استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، الجمعة 20 ديسمبر (كانون الأول)، لمنع تسليم مساعدات إنسانية عبر الحدود في تركيا والعراق لملايين المدنيين السوريين.
وكان القرار الذي أعدته بلجيكا والكويت وألمانيا سيسمح بتمديد مهلة نقل مساعدات إنسانية لمدة عام آخر من نقطتين حدوديتين في تركيا وواحدة في العراق، لكن روسيا حليفة النظام السوري أرادت الموافقة على نقطتي العبور التركيتين لمدة ستة أشهر فقط. واستخدمت روسيا والصين الفيتو ضد مسوّدة القرار في حين أيّدته بقية الدول الأعضاء، وعددها 13 دولة.
ويعدّ هذا الفيتو الرابع عشر لروسيا بشأن قرار يتعلق بسوريا منذ بدء النزاع فيها عام 2011، والفيتو الصيني الثاني خلال أربعة أشهر حول نص يتعلّق بهذا البلد.
وفي سياق متّصل، قُتل أكثر من 80 شخصاً في سوريا منذ الخميس 19 ديسمبر (كانون الأول)، إثر اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل مسلحة في محافظة إدلب شمال غربي البلاد، وهي آخر معقل خارج عن سيطرة دمشق، حسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد، الجمعة 20 ديسمبر، إن 51 مسلحاً قُتلوا في اشتباكات شهدتها محافظة إدلب، أسفرت أيضاً عن مقتل 30 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها. ووقعت الاشتباكات الدموية، المستمرة منذ مساء الخميس، قرب مدينة معرة النعمان التي تسيطر عليها فصائل معارضة مسلحة.
بالتوازي، شنّت الطائرات الروسية الداعمة لقوات النظام، غارات عند أطراف معرة النعمان وسراقب المجاورة، حسب المرصد.
نزوح الآلاف
وأثار تصاعد التوتر في المحافظة موجة نزوح كثيفة للسكان، وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وأحد هؤلاء ياسر إبراهيم الدندنل وعائلته الذين قرّروا الفرار نحو شمال إدلب، حيث سيتوجّب عليهم البقاء في العراء في بساتين الزيتون بسبب افتقارهم للموارد، وفق قوله. وأوضح الدندنل أن "مئات الصواريخ استهدفت معرة النعمان" الخميس، واصفاً الوضع بالـ"سيّئ جداً".
وأفاد سكان وعمّال إنقاذ بأنّ آلاف الأشخاص فروا صوب الحدود التركية، وأن طابوراً طويلاً من السيارات شوهد الجمعة في طريق المغادرة من مدينة معرة النعمان. وقال أسامة إبراهيم، وهو عامل إنقاذ من المدينة، إن "الخروج الجماعي بالآلاف. إنها كارثة إنسانية... نرى أشخاصاً يمشون في الشوارع وآخرين قرب منازلهم ينتظرون سيارات لإخراجهم".
"سياسة الأرض المحروقة"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسلّحون معارضون إن القوات الروسية والسورية تطبّق سياسة الأرض المحروقة في تقدّمها، وإن من بين القرى التي تمّ الاستيلاء عليها أم جلال في جنوب محافظة إدلب وربيعة وحربية في شرق إدلب.
في المقابل، تنفي روسيا والجيش السوري مزاعم القصف العشوائي للمناطق المدنية، قائلين إنهم يقاتلون متشددين يستلهمون نهج القاعدة.
وتهيمن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على محافظة إدلب التي يسكنها نحو 3 ملايين شخص، قسم كبير منهم من النازحين. وكانت إدلب خضعت لاتفاق هدنة في نهاية أغسطس (آب)، غير أنّ الاشباكات تجدّدت منذ أسابيع.
دعوة إلى وقف التصعيد
وفي وقت سابق الأربعاء، ندّدت مستشارة المبعوث الخاص لسوريا للشؤون الإنسانية نجات رشدي بتصاعد العنف، داعيةً إلى "وقف التصعيد فوراً"، وذلك غداة قصف للنظام أودى بحياة 23 مدنياً.
وعلى الرغم من الهدنة التي أعلنتها موسكو، فإن القصف والاشتباكات الميدانية أدت إلى مقتل أكثر من 250 مدنياً منذ نهاية أغسطس، إضافةً إلى مئات المقاتلين من الجانبين، حسب المرصد السوري.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، أكّد رئيس النظام السوري بشار الأسد، في زيارته الأولى إلى المحافظة منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011، أن معركة إدلب هي "الأساس" لحسم الحرب في سوريا، التي تسبّبت بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وخلّفت دماراً هائلاً وشرّدت أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.