هل ستتمكن المحكمة الجنائية الدولية من فتح تحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية؟
تجدد هذا السؤال فور إعلان رئيسة الادعاء في المحكمة فاتو بنسودا، الجمعة 20 ديسمبر (كانون اللأول) 2019 أنها ستفتح التحقيق بعد تحديد نطاق السلطة القضائية للمحكمة في هذا الشأن، معربة عن ارتياحها "لوجود أساس معقول لمواصلة التحقيق في الوضع في فلسطين".
فرفضُ التحقيق لم يقتصر على إسرائيل التي أعتبر رئيس وزرائها أن المحكمة غير مختصة بالعمل في الأراضي الفلسطينية، بل إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن أن الولايات المتحدة "تعارض بحزم" أي تحرك للمحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل.
وفيما رحب الفلسطينيون بالقرار كشف وزير الخارجية الأميركي، في بيان، أن المدعية "طلبت من قضاة المحكمة الجنائية الدولية تأكيد أن اختصاص المحكمة يشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية و(قطاع) غزة".
وتابع الوزير الأميركي أنه "باتخاذها هذا الإجراء، تعترف المدعية بشكل واضح أن هناك قضايا قانونية جدية بشأن سلطة المحكمة في إجراء تحقيق".
وختم قائلاً "لا نعتقد أن الفلسطينيين مؤهلون كدولة ذات سيادة، ولهذا هم ليسوا مؤهلين للحصول على عضوية كاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية".
قناعة المدعية
ويفتح الإعلان الباب لاحتمال توجيه اتهامات إلى أفراد إسرائيليين أو فلسطينيين، إذ لا يمكن توجيهها إلى الدول.
ولم يتضح بعد متى سيتم اتخاذ قرار، لكن بنسودا قالت إنها طلبت من المحكمة أن "تبت على وجه السرعة" وأن تسمح للضحايا المحتملين بالمشاركة في الإجراءات.
وكانت المدعية العامة في المحكمة طلبت من المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، قبل فتح التحقيق أن تقرر ما هي الأراضي المشمولة ضمن اختصاصها بسبب "فرادة الوضع القانوني والوقائع المرتبطة بهذه الحالة، والخلافات الشديدة حولها".
وأطلقت بنسودا في يناير (كانون الثاني) 2015 تحقيقاً أولياً حول اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، في أعقاب حرب غزة عام 2014.
وقالت بنسودا إن الفحص الأولي لجرائم الحرب المزعومة الذي فتح في عام 2015 أسفر عن معلومات كافية تفي بجميع متطلبات فتح التحقيق.
أضافت في بيان "لدي قناعة بأن... جرائم حرب ارتكبت أو ترتكب في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية وقطاع غزة".
وقالت إنها قدمت طلباً لقضاة المحكمة لإصدار حكم بشأن ولايتها القضائية في هذه القضية بسبب التنازع على الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية.
وتابعت قائلة "طلبت على وجه التحديد تأكيداً أن الأراضي التي يمكن فيها للمحكمة ممارسة صلاحياتها، والتي يمكنني أن أخضعها للتحقيق، تشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية".
واعتبرت أن تحديد المناطق التي تستطيع إجراء التحقيق فيها يجب أن يتم قبل الشروع فيه بدلاً من "الاستقرار عليه لاحقاً من القضاة بعد استكمال التحقيق".
التماسات نتنياهو واستعداد حماس
وقال نتنياهو إن المحكمة غير مختصة بالعمل في الأراضي الفلسطينية.
أضاف في بيان "ليس للمحكمة ولاية قضائية في هذه القضية. المحكمة الجنائية الدولية لها سلطة فقط لنظر الالتماسات التي تقدمها دول ذات سيادة. لكن لا وجود لدولة فلسطينية".
ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالإعلان عن التحقيق المزمع قائلة إن التحقيق "طال انتظاره في الجرائم التي ارتكبت وترتكب في أرض دولة فلسطين المحتلة... بعد ما يقرب من خمس سنوات من بدء الدراسة الأولية في الحالة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وغرد رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني على تويتر "نعم هذا يوم أسود بتاريخ إسرائيل... قرار المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية هو انتصار للعدالة وللحق الفلسطيني".
ورحبت حركة المقاومة الإسلامية حماس بالقرار. وقال فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة إنها "تبدي استعدادها التام لتسهيل مهمات أي لجان منبثقة بالخصوص والتعاون معها ورفدها بكل الوثائق والقرائن والبراهين التي تدلل على جرائم الاحتلال وانتهاكاته بحق أبناء شعبنا".
معاهدة جنيف
ويدخل في سلطة المحكمة الجنائية الدولية نظر قضايا جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في أراضي الدول الموقعة على اتفاق قيامها وعددها 123 دولة.
ولم تنضم إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية لكن السلطة الفلسطينية، وهي هيئة حكم ذاتي محدود في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، انضمت إلى المحكمة.
ونظر مكتب الادعاء بالمحكمة في مزاعم ارتكاب إسرائيل انتهاكات في قطاع غزة وأن أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية مارست التعذيب والسلطات الفلسطينية دفعت أموالاً لأسر فلسطينيين شاركوا في هجمات على إسرائيليين.
وقال ممثلو الادعاء في الجنائية الدولية في ديسمبر إن التحقيق الأولي في الضفة الغربية ركز على "ما قيل عن أنشطة متعلقة بالمستوطنات بمشاركة السلطات الإسرائيلية".
ويعتبر الفلسطينيون وكثير من الدول المستوطنات غير قانونية بموجب معاهدة جنيف التي تحظر الاستقرار على أراض تم الاستيلاء عليها وقت الحرب. وتعارض إسرائيل ذلك وتعلل بحاجاتها الأمنية وتستشهد بالكتاب المقدس وبأحداث تاريخية وبصلات سياسية لإثبات ما يربطها بالأرض.