على الرغم من محاولات الحكومة المصرية كبح الدَّين العام سواء المحلي أو الخارجي، فإن الأخير لا يزال يلتهم نحو 89% من الناتج المحلي الإجمالي المصري، وكشفت التقارير الشهريّة والربع السنوية الصادرة عن وزارة المالية والبنك المركزي المصري عن ارتفاع إجمالي الدَّين العام الحكومي سواء المحلي أو الخارجي إلى نحو 4.6 تريليون جنيه (287 مليار دولار أميركي) حتى نهاية مارس (آذار) 2019 مقارنة بنحو 4.3 تريليون جنيه (268 مليار دولار) حتى نهاية يونيو (حزيران) 2018.
وتوزع الدَّين العام إلى "الخارجي" الذي سجَّل حتى نهاية مارس 2019 نحو 106.2 مليار دولار بزيادة قدرها 20.5 مليار دولار عن نظيره في يونيو 2018 الذي سجَّل نحو 92.6 مليار دولار.
وكان نصيب الأذون والسندات (بالعملات الأجنبية) كأحد أدوات الدَّين الحكومية نحو 17 مليار دولار الذي ارتفع أيضاً عما كان عليه الرصيد في يونيو 2012، إذ بلغ رصيد الأذون والسندات الحكومية بالعملة الأجنبية نحو 3 مليارات دولار فقط، بينما بلغت قيمة القروض نحو 36.5 مليار دولار، التي ارتفع رصيدها بنحو 14 مليار دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
80 مليار دولار زيادة بالدَّين الخارجي في 7 سنوات
وصول الدَّين العام الخارجي إلى هذا الرقم يعني ارتفاعه بنحو 80 مليار دولار عن رصيده في يونيو 2012، إذ سجَّل نحو 34.5 مليار دولار.
وقال أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، "سجَّل الدَّين العام الخارجي خلال العام الأخير زيادة قدرها 23 مليار دولار"، موضحاً "الارتفاع يرجع إلى سياسة التوسع في إصدار سندات دولارية بقيمة 7 مليارات دولار، والحصول على الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 2.75 مليار دولار".
وتابع كجوك، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "يجب أن لا نجنّب حصولنا على الشريحة الأخيرة من قرض من البنك الدولي بقيمة ملياري دولار، علاوة على قرض من بنك التنمية الأفريقي بقيمة 500 مليون دولار، ويقترب نصيب متوسط المواطن المصري من الدَّين العام الخارجي حتى مارس 2019 نحو 1000 دولار".
الوفاء بالالتزامات الدولية
وقال فخري الفقي، عضو مجلس إدارة البنك المركزي المصري، "تفاقم حجم الدَّين العام محلياً وخارجياً أمر صعب ومعقد، ويجب على الحكومة بذل مزيد من الجهد لوقف تغول الدَّين العام على الموارد المصرية".
وأضاف الفقي، في تصريحات خاصة، "أن ارتفاع حجم الدَّين العام تقل خطورته مع استمرار الحكومة المصرية في تنمية مواردها من الصادرات والاستثمارات الأجنبية، وتقليل الاعتماد على الحصيلة الضريبية".
وأشار إلى أن الجانب المضيء في تفاقم حجم الدَّين العام هو "قدرة الحكومة المصرية على سداد الأقساط السنوية والفوائد وأعباء خدمته وبانتظام في المواعيد المحددة".
30 مليار دولار قيمة ما سددته القاهرة عام 2017
وتابع الفقي، "الحكومة المصرية سددت خلال عام 2017 نحو 30 مليار دولار ما بين سندات وديون خارجية لصالح بنوك دولية، منها البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد وودائع وقروض من دول السعودية وليبيا وتركيا، إضافة إلى التزامات على جهات حكومية منها الهيئة العامة للبترول لسداد مستحقات الشركاء الأجانب، إضافة إلى الالتزامات لصالح نادي باريس للدائنين".
وحسب التقارير الرسمية الحكومية بلغ إجمالي أعباء خدمة الدَّين الحكومي خلال الربع الأول من العام المالي 2019 - 2020 في الفترة من يوليو (تموز) وإلى سبتمبر (أيلول) 2019 نحو 250 مليار جنيه (16 مليار دولار) بمعدل ارتفاع بلغ 56% مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي 2018 - 2019.
وأوضحت أن إجمالي الفوائد المسددة خلال 3 أشهر بلغ 139 مليار جنيه (8.6 مليار دولار) بمعدل ارتفاع بلغ 26% مقارنة بالفترة المقابلة من العام المالي الماضي، وتمثل نحو 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تمثل 45% من إجمالي مصروفات الموازنة العامة للدولة، وتشمل فوائد الدَّين الداخلي بنحو 124 مليار جنيه (7.7 مليار دولار) وفوائد الدَّين الخارجي بنحو 14.5 مليار جنيه (871 مليون دولار).
وسددت الحكومة خلال الفترة نفسها 112 مليار جنيه (7 مليارات دولار)، تمثل نحو 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقدّر بنسبة 36% من إجمالي مصروفات الموازنة العامة للدولة قيمة أقساط الدَّين تتوزع بين 102 مليار جنيه (6.3 مليار دولار) أقساط الدَّين الداخلي، بينما بلغت أقساط الدَّين الخارجي نحو 9.5 مليار جنيه (591 مليون دولار) في الفترة من يوليو وإلى سبتمبر الماضيين.
بينما بلغ صافي مدفوعات الفوائد نحو 137 مليار جنيه (8.5 مليار دولار) تشمل فوائد الدَّين الداخلي بقيمة 124 مليار جنيه (7.7 مليار دولار)، بينما صافي مدفوعات فوائد الدَّين الخارجي نحو 14.4 مليار جنيه (871 مليون دولار).
وحول إصدار أدوات الدَّين الحكومية (أذون وسندات الخزانة بالعملة المحلية) كشف التقرير الشهري إصدار الحكومة نحو 910 مليارات جنيه (57 مليار دولار) تتوزع بين إصدار أذون خزانة بقيمة 570 مليار جنيه (36 مليار دولار) و341 مليار جنيه (22 مليار دولار) مقابل إصدار سندات خزانة خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام المالي الحالي 2019 - 2020.
إيرادات الحكومة المصرية قدّرتها في موازنة العام المالي الحالي 2019 - 2020 بنحو 1.5 تريليون جنيه (95 مليار دولار)، مثَّلت الإيرادات الضريبية منها نحو 85% حسب تصريحات صحافية لوزير المالية محمد معيط، كاشفاً خلالها أن "الضرائب تمثل 85% من إجمالي موارد الدولة"، الأمر الذي يحتاج إلى "تطوير بشكل مستمر".
وحسب تقرير وزارة المالية الشهري، بلغت جملة إيرادات الموازنة العامة للدولة 173 مليار جنيه (10.7 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام المالي 2019 - 2020 توزّعت بين إيرادات ضريبية بلغت 132 مليار جنيه (8.2 مليار دولار)، وأخرى غير ضريبية نحو 42 مليار جنيه (2.6 مليار دولار).
الإيرادات الضريبية جاءت ضرائب على الدخول بنحو 38 مليار جنيه (2.3 مليار دولار)، بينما بلغت الضرائب على الممتلكات نحو 11 مليار جنيه (685 مليار دولار)، وبلغت الحصيلة على السلع والخدمات نحو 74 مليار جنيه (4.6 مليار دولار)، وأخيراً التجارة الدولية (الجمارك) بلغت نحو 9 مليارات جنيه (560 مليون دولار).
ووفقاً لتقرير قياس مؤشرات الأداء المالي خلال الفترة من يوليو إلى مايو (أيار) 2018 - 2019، حققت حصيلة الضرائب نحو 614 مليار جنيه (38.2 مليار دولار) خلال 11 شهراً الأولى من العام المالي المنصرم، وسجلت حصيلة الضريبة على القيمة المضافة 310 مليارات جنيه (19 مليار دولار) بنسبة زيادة 19.7% عن الفترة نفسها من العام المالي 2017 - 2018، وقيمة الزيادة 51 مليار جنيه (3.1 مليار دولار).
وحققت الضرائب على المهن الحرة زيادة نسبتها 46.6%، كما زادت حصيلة ضرائب الشركات بنسبة 22.2%، والضريبة على المرتبات زادت بنسبة 41.7%.
في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي توقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع قيمة الدَّين الخارجي لمصر في العام المالي المقبل 2020 - 2021 لتصل إلى 109.7 مليار دولار.
وأكد الصندوق خلال وثائق المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر، إنه من المتوقع أن "ترتفع قيمة الدَّين الخارجي لمصر في العام المالي الحالي إلى 106.1 مليار دولار".
توقعات الصندوق في أكتوبر تمثل تراجعاً عن توقعاته السابقة في الربع من عام 2019، إذ توقع أن تبلغ قيمة الدَّين الخارجي 98.1 مليار دولار، إلا أن وثائق المراجعة الخامسة كشفت عن رفع الصندوق توقعاته للدين الخارجي في العام المالي الحالي لتصل إلى 106.1 مليار دولار.
ووفقاً لبيانات نشرها البنك المركزي على موقعه في أغسطس (آب) الماضي، سجّل الدَّين الخارجي لمصر في نهاية مارس الماضي 106.2 مليار دولار مقابل 96.6 مليار دولار في نهاية عام 2018.
وتشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن قيمة الدَّين الخارجي ستصل إلى 111 مليار دولار خلال العام المالي 2021 - 2022.
وتوقع الصندوق أن تتراجع قيمة الديون الخارجية لمصر إلى 109.4 مليار دولار في العام المالي 2022 - 2023، على أن تعود إلى الصعود في العام المالي 2023 - 2024 لتصل إلى 112 مليار دولار.
وخفض الصندوق من توقعاته للدين العام ليتراجع إلى 83.3% من الناتج المحلى الإجمالي في العام المالي الحالي مقابل 85.2% من الناتج المحلي الإجمالي كان يتوقعها في المراجعة الرابعة في أبريل (نيسان) الماضي.
الحكومة المصرية أقّرت استراتيجية جديدة للتعامل مع الديون على المدى المتوسط، ووضعت الاستراتيجية أكثر من طريقة للسيطرة على ارتفاع الديون والحد منها.
وتستهدف وزارة المالية، خفضاً تدريجياً خلال السنوات الثلاث المقبلة، ليصل إلى 77.5% بنهاية يونيو 2022.
وكان بيان سابق لوزارة المالية، قال إن العام المالي المقبل، سيشهد انخفاض نسبة الدَّين العام للناتج المحلي إلى أقل مما كان عليه قبل 2011.
وانخفضت نسبة الدَّين العام للناتج المحلي من 108% بنهاية يونيو 2017، إلى 98% نهاية يونيو 2018، ثم 90.8% بنهاية يونيو2019.
وتستهدف الحكومة خفض نسبة الدَّين إلى 82.5%، ثم تُصبح 77.5% بنهاية يونيو 2022، ما يجعل مصر في النطاق الآمن من حيث مستوى الدَّين للناتج المحلى، حسب بيان الوزارة السابق.