دخلت الإضرابات التي تُنظّم على المستوى الوطني في فرنسا يومها التاسع والعشرين، ما يجعلها الأطول في التاريخ الحديث للبلاد منذ الاضطرابات المدنية التي حصلت في العام 1968.
وكانت الاحتجاجات قد انطلقت بعد اقتراح الحكومة الفرنسية إصلاحاتٍ تتعلّق برواتب التقاعد في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الأخير، ما أدّى إلى نقصٍ في الوقود وانقطاع للتيّار الكهربائي وتعطيل المواصلات على نحو واسع في فرنسا وإغلاق المدارس أيضا.
وعملت وحدات الشرطة في باريس الخميس، على استخدام غاز مسيّل للدموع، لكسر الحصار المفروض على مستودعٍ للحافلات في المدينة، في ما مثّل مواجهة جديدة بين السلطات والنقابات العمالية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفض الاستجابة لمطالب المحتجّين، معتبراً أن الخطّة المثيرة للجدل المتمثّلة في نقل 42 نوعا من برامج التقاعد المختلفة وتوحيدها في إطارٍ جديد يحاكي تلك المعمول بها عالميا، وتُعدّها الحكومة الفرنسية ضرورية لمنع الانهيار الاقتصادي في المستقبل. ودعا في خطاب ألقاه عشية رأس السنة الثلاثاء الماضي، إلى "حلّ وسط سريع" يتيح وضع حدّ للإضراب القائم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح ماكرون في كلمته أنه "يدرك أن التغييرات يمكن أن تكون مقلقةً في كثير من الأحيان. لكن المخاوف لا يمكن أن تؤدّي إلى التقاعس عن العمل، لأن هناك الكثير ممّا يجب القيام به". وقال بحزم: "لن أستسلم للتشاؤم أو الشلل".
وفي المقابل، رفض جان لوك ميلانشون، المعارض الذي ينتمي إلى أقصى اليسار السياسي الفرنسي، نداءات ماكرون، واصفاً إياها بأنها "إعلان حرب على ملايين الفرنسيّين الذين يرفضون إصلاحاته"، بينما وصفت الزعيمة اليمينية المتطرّفة مارين لوبّان خطاب الرئيس بأنه "مرّة أخرى، لا يتضمّن شيئا".
ورفض أيضاً قادة النقابات دعوة الرئيس إلى إنهاء الإضرابات، فيما حضّ زعيم "الاتّحاد العام للعمّال" CGT المتشدّد، الجميع على الانضمام إلى الإضرابات "في كلّ مكان".
وقال فيليب مارتينيز رئيس الاتّحاد لمحطة تلفزيون BFM TV، إنه "في مواجهة رئيس يشعر بالرضا عن نفسه ويعتقد أن كلّ شيء يسير على ما يرام في هذا البلد، يتعيّن علينا أن نرسل إليه إشارة تحذيرٍ أكثر قوّة". وأضاف: "ندعو جميع الفرنسيّين إلى التعبئة والمشاركة في التظاهرات ومواصلة الإضراب."
ومن المقرّر أن تتمّ معاودة المحادثات بين النقابات والحكومة في السابع من يناير (كانون الثاني)، مع إعلان النقابات عن مزيد من المظاهرات الحاشدة في التاسع من الشهر الجاري.
وعلى الرغم من الاضطرابات التي عمّت البلاد، تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن الدعم الشعبي للإضرابات لا يزال قويا. وأوضحت دانييل سيمونيه، العضو في مجلس مدينة باريس لصحيفة "اندبندنت" أخيراً أن "غالبية الفرنسيّين يدعمون هذا الإجراء لأنهم لا يُخدعون. إنهم يعلمون أن مع هذه الإصلاحات سنخسر جميعا".
© The Independent