أوشاز الأسلاف
أثار القاص والباحث الليبي داوود الحلاق بكتابه الثاني في سلسلة (أوشاز الأسلاف)، موضوعاً شيقاً حول اكتشافه المقر الأول لـ"مرقص الإنجيلي"، واستخلص من هذا الاكتشاف جملة من الافتراضات، ووصل إلى نتائج مشوقة ومثيرة.
إنه يُحدد المقر الأول الذي أقام فيه "الرسول مرقص/ سان مارك" أول من دوّن الإنجيل، كما ذكرت المصادر التاريخية، وباكتشاف هذا المقر يبيـن داوود الحـلاق أن الإنجيـل الأول دوِّن في "وادي مرقص"، كما يسمى الوادي حتى يومنا هذا بالجبل الأخضر في ريف مدينة "قورينا" اليونانية، التي غدت تعرف بمدينة "شحات".
وبالجبل الأخضر توجد وديان عدة، كانت تضم أوشازاً، أي كهوفاً معلقة، ما اتخذت كمأوى للمسيحيين الفارين بدينهم من بطش السلطة الرومانية، ومنها وادي يُعرف حاليا بـ"وادي الإنجيل".
ثم ينشغل المُكتشف "الحلاق" في كتابه، بالبحث في المصادر التاريخية، ليحدد موطن "مرقص الإنجيل"، فيؤكد أنه ابن لمنطقـة "قورينا/ شحات"، موطن الباحث داوود الحلاق أيضاً، (نشـأ مُرقص في ريــف قورينا، ولم تكن نشأته في المدينة! فقد قضى مرقص طفولته ومرحلة صباه وردحاً من شبابه أيضاً في نواحي قورينا التي تعلو البحر بألفي قدم، على مرتفع من الهضاب، ينحدر تدريجياً إلى الشمال صوب البحر، على نحـو درجـات السلـم، وكانــت طفولـة مرقص في حضن "إبرياتولس"، "برطلس" الحالية، التي تقع في أحضان الطبيعة، ما بين مدينة "قورينــا/ شحات" ومدينة "أبولونيـا/ سوسة"، ولا تزال منطقة برطلس حتى يومنا هذا تمثل جزءاً من طبيعة بكر، وفي "برطلس" هذه، التي لا تبعد عن قورينا بأكثر من 15 كم، ولد مرقص...).
ويخلص إلى أن "مرقص الإنجيل" ليبي، فاسمه الأول "مرقص لابيوس"، أي "المطرقة الليبية"، وبناءً على هذا الاستنتـاج، يؤكد أن "الإنجيــل الأول"، ما دُون "عقب رفــع عيسى المسيح إلى السماء"، هو ما دونهُ "مرقص الليبي".
ويؤكد الباحث، أن ذلك قد تم في "أوشاز"، الكهوف المحفورة في أعلى الجبل، أو ما يُعرف بالكهوف المعلقة، كما اصطلاح المنقب الأثري الأستاذ محمد الهنيدي، ويشير الباحث داوود الحلاق، إلى أن "مرقص" عمل على:
1- نشر تعاليم السيد المسيح عليه السلام، وتحطيم الوثنية.
2- إعداد جبهة نضال، لمواجهة القادمين من البحر.
3- استراتيجية "الأوشاز"، معاقل الأجراف في أودية البنتابوليس.
4- أحزمة عبر الصحراء والدواخل، من أجل الانتصار.
أسد مرقـص
يقول البابا شنـودة الثالـث: (.... إن أول شخـص جذبـه مرقـص للإيمـان هو أبـوه أرسطو بولس، وقد حدث أنهما بينما كانـا سائريـن في طريقهما إلى الأردن، أن لاقاهما أسـد ولبؤة في الطريق. فعرف أرسطو بولس، أن نهايته ونهاية ابنه مرقص قد اقتـربت، فقـال: اهرب يا بني، لتنجو بنفسك، واتركني أنا، لينشغل هذان الوحشان بافتراسي، فقال مرقص لأبيه: إن المسيح لا يدعهما يوقعان بنا، ثم صلى قائلاً: أكفف عنا شر هذين الوحشين، واقطع نسلهما من هذه البرية، فانشق الوحشان، وانقطع نسلهما من تلك البرية).
جُروا التنين إلى دار البقر!
يقول الباحث داوود الحلاق: (تفيدنا المصادر المتاحة، فيما يخص حادثة وفاة مرقص بالآتي: أنه في عام 68 م، في السنة الرابعة عشرة لحكم نيرون، حيث كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح أي القيامة في كنيسة بوكاليا، وقد تصادف أن نفس ذلك اليوم كان يوم الاحتفال الوثني بعيد الإله سيرابيس ذي الشهرة الكبيرة، الذي كان يشترك في الاحتفال به المصريون واليونانيون على السواء، استشاط الوثنيون غضباً، وتجمّعوا لقتل مرقص، وهجمـوا على الكنيـسة، وقبضـوا على مرقص، وربطوه بحبل، وجروه في الشوارع والطرقات، وهم يصيحون: "جروا التنين إلى دار البقر"، ثم ألقوا به في سجن خرب، وقاموا بحراسته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي صباح اليوم الثاني، رجع الوثنيون إلى مرقص، ووضعوا حبلاً حول رقبته، وجروه في الشوارع، حتى أسلم الروح، وإمعاناً في التنكيل به أوقدوا ناراً لحرقه، لكن وابلاً من المطر أخمد النار وتفرقت الناس).
ويؤكد الحلاق كثيراً، أن أول إنجيل دوِّن في الجبل الأخضر بليبيا، ودوِّن من قِبـل الرسول الليبي مرقص، من طردتهُ القوات الرومانية المحتلة، من مدينته "قورينا"، هذه القوات ما كانت، تتعقب أتباع المسيح، ويبين أن الدلائل الموجودة على أرض الواقع، وفي الكهوف والوديان، تبين استراتيجية أعمال مرقص في مجاهل الأودية، وإعداد معاقل الأجراف والأوشاز، وأنه بهذا تمكّن من نشر الرسالة، في أمقاع كثيرة في دواخل شرق ليبيا، وذلك قبل أن يُغادرها إلى الأبد.
قورينا
أمَّا مدينـة قورينـا، على حد تعبير الشاعـر بندار الجميل: (قد بنيت على الصدر الرفّاف)، جبل حول ينبوع، يتدفق قوياً على حجر جيري، وهنا أقام "بو للو"، عرساً أسطورياً، على الحورية "قورينا"، ما كانت الدولة/ المدينة الثانية في البحر المتوسط، حيث كانت أثينا المدينة الأبرز، قورينا عرفت بالفلسفة القورينائية فلسفة مذهب اللذة، فكانت عندها قبلة العالم، وقد تأسست في حدود سنة 631 ق.م، عن طريق بحار أغريق، منهم "باتوس" أول حاكم للمدينة ولمدة تقارب 40 سنة.
والمُلاحظ في الأخير، أن هذا الكتاب، يُثير كثيراً من الجدل، لكنهُ قبل، كتابٌ مُشوق للقراءة!