توصّلت أكبر دراسة طبّية مقارنة أجريت حتى الآن، إلى أن مادة سيلوسيبين، وهي مكوّن موجود في الفطر السحري يسبّب الهلوسة، يُعدّ مركّبها آمناً للاستهلاك البشري. هذا الاكتشاف وضع الباحثين على بعد خطوة واحدة من تطوير علاج يعتمد على مادة سيلوسيبين لعلاج الاكتئاب.
ولم يواجه المتطوّعون الذين تلقّوا جرعات من المركّب المخدّر أيّ آثار سلبية خطيرة في المرحلة الأولى من التجارب السريرية التي أجرتها جامعة "كينغز كولّيدج لندن" KCL. ويُعدّ سيلوسيبين علاجاً محتملاً متقدّماً لاضطرابات الصحّة العقلية التي يمكن أن تحلّ مكان مضادات الاكتئاب، بحيث تشير بعض الأبحاث إلى أنه يمكن أن يساعد أيضاً أولئك الذين يتعاملون مع مشاكل الإدمان.
ويقول الدكتور جيمس راكر المحقّق الرئيسي في فريق جامعة "كينغز كوليدج لندن" إن "نتائج الدراسة مطمئنة سريرياً وتدعم زيادة تطوير سيلوسيبين ليصبح علاجاً للمرضى الذين يعانون من مشكلات الصحّة العقلية التي لا تتحسّن مع العلاج التقليدي، مثل الاكتئاب المقاوم للعلاج."
ووجد الباحثون أن معظم الأحداث السلبية البسيطة التي تمّ تسجيلها كانت ذات طبيعة مخدّرة متوقّعة، مع وجود تغييرات في الإدراك الحسّي والمزاج، لكن لم تكن هناك آثار سلبية على الأداء الإدراكي والعاطفي. وقارنت المرحلة الأولى من التجارب التي سعت إلى اختبار سلامة المُركّب وليس قيمته العلاجية، آثار جرعات متفاوتة من عقار COMP360 القائم على سيلوسيبين ومهدّئات، ما بين تسعةٍ وثمانين شخصاً من المتطوّعين الأصحّاء.
وكانت جلسات الجرعات قرابة خمسٍ وعشرين في مجموعها. وتقرّر في كل جلسة أن يتلّقى ستةٌ من المشاركين إما عشرة ملليغرامات أو خمسةً وعشرين ملليغراماً من الجرعة، أو من دواءٍ وهمي خلال جلسة فردية مع معالج تدوم نحو ست ساعات، مع فترة متابعةٍ لمدة 12 أسبوعا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحظيت الأبحاث التي أجرتها شركة "كومباس باثوايز"Compass Pathways التي تقف وراء التجربة في ما يتعلّق باستخدام سيلوسيبين كعلاج للاكتئاب، بمتابعةٍ سريعة في الولايات المتحدة، حيث صنّفتها "إدارة الأغذية والدواء" FDA الأميركية تحت عنوان خاص: "علاج شكّل اختراقا".
وتجُرى الآن المرحلة الثانية من الدراسات في جميع أنحاء القارة الأوروبية وأميركا الشمالية التي تشمل مئتين وستة عشر مريضاً يعانون من الاكتئاب الذي لم يستجب للعلاج.
وتصف الدكتورة إيكاتيرينا مالييفسكايا الشريكة المؤسّسة لشركة "كومباس باثويز" هذه الدراسة بأنها "جزء من برنامج التطوير السريري الشامل الخاص بنا في الاكتئاب المقاوم للعلاج". وتضيف: "أردنا أن ننظر إلى ملف تعريف السلامة والقدرة على تحمّل مادة سيلوسيبين، وكذلك إلقاء نظرة على جدوى نموذج يتمّ خلاله إجراء ما يصل إلى ستّ جلسات فردية في الوقت نفسه".
وأضافت الدكتورة مالييفسكايا: "نركّز على الحصول على علاج سيلوسيبين آمنٍ لأكبر عددٍ من المرضى الذين سيستفيدون منه قدر الإمكان. ونحن ممتنّون لعدد من المؤسّسات البحثية الرائدة التي ساعد عملها على مرّ الأعوام في إظهار إمكانات سيلوسيبين في الطب".
وكانت "اندبندنت" قد ذكرت في يونيو (حزيران) الماضي أن المشاركين في التجربة الأولى التي قارنت بين علاج سيلوسيبين ومضادّات الاكتئاب في مركز أبحاث الأدوية المخدّرة الأول في العالم في جامعة "إمبريال كوليدج" في لندن، تحدّثوا عن أنه أثناء العلاج بمادة سيلوسيبين أتيح لهم "الإفراج" عن مشاعرهم و"إعادة التواصل".
وأشار رئيس الدراسة الدكتور روبن كارهارت هاريس، إلى إن هذا هو النقيض القطبي لمضادات الاكتئاب التي يشكو المرضى غالباً من أنها تُبقي عواطفهم "فاترة".
© The Independent