زيارة الموفد السعودي الى لبنان نزار العلولا جاءت في التوقيت السعودي المناسب. فما هو تفسير الزيارة؟ وهل فعلاً جاء للتهنئة بالحكومة الجديدة ام المهمة أبعد من ذلك؟ "اندبندنت عربية" علمت ان الزيارة تصب في الاتجاه السعودي القائم على تأسيس توازن داخلي لبناني يواكب الكباش الإقليمي. اما التزامن الذي حصل بين قدوم الموفد السعودي وزيارة وزير خارجية إيران أحمد ظريف قبله بثلاثة ايام، فكان العلولا واضحاً في التأكيد بأن "المسار الايراني يختلف تماماً عن مسار السعودية، وبالتالي ليس هناك أي تنافس. ولكل مساره".
عودة إلى دائرة الاهتمام السعودي
وزيارة العلولا هي الثالثة إلى بيروت منذ تسلمه الملف اللبناني، الأولى في فبراير (شباط) 2018 سبقت الانتخابات النيابية في محاولة لتثبيت التحالف بالحد الأدنى بين حلفاء الخط السيادي، والثانية تلت تكليف الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية، وحاول خلالها إعادة وصل ما أحدثته الانتخابات النيابية من شقوق في صفوف قوى الـ 14 من آذار (المناهضة لسوريا)، وخصوصاً بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، أما هذه الزيارة وهي الثالثة واللافتة بشكلها وجدول لقاءاتها، فعكست دعم السعودية للقوى السيادية اللبنانية من خلال دعمها للدولة ومؤسساتها الرسمية، وتكللت بإعلان رفع حظر سفر السعوديين إلى لبنان..
الرسالة السعودية
وكانت الرسالة السعودية الأهم مشاركة العلولا في مؤتمر مشترك بين تيار المستقبل الذي يتزعمه الرئيس سعد الحريري والسفارة السعودية في لبنان، تركزت مداولاته على اتفاق الطائف وتكريم رجالاته، وذلك للمرة الأولى منذ توقيعه عام 1989 في مدينة الطائف السعودية، فأتى الاحتفال ليعبّر عن تمسك السعودية بالدستور اللبناني الضمانة الوحيدة للبنانيين، والذي نصّ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، فكان رداً صريحاً على كل ما قيل ويقال، وما يُخطط له عن تغيير للنظام. وفي هذا الإطار حرص العلولا على إبقاء أواصر التواصل بين ثلاثي الحريري وجعجع وجنبلاط، وهو نصح جنبلاط العاتب على الحريري بحل الخلافات مع رئيس الحكومة ضمن الغرف المغلقة وليس في الاعلام.
ومما لا شك فيه أن الزيارة أحدثت توتراً لدى حلفاء إيران في لبنان واصدقائها، لأنها أتت في سياق أربعة أحداث سياسية بارزة:
اولاً: أُبلغ المسؤولون اللبنانيون موقفاً عربياً رسمياً قاطعاً بشأن رفض عودة بشار الاسد الى الجامعة العربية ونشاطاتها.
ثانياً: انعقاد مؤتمر وارسو الدولي والاقليمي للجم الدور الايراني في المنطقة.
ثالثاً: مغادرة وزير خارجية إيران لبنان خائباً بعد تبلغه من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة رفض لبنان الاسلحة الايرانية والمساعدة في ملفَيْ الكهرباء والدواء تجنبا للعقوبات الأميركية.
ورابعاً: قرار اميركي في تزويد الجيش اللبناني مساعدات عسكرية جديدة.
الزيارة سعودية لم تقتصر على البُعد السياسي، بل تعدَّته الى المجال الاقتصادي، من خلال إعادة إحياء اللجنة المشتركة بين البلدين التي تُرك لها قرار المساهمة في مؤتمر سيدر والاستثمارات. وهذه الخطوة إضافة الى قرار رفع حظر السفر من شأنهما تحريك الوضعين المتعثرين في لبنان: الجمود السياسي والازمة الاقتصادية