أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، عن قرب انتقال ليبيا إلى مرحلة جديدة، مؤكداً وجود "إجراءات جديدة في القريب العاجل" بشأن سحب الاعتراف الدولي من حكومة الوفاق.
وقال صالح في كلمة نشرها الموقع الرسمي لمجلس النواب، عقب عودته من جولة في الخارج، إن "البلاد في القريب العاجل ستشهد إجراءات جديدة للانتقال من هذه المرحلة إلى مرحلة أخرى". وبينما أكد صالح استمرار الجيش في مهمته الحالية لـ "تحرير طرابلس من قبضة المليشيات"، قال "التقيت رئيس البرلمان العربي في القاهرة وطالبنا بسحب الدول العربية اعترافها بحكومة السراج، وتلقينا وعداً بعقد جلسة في منتصف يناير (كانون الثاني) 2020، بحضور ممثلين عن مجلس النواب، لإنهاء الاعتراف بحكومة الوفاق غير الشرعية".
انتهاء ولاية حكومة السراج
وأشار صالح إلى رسائل وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه في ليبيا وإلى الدول الخمس الكبرى وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، شدد فيها على "عدم مشروعية الاتفاقية الموقعة بين السراج وتركيا لأسباب عدة".
وفصّل صالح تلك الأسباب بـ "انتهاء ولاية حكومة السراج، وقرارات المجلس الرئاسي التي يجب أن تكون بالإجماع، بالإضافة إلى أن حكومة الوفاق مرفوضة مرتين من قبل مجلس النواب ولم تمنح الثقة ولم تؤد اليمين الدستورية".
وقد لمس صالح تجاوباً إيجابياً حين أكد رئيس مجلس النواب المصري اعترافه بـ "مجلس النواب الليبي كسلطة شرعية فعلية وحيدة في ليبيا، ويجب التعامل معها فقط". كذلك يؤكد صالح أن "هناك تفهّماً دولياً كبيراً كان آخره لقاؤه مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، الذي أوضح للمبعوث الأممي أن من يحكم ليبيا لابد أن يصل عبر الليبيين أنفسهم"، في إشارة الى أن السراج جرى اختياره من قبل البعثة الأممية خلال ولاية المبعوث السابق برنارينو ليون.
حالة انقسام
لكن ذلك غير كاف، بحسب المهتم الليبي بالشأن السياسي حسين مفتاح، فـ "مجلس النواب نفسه يعيش حالة انقسام، إذ يعقد عدد من النواب جلسات في طرابلس وانتخبوا رئاسة موالية للسراج ومعسكر طرابلس"، لافتاً إلى أن القاهرة التي أعلنت اعترافها بشرعية مجلس النواب فقط من دون غيره، فشلت مرتين خلال أكتوبر (تشرين أول) الماضي، في جمع النواب الليبيين لتوحيد المجلس.
ويقول برلماني مقرب من سلطة طرابلس لـ "اندبندنت عربية"، إن "صالح وعدداً من النواب المعارضين لشرعية حكومة الوفاق، يسعون إلى عقد جلسة بنصاب قانوني لتشكيل حكومة وحدة وطنية"، كاشفاً النقاب عن نجاح نسبي لإقناع عدد من النواب المجتمعين في طرابلس بهذا المسار.
وليس لدى مجلس النواب سبيل آخر لسحب الاعتراف بحكومة "الوفاق"، بحسب مفتاح، غير تشكيل حكومة جديدة تحظى باعتراف دولي، "لكن ذلك يتوجب أن يكون برعاية البعثة الأممية التي لن تعمل عكس رغبات دول كبرى لا تزال ترى في بقاء حكومة الوفاق مصلحة وتخشى عدم توافق الليبيين على حكومة جديدة".
لا اعتراف بشرعية أخرى
ويشير مفتاح إلى وجود قرار من مجلس الأمن لا يعترف بشرعية أخرى لأية حكومة غير "حكومة الوفاق"، ويصف الأجسام السياسية الأخرى بـ "الموازية"، مضيفاً "حتى قرار مجلس النواب بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي وتعيين غيره لم يُعترف به دولياً، وعلى الرغم من أن الحكومة فقدت خمسة من أعضائها وقراراتها لا تصدر بالتوافق حتى بين من تبقى منها، إلا أن المجتمع الدولي لا يزال يعترف بها".
وفي وقت يرى منصور سلامة رئيس الجمعية الليبية لدراسة السياسات، صعوبة تمكّن مجلس النواب من تحشيد دولي للقبول بطلبه وإسقاط حكومة "الوفاق"، إلا أنه يرى أن هذا التوجه كاف للتشكيك فيها لدى حكومات العالم.
وتبرز أهمية تحرك مجلس النواب، وفق سلامة، من مستجدات الوضع في ليبيا، خصوصاً ما يتعلق بتحالفها مع تركيا ودخولها في أزمة دبلوماسية مع عدد من دول المتوسط كاليونان ومصر وفرنسا وإيطاليا.
ويتابع سلامة "الوضع الذي حشرت فيه حكومة الوفاق نفسها بتحولها لطرف في الصراع، نزع عنها صفة الوفاق الوطني التي تحملها، وعرّضها لانتقادات حادة بشأن علاقتها بالمجموعات الإرهابية التي تبنتها كقوة تقاتل الجيش".
وهو يعتقد أن "الحكومة بالفعل تعيش أيامها الأخيرة مع اقتراب الإعلان عن موعد المؤتمر الدولي في برلين، الذي سيحدد موقف المجتمع الدولي مما يحدث في ليبيا".
"شرعنة" مجموعات إرهابية
ويرجح سلامة أن يتجاوز المجتمع الدولي كل الهياكل السياسية التي أفرزها اتفاق الصخيرات الموقع في ديسمبر (كانون الأول) 2015 بما فيه مجلس النواب، لكنه يرى أن موقف الحكومة في طرابلس يبدو أشد حرجاً بشأن تورطها في "شرعنة" مجموعات إرهابية.
ونشرت إحدى القنوات الليبية الثلاثاء 17 ديسمبر، قائمة تحمل أسماء 64 شخصاً موجودين في معتقل معيتيقة الذي تسيطر عليه الحكومة، مؤكدة أن القائمة حولتها قوة الردع الخاصة التابعة للحكومة إلى مكتب النائب العام استجابة لضغوط السفير الألماني بطرابلس أوليفر أوفتشا.
وتشمل القائمة أشخاصاً مرتبطين بتنظيم "داعش" و"القاعدة" من جنسيات عربية وأفريقية، ورداً على سؤال "أين الأسماء الليبية المرتبطة بهذه الجماعات الإرهابية"، يقول سلامة "هنا مربط الفرس، والقائمة مجرد تحايل من الحكومة على الطلب الألماني الذي يبدو أن له علاقة بالتحضيرات الألمانية لمؤتمر برلين"، مضيفاً "من دون شك لن يمر هذا التحايل على المراقبين الدوليين، وستقع الحكومة في مواجهة معه وستكون الإطاحة بها قريبة".