أثار قرار منع تسجيل الأسماء الأمازيغية الذي أعلنت عنه مصلحة الأحوال المدنية التابعة لحكومة الوفاق، والتي تتخذ من العاصمة الليبية طرابلس مقراً لها، موجة غضب في صفوف المكون الأمازيغي الذي يتوزع على مناطق ليبية عدة، كجبل نفوسة ونالوت ومدينة زوارة وطرابلس، حيث اعتبر كنوع من أنواع التمييز والعنصرية ضدهم.
وكانت مصلحة الأحوال المدنية في الجهة الغربية (باعتبار أن ليبيا منقسمة إلى غرب وشرق)، أعلنت منع استعمال الأسماء غير العربية (الأمازيغية) مطلع الشهر الحالي وفق المادة 3 من القانون رقم 24 لعام 2001.
وأكدت ضرورة معاقبة كل من يخالف أحكام المادة 4 من القانون ذاته، بغرامة مالية تقدر بـ 1000 دينار ليبي.
خطوة وصفها الأمازيغ بغير القانونية، لا سيما أنها تتجاوز التحويرات التي أدخلت على قانون السجل المدني بعد سقوط نظام معمر القذافي.
عقاب عنصري
ووصف إدر (اسم أمازيغي يعني آدم) الإجراء بمثابة إعلان حرب باردة ضد مكوّن الأمازيغ الذي يمثل قرابة 10 في المئة من سكان ليبيا ويتوزعون على مدن جبلية (نالوت وجادو جبل نفوسة) وساحلية (زوارة) والعاصمة طرابلس.
وقال "ألا يكفي حرماننا من دسترة وتعليم اللغة الأمازيغية التي ينص عليها الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي بتاريخ 3 أغسطس (آب) لعام 2011 والذي يؤكد أن الدولة الليبية تكفل الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ وغيرها من المكونات".
ووصف القرار "بالعنصري"، محذراً من توسع رقعة الانقسامات في البلد التي كانت قد بدأت الانقسامات السياسية والعسكرية والمالية فيه، ويبدو أنها ستتعمق الى الانقسامات الثقافية (أمازيغ وتبو وطوارق).
وتساءل عن الضرر الذي يمكن أن يلحقه مثلاً اسم أزم (الأسد) أو اسم تيليلا وتعني الحرية.
مناورة سياسية
في المقابل، ترى ناجحة حمودة عضو المجلس البلدي بنالوت (أمازيع الجبل)، أن هذا الإجراء تقف وراءه أطراف سياسية هدفها تضييق الخناق على الأمازيغ باعتبارهم يساندون حكومة الوفاق الوطني في حربها ضد قوات المشير خليفة حفتر.
وأوضحت "هذه جريمة تستهدف الإرث التاريخي الذي تركه لنا أجدادنا ولن نهدأ حتى نفتك حقوقنا كاملة، الأمازيغ هم السكان الأصليون لليبيا".
وأشارت إلى أن ليبيا اسمها الأصلي هو ليبو وهو اسم أمازيغي، مطالبة المنظمات الوطنية والدولية بضرورة مساندة الأمازيغ لحماية هويتهم التي همشها الزعيم السابق معمر القذافي ولم تنصفها ثورة فبراير.
كما طالبت بعدم الاستسلام للقرار ومواصلة تسمية المواليد الجدد بأسماء أمازيعية حفاظاً على الإرث الحضاري الأمازيغي، كمكسب إنساني ومكون رئيسي من مكونات الهوية الليبية.
التعديل هو الحل
في المقابل، أصدر المؤتمر الوطني العام (أول جسم تشريعي منتخب إثر سقوط نظام معمر القذافي) قانون رقم 18 عام 2013، اعترف فيه بالأمازيغ والطوارق والتبو كمكونات ثقافية ليبية، ملزماً جميع الجهات باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القانون.
قانون اعتبره رئيس المنظمة الليبية للحفاظ على الهوية الوطنية محمد شوبار، مجرد حبر على ورق لأنه لم يدخل حيز التنفيذ. وأضاف أن الإجراء الذي أقرته مصلحة الأحوال المدنية بمنع الأسماء الأمازيغية هو قانوني ويستند إلى قانون رقم 24 لعام 2001 والذي يمنع استعمال الأسماء غير العربية.
وأوضح أن مثل هذه الممارسات من شأنها تشويه فسيفساء الهوية الليبية التي لا يمكن أن تكتمل، إلا بحضور الثقافة الأمازيغية والطارقية والتباوية.
وشدد على ضرورة احترام جميع الأعراق، تجنباً لاشتعال نار الفتنة في البلد على أسس ثقافية، خصوصاً أن المخزون الثقافي يرتبط بالأمن القومي.
واقترح شوبار الإسراع في تعديل قوانين مصلحة الأحوال المدنية بما يضمن لكل مكون ثقافي ليبي جميع حقوقه.
ويعيش أمازيغ ليبيا حالة صراع مع الحكومات المتعاقبة على ليبيا منذ اندلاع ثورة فبراير من أجل ضمان حقهم في دسترة لغتهم وإنهاء مختلف أشكال التميز ضدهم مؤكدين حقهم في تقرير مصيرهم حتى لو اضطروا للانفصال.