61 ألف مركز تصويت عبر أنحاء البلاد أبوابه كما كان متوقعاً عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (7:00 بتوقيت غرينيتش) بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
ويلف الغموض هوية الرئيس المقبل للجزائر الذي يتسابق فيه كل من رئيسي الحكومة السابقين عبد المجيد تبون، وعلي بن فليس، بالإضافة إلى رئيس حزب جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، ورئيس حركة البناء الإسلامية عبد القادر بن قرينة، بالإضافة إلى وزير الثقافة الأسبق في عهد بوتفليقة، عز الدين ميهوبي.
وصوّت المرشحون الخمسة في مراكز الاقتراع مستعطفين الكتلة الناخبة للتصويت لمصلحتهم، وتعهّد كل واحد منهم بتحسين أوضاع البلاد بمجرد دخوله قصر المرادية (قصر الرئاسة).
وعلى أمتار من تكميلية باستور، منعت الشرطة باستخدام العصي تظاهرة لعشرات الأشخاص بدأوا بالهتاف "لا انتخابات مع العصابات". ولاحقت الشرطة المتظاهرين وأوقفت ثمانية أشخاص من بينهم امرأة.
وفي "ساحة البريد المركزي" في قلب العاصمة التي ارتبط اسمها بالحراك، فرّقت أجهزة الأمن تجمعاً شعبياً هتف فيه المتظاهرون "مكاش انتخابات مع العصابات"، وسط "هستيريا الشارع"، وفق ما لحظته "اندبندنت عربية".
ونجح محتجون في فك الحصار المفروض عليهم في شارع ديدوش مراد في العاصمة، وبدأوا بالتجمهر استعداداً لمسيرة دعا إليها الحراكيون.
وشهد المركز ذاته إقبال شخصيات بارزة من النظام الجزائري، على غرار رئيس البرلمان سليمان شنين المنتمي إلى حركة البناء الوطني الإسلامية التي ترشح باسمها عبد القادر بن قرينة.
وصرح شنين إلى الصحافيين أن الانتخابات الرئاسية هي الحل الأنسب والأقل كلفة للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد، معتبراً أن مطلب الشارع بتطبيق نص المادتين 7 و8 سيجسّد حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره وانتخاب مَن يراه مناسباً.
ويتجنب القائمون على العملية الانتخابية الظهور عبر وسائل الإعلام مخافة التعرض لغضب الشعب وانتقاداته. ويقول محمد.س الذي رفض التقاط صور له بالمكتب الانتخابي، "التخوين سيلاحقني في حال ظهوري، حتى أهلي لا يعلمون أنني هنا"، مضيفاً "أبي يرفض تماماً الانتخابات ولن يكون راضياً عن عملي في هذا اليوم".
أما أحمد (80 سنة) الذي التقته "اندبندنت عربية" أمام مدخل أحد المراكز الانتخابية، فقال "أولاً أنا جزائري وهذا وطني أحافظ عليه، والانتخاب واجب حتى نقطع الطريق أمام الذين يسعون إلى الفوضى ويموّلونها". وأضاف "علينا أن نُخرِج البلاد من الوضع الذي تعيشه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وانضمت القنوات التلفزيونية الحكومية والخاصة، في تغطية مباشرة للمرشحين الخمسة للرئاسة وهم يدلون بأصواتهم في مراكز الاقتراع، كما فتحت نقاشات مع محللين يدعمون طرح السلطة في تنظيم الانتخابات، في حين استنكر المحتجون ما وصفوه بـ "إقصاء" التظاهرات السلمية والعنف المُمارَس ضدهم، من التغطية الإعلامية.
ولم يجد هؤلاء غير مواقع التواصل الاجتماعي، لتوثيق ونشر ما يحدث في قلب العاصمة والمناطق الأخرى التي تشهد حركات احتجاجية.
وشهدت منطقة القبائل التي تضم محافظات عدة في شرق البلاد، توتراً كبيراً ونشر ناشطوها فيديوهات تظهر الأجواء المشحونة التي طبعت الساعات الأولى من الانتخابات، إذ أغلق محتجون مراكز الاقتراع واستحوذوا على الصناديق وألقوا بصور المرشحين معتبرين أن ذلك حق لهم، بعدما فرضت السلطة الفعلية خريطة طريقها من دون الاكتراث إلى مواقفهم بتغيير النظام وإرساء دولة الحق والقانون. ولمنطقة القبائل تاريخ طويل في المعارضة السياسية في الجزائر، على اعتبار أنها شهدت منعرجات عدة راسخة في تاريخ البلاد، وغالباً ما تُسجَل فيها نسبة اقتراع ضئيلة جداً في كل المواعيد الانتخابية سواء كانت رئاسية أو برلمانية.
وفي خطوة مفاجأة أثارت الرأي العام، أدلى الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة (82 سنة)، بصوته، وظهر شقيقه ناصر في مدرسة البشير الإبراهيمي، بالأبيار، القريبة من مكان سكنه بالعاصمة، وعرض بطاقة انتخاب شقيقه، الذي كلّفه بالتصويت نيابة عنه.
وأزاحت الثورة الشعبية المستمرة، بوتفليقة عن الحكم في 2 أبريل (نيسان) الماضي، عقب محاولة محيطه فرض ولاية رئاسية خامسة ما استفز الشارع في حراك 22 فبراير، للوقوف بوجه تمريرها.
وتصرّ قيادة الجيش على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للخروج من الأزمة السياسية والمؤسساتية التي تعصف بالبلاد، مقابل رفض تام لأي حديث عن مسار "انتقالي" مثلما اقترحت المعارضة والمجتمع المدني لإصلاح النظام وتغيير الدستور الذي أضفى الشرعية على إطالة أمد حكم عبد العزيز بوتفليقة.
يُذكر أن الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو (تموز) الماضي، أُلغيت بسبب غياب مرشحين، ليبقى على رأس الجزائر منذ ذلك الحين رئيس موقت قليل الظهور هو عبد القادر بن صالح، الذي انتهت ولايته القانونية منذ خمسة أشهر، وحكومة تصريف أعمال عينها بوتفليقة قبل يومين من استقالته، برئاسة نور الدين بدوي أحد الموالين له.
ورأى مراقبون أن رئيس أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح "لا يريد أن يتحمل مسؤولية التوقعات الاقتصادية السلبية على نحو متزايد... هو يفضّل أن يكون هناك رئيس منتخب سيجد نفسه على خط المواجهة (مع الحراك) وسيكون أمامه مهمة لا يُحسد عليها هي إصلاح الاقتصاد" في أكبر دولة في القارة الإفريقية، تعدّ أكثر من 40 مليون نسمة.