لعل أحد الملامح البارزة في الثقافة اليومية المعاصرة يتمثل في اهتمام الأفراد بالسمنة والوزن الزائد والطعام وغيرها. ثمة خيط يمتد بين تلك المتفرقات يتمثّل في الحميّة الغذائية. هناك ضجيج يومي بشأن نوع الحمية الذي يقدر أن يعطي الجسم صحة جيدة. في ذلك السياق، تبرز أنماط الأكل المستندة الى النبات أو التي تعطي الأولوية للطعام الآتي من النباتات. ولا يقتصر ذلك على تناول الخضروات والفواكه، بل يشمل المكسّرات والحبوب والزيوت والقمح الكامل والبقوليات وأنواع الفاصوليا. ولا تفترض الحمية النباتية بالضرورة أن تكون نباتيًّا أو نباتيًّا حصريًّا لا يتناول سوى النبات، أو تمتنع عن أكل اللحوم والحليب والألبان ومشتقاتها. بالأحرى، يتعلَّق الأمر بأن تزيد نسبة الطعام الآتي من مصادر نباتية في غذائك اليومي.
ما هي الدلائل على أن أنماط الأكل المستندة إلى النبات، مفيدة للصحة؟ لقد اشتغل خبراء في التغذية على بحوث تتعلق بأنماط الطعام المعتمدة على النبات مثل حمية بلدان البحر الأبيض المتوسط والحميَّات النباتية. إذ تشكّل النباتات القاعدة التي يستند إليها نمط التغذية [= الحمية] في بلدان البحر المتوسط، لكنها تشمل أيضًا السمك والبيض والدواجن والجبنة واللبن، ويجري تناول تلك الأنواع بضع مرات في الأسبوع، إضافة الى كميّات قليلة من اللحم الأحمر والحلويات.
وعبر بحوث شملت قطاعات واسعة من الجمهور واخرى ركّزت على دراسة مجموعات يجري اختيارها عشوائيًّا وتُدرَسْ عياديًّا، تبيَّن أن حمية المتوسط تفيد في خفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وأنواع معيّنة من السرطان (خصوصاً تلك التي تصيب القولون والثدي والبروستات) والكآبة والاضطراب الصحي المسمّى "ظاهرة التمثّل الغذائي" Metabolic Syndrome التي تتمثل في وجود استعداد للإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم والبدانة الزائدة. وكذلك تساعد الحمية المتوسطية كبار السن إذ تخفض معدل تواهن الجسم وتُحسِّن الوظائف العقلية والجسدية.
وعلى غرار ذلك، ثبت أن الحميات النباتيّة تدعم الصحة، وتخفض مخاطر الإصابة بالسكري وأمراض الشرايين التاجية [وهي الأوعية الدموية التي تغذي عضلة القلب نفسها]، وارتفاع ضغط الدم، كما تزيد معدلات الأعمار.
وفي تفاصيل مهمة، تقدّم الحمية النباتية للجسم ما يلزمه من البروتينات والدهون والنشويات والفيتامينات والمعادن، بكميات تتناسب مع التمتع بصحة جيّدة. وفي غالب الأحيان، تحتوي الحمية النباتية كميات وافرة من الألياف والمواد المضادة للأكسدة والمُقاوِمَة للالتهابات. في المقابل، قد يحتاج بعض من يتَّبِع حمية نباتية متشددة ولا يأكل سوى النباتات، إلى إضافة مكمّلات غذائية (تحديدًا الفيتامين "ب 12") لضمان حصولهم على كل ما يلزمهم من المُغذيات.
تأتي الحميات النباتية في أشكال وتنويعات كثيرة، ويفترض بك أن تختار نسق الحمية النباتيّة الذي يلائمك أكثر من سواه.
الحمية شبه النباتية أو النباتية المرنة. تسمح بتناول البيض والحليب ومنتجات الألبان، وأحيانًا شيئاً من اللحوم والدواجن والأسماك وأطعمة البحر.
الحمية الانتقائيّة (تعرف بمصطلح "بسكاتاريان" Pescatarian) التي تتيح تناول البيض والأسماك وأطعمة البحر، لكنها تحظر تناول اللحوم والدواجن.
الحمية النباتية التقليدية (يشار إليها أيضًا باسم "لاكتو- أوفو فيجتاريان" lacto-ovo vegetarian)، تتسامح حيال تناول البيض ومشتقات الحليب والألبان، لكنها تحظر اللحوم والدواجن والأسماك وأطعمة البحر.
الحميّة النباتية الصارمة/الحصرية (تسمّى "فيجان" Vegan).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما يلي بعض الإرشادات التي تفيدك في حال رغبت في تبني الحمية النباتية.
إحرص على تناول كميات كبيرة من الخضروات. ليكن نصف طبقك في وجبتي الغداء والعشاء، مملوءً بالخضار. استمتع بأكل الخضار مع الوجبات الخفيفة كالحمص والصلصة والحبوبا (= "غواكامول" المكوّن من خليط الأفوكادو المهروس والبصل المقطع والطماطم والبهار وغيرها).
غيِّر طريقة تفكيرك باللحوم. تناولها بكميات أقل. استخدمها كمكون إضافي في الطعام وليس كركيزة أساسيّة فيه.
انتق الدهون المفيدة. إن الدهون الموجودة في زيت الزيتون والمكسرات وزبدة المكسرات والحبوب والأفوكادو، تمثّل خيارات مفيدة جدًا للصحة.
احرص على طهو وجبة نباتية ولو مرّة في الأسبوع. وليكن محور تلك الوجبة من الفاصوليا والحبوب الكاملة والخضار.
ليكن فطورك محتويًا على الحبوب الكاملة. بإمكانك أن تبدأ بأنواع مثل دقيق الشوفان والكينوا والحنطة السوداء والشعير. في خطوة تالية، تستطيع إضافة المكسرات والحبوب مع الفواكه الطازجة.
تحوّل صوب الأخضر. جرِّب مجموعة متنوعة من الخضار ذات الأوراق الخضراء كالسبانخ واللفت والكولاردس والسِلْقْ وغيرها من النباتات الخضراء. بامكانك طهوها باستعمال البخار أو الشوي أو التدميس (الهرس الخفيف) أو التقليب في المقلاة، كي تحافظ على المُغذيات والنكهة.
إصنع وجبة يكون مركزها طبق السلطة. إملأ طبقًا عميقًا بالمكوّنات الخضراء للسلطة كالسبانخ والخس والخس الإفرنجي والأوراق الخضراء الضاربة الى الحمرة. أضف إلى تلك المكوّنات مجموعة من النباتات مع الفاصوليا والبازلاء والتوفو وغيرها.
تناول الفواكه بدلًا من الحلويات. بعد وجبة الأكل، تناول شريحة طازجة منعشة من البطيخ، أو أقضُم تفاحة. سيتكفل ذلك بإشباع رغبتك في تناول شيء حلو المذاق بعد الأكل.
مع مرور الوقت، يصبح تناول أطعمة الحمية النباتية طبيعة ثانية لديك.