أفلت ييغور جوكوف، 21 عاماً، للتوّ من مخالب العدالة الروسية ونجا من حكمٍ متوقّع بالسجن لأربعة أعوام.
ولكن اتسمت نبرة الكلمة التي القاها الطالب المدوّن في مئات من أنصاره من على درج محكمة مقاطعة كونتسيفو في موسكو، بالتحدي. وقال أواخر الاسبوع الماضي "لا تفصلوا هذه القضايا عن السياسة لأنّ الأمر مرتبط بالكامل بالسياسة. لقد حوّلوا قاعات المحاكم إلى مؤسسةٍ للقمع. علينا محاربة ذلك."
وشكّل الحكم على جوكوف بالسجن لثلاثة أعوام مع وقف التنفيذ، واحداً من أربعة أحكامٍ مخففة بطريقةٍ غير متوقعة على شباب كانوا قد شاركوا باحتجاجات في موسكو. وإذ أصدر القضاة أحكاماً بالإدانة في القضايا كافة ، فقد فرضوا غرامات على المذنبين أقل بكثير ممّا طالب به المدّعون العامون.
وأُطلق سراح بافيل نوفيكوف، 32 عاماً، لقاء غرامةٍ بلغت 120 ألف روبل (15000 جنيه استرليني). وكان يخضع للمحاكمة بسبب إصابته عنصر شرطة "بجروح" في مسيرة الاحتجاج بتاريخ 27 يوليو (تموز) الماضي في موسكو. وعُرض شريط فيديو ظهر فيه المتهم وهو يلقي زجاجة مياه صغيرة باتجاه الشرطيّ. وطالب المدّعون العامون بإنزال عقوبة السجن ثلاثة أعوام ونصف العام به.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحُكم على فلاديمير يميليانوف، 27 عاماً، بالسجن لعامين مع وقف التنفيذ. واعتُقل الشاب لأنه أبعد عن المشاركين في المسيرة المذكورة آنفاً نفسها شرطياً كان يلوّح بهراوته مهدداً إياهم. وطالب المدّعون العامون فرض عقوبة بالسجن عليه لأربعة أعوام، على الرغم من قول الشرطي في سياق إفادته إنه "ليس لديه أيّ شكاوى متعلّقة بالمدّعى عليه".
وعلى نحوٍ غير اعتيادي، أعلنت القاضية أنّها ستأخذ "الظروف التخفيفية" بعين الاعتبار بسبب إعالته جدّته ووالدتها الطاعنتين في السنّ وأنّها ستطلق سراح يميليانوف بشكلٍ مشروط. وفور إعلان الحكم، سارع الشاب إلى معانقة جدّته التي كانت تشاهد الجلسة بتوتّرٍ بارز وفي يدها مسكّنات.
وفي القضيّة الرابعة، حُكم على نيكيتا كريستوف بالسجن بتهمة الاعتداء وذلك لمشاركته بالتدافع خلال الاشتباكات. ولكن خُفّضت غرامته بشكلٍ كبير وصدر بحقّه حكم بالسجن سنةً واحدة عوضاً عن أعوام ثلاثة ونصف العام طالب بها المدّعون العامون.
وفي وقتٍ لاحق، أعلن المدّعون العامون عن إسقاطهم التهم الموجّهة إلى مدّعى عليه خامس هو سيرغي فومين.
يُذكر أنّه خلال الأشهر الأربعة الأخيرة منذ اندلاع الاحتجاجات بشكلٍ مفاجىء في موسكو، اعتمدت السلطات على مصادر الشرطة الشاملة فيما يتعلّق بجيل الشباب المحتجّين في روسيا. وكُلّف 90 محققاً عاماً بمتابعة ما عُرف بإسم قضية موسكو. ويمثل هذا العدد الاجمالي زيادة قدرها 50% عن العدد الذي نُشر في أعقاب الهجوم الإرهابي على مدرسة بسلان عام 2004.
كان التكتّل الأمني في البداية عازماً على تشديد الأحكام والبطش بالمحتجين. وخلال فترةٍ قصيرة، فرضت المحاكم أحكاماً بالغة القسوة على ستّة شبان، ففي إحدى الحالات حُكم على المتهم بالسجن خمسة أعوام لنشره تغريدة.
غير أنّ الاستنكار الشعبي أجبر السلطات على إسقاط ستّ قضايا أخرى. كما دُفع الكرملين إلى إبطال الحكم في قضيّة الممثل الشاب بافيل أوستينوف، 23 عاماً، والذي سُجن لمقاومته التوقيف على الرغم من بروز مشاهد تُظهر أنّه كان ضحيّة اعتداءٍ لامبرّر له من جانب الشرطة.
وأظهرت الأحكام الصادرة يوم الجمعة الماضي أنّ الكرملين أصبح يخشى أن تؤدي استراتيجيته الصارمة إلى دفع المحتجين على طريق التطرف. وبالتالي، يبدو أنّ قضيّة ييغور جوكوف الذي كان أبرز المحتجّين ممن حكمت عليهم المحكمة يوم الجمعة الماضي، تسلّط الضوء فعلاً على هذه المخاوف. فقبل أن تلفت فيديوهاته "المتطرّفة" على موقع يوتيوب والتي ينتقد فيها الكرملين انتباه الحكومة الروسية، لم يكن طالب العلوم السياسية سوى مدوّن مغمور.
ومنذ ذلك الحين برز جوكوف كقائد محتمل للمعارضة. وانتشرت كلماته الأخيرة في المحكمة التي تتصف بالتحدي على نطاقٍ واسعة قبل صدور الحكم عليه، واعتبرها البعض دعوة للمزيد من التظاهرات. و\فقد قال الشاب "لقد مُنحت الفرصة لخوض هذه المحاكمة، بل هذه المعاناة، بإسم القيم العزيزة على قلبي.. حضرة القاضي، في نهاية المطاف، بقدر ما سيكون مستقبلي مخيفاً سأبتسم أكثر وأنا ذاهب إليه."
© The Independent