يعود ملف إخراج القوات الأميركية من العراق إلى واجهة الأحداث، بعد حصار أنصار فصائل "الحشد الشعبي" السفارة الأميركية، الثلاثاء الماضي، احتجاجاً على قصف الجيش الأميركي معسكر "كتائب حزب الله" في منطقة "القائم" الحدودية.
وأكدت الكتل المنضوية في تحالف "الفتح"، الذي يضم قادة "الحشد"، أنها ستعمل على إخراج القوات الأجنبية من البلاد من خلال البرلمان وإعادة طرح مسودة قانون "إخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقية". وكشف بيان لكتائب "حزب الله العراقي" أن مقاتليها انسحبوا من محيط السفارة الأميركية في بغداد مقابل تعهد رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي العمل الجاد على تشريع قانون لإخراج القوات الأميركية والأجنبية الأخرى من البلاد.
وأوضحت "لبينا دعوة عبد المهدي إلى تغيير مكان الاعتصام، مقابل العمل الجاد لإقرار قانون إخراج القوات الأجنبية". وأضافت "سنراقب عمل البرلمان الأسبوع المقبل، لمباشرة تشريع قانون إخراج القوات الأجنبية".
وكانت الكتائب أعلنت، الثلاثاء، أن أنصارها لن يفضّوا اعتصامهم بالقرب من السفارة الأميركية، إلا بعد طرد السفير وإغلاق المقر وطرد القوات الأميركية. إلا أن مقاتلين وموالين لكتائب "حزب الله" نصبوا خيام الاعتصام، أمس، في شارع أبو نؤاس الواقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة على أطراف "المنطقة الخضراء" في الجهة المقابلة لمجمع السفارة الأميركية.
القانون
بخلاف الكتل السنية والكردية، تُجمع الكتل الشيعية تقريباً على ضرورة تشريع قانون ينهي الاتفاق الأمني الموقع بين واشنطن وبغداد عام 2008، الذي يحتوي على نصوص تسمح للجانب الأميركي بالحافظ على مصالحه في العراق، وتقديم الدعم والمشورة إلى القوات العراقية، فيما تشير تقارير إلى وجود نصوص سرية تنص على إنشاء قواعد أميركية في مناطق محددة من البلاد.
وحاولت الكتل الشيعية مثل "الفتح" و"سائرون" منذ نهاية عام 2018 تشريع القانون، إلا أن تدخل الرئاسات الثلاث، الجمهورية والوزراء والنواب، حال دون ذلك بعد تأكيدها استمرار حاجة البلاد إلى الدعم الأميركي، والآن تعتزم تلك الكتل استغلال حالة الاتفاق فيما بينها على ضرورة طرد القوات الأميركية لتشريع القانون.
وقال النائب عن كتلة "الفتح"، سعد الخزعلي، إن كتلته باشرت جمع توقيعات النواب لتمرير إخراج القوات الأجنبية، على أن يُدرج خلال جلسات البرلمان المقبلة من أجل التصويت عليه. وأشار إلى أن "نص مسودة القانون يتضمن إلغاء الاتفاق الأمني الموقع عام 2008 بين العراق والولايات المتحدة".
وأضاف "سنعلن أسماء الكتل والشخصيات الموافقة على تمرير القانون من أجل كشف من يقف ضد إنهاء الاحتلال الأميركي للعراق، ومن أسهم في طرد القوات الأجنبية".
وكان تحالف "سائرون"، بزعامة مقتدى الصدر، أعلن تأييده جهود إنهاء الوجود العسكري الأميركي من خلال البرلمان، وقال الصدر، عبر تغريدة على تويتر "لو تعاونا سابقاً لإخراج المحتل عبر المقاومة العسكرية لما جثم على صدر العراق، ولو تعاونا من أجل عدم إقرار الاتفاقية المذلة لما حدث ما حدث".
رفض
وترى الأطراف السنية والكردية أن البلاد لا تزال بحاجة إلى الدعم العسكري الأميركي لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية الموجودة في المناطق الشمالية والغربية من البلاد. وقال النائب عن "اتحاد القوى العراقية"، فالح العيساوي، إن "الأطراف التي تريد أن تخرج القوات الأميركية يجب أن تقدم البديل لملء الفراغ الذي قد يسببه انسحاب هذه القوات"، وأردف "نحن ضد استهداف مواقع قوات الحشد الشعبي بوصفها قوات عراقية تتبع القائد العام للقوات المسحلة".
وقال النائب عن "الحزب الديموقراطي الكردستاني"، ريبين سلام، إن "تنظيم داعش ما زال يشكل خطراً على الوضع الأمني، وبخاصة في المناطق المتنازع عليها، ولولا وجود القوات الأميركية في قاعدة (كي وان) في كركوك لسقطت المدينة خلال ساعات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "إذا كان هناك تصويت على إخراج القوات الأميركية يجب أن يشمل القوات الأجنبية الموجودة في العراق، ونرفض سياسة المحاور وزجّ البلاد إلى حرب ليس لنا دخل فيها، فنحن نحترم علاقتنا مع إيران وأميركا ولا نفضل واحدة على الأخرى".
وتابع أن "حزبه يرى ضرورة استمرار وجود القوات الأميركية وذلك للحاجة العراقية الماسة إليها".
ثماني قواعد
وتمتلك القوات الأميركية ثماني قواعد عسكرية في العراق كلها في المناطق السنية والكردية، وهي عين الأسد، والحبانية، وفيكتوري، وحلبجة، والتون كوبري، وسنجار، والقيارة، وبلد، وتضم نحو ستة آلاف جندي ومستشار أميركي، يتولون مهمات التدريب والإشراف على القوات العراقية، وتقديم المعلومات الاستخبارية بشأن مناطق وجود تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى وجود فرق أميركية خاصة تنفذ أحياناً بعض العمليات ضد التنظيم.
ووصلت قوة من مشاة البحرية الأميركية، أمس، من الكويت إلى بغداد لحماية مقر السفارة الأميركية في وسط العاصمة، بعد تعرضها لمحاولات اقتحام وتظاهرات حاشدة من قبل أنصار كتائب حزب الله والحشد الشعبي احتجاجاً على قصف مقارهم في الأنبار بغارات أميركية.
وغرد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء 1 يناير (كانون الثاني)، قائلاً إن "سفارة الولايات المتحدة في العراق كانت ولا تزال آمنة! نُقل العديد من مقاتلي الحرب الكبار لدينا، إلى جانب المعدات العسكرية الأكثر فتكاً في العالم على الفور إلى الموقع. شكراً للرئيس ورئيس وزراء العراق على الرد السريع على الطلب".