تسود حالة من الارتباك أوساط قادة الحشد الشعبي، بعد الغارة الأميركية التي قتلت الرجل الثاني في إيران قاسم سليماني ومساعده العراقي البارز أبي مهدي المهندس، في وقت تتضارب الأنباء حول حقيقة تنفيذ الولايات المتحدة غارات جديدة ضد زعماء ميليشيات عراقية فجر اليوم السبت 4 يناير (كانون الثاني) الجاري.
العامري خليفة للمهندس
بعد مقتل المهندس، الذي شغل منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي قبل أن يكلف برئاسة أركان قوات الحشد، وهو منصب يسمح له بتنسيق تحركات الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران على الأرض، انقسم قادة الحشد الشعبي بشأن خليفته، قبل أن يجري الاتفاق على تسمية هادي العامري زعيم منظمة بدر.
في المقابل، قالت مصادر متعددة في بغداد إن قادة الحشد اتفقوا على ترشيح العامري لخلافة المهندس في الحشد الشعبي، مؤكدة تقديم اسمه لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي من أجل اعتماده.
من جهته، أكد عبد الكريم خلف المتحدث العسكري باسم عبد المهدي نبأ ترشيح العامري لخلافة المهندس في الحشد الشعبي.
وقال إن "هيئة الحشد رشحت زعيم تحالف الفتح هادي العامري لمنصب نائب رئيس الهيئة خلفاً لأبي مهدي المهندس الذي استشهد بقصف أميركي استهدف مركبة كانت تقله إلى جانب قائد فيلق القدس قاسم سليماني على طريق مطار بغداد الدولي وسط بغداد"، مضيفا أن "قبول ترشيح العامري شبه محسوم لمنصب نائب رئيس هيأة الحشد الشعبي".
ما هو مصير الحشد؟
تشير مصادر مطلعة لـ "اندبندنت عربية"، الى أن شخصيات عدة طرحت لخلافة المهندس، لكن العامري نال التأييد الإيراني الأكبر، مشيرة إلى أن انطوائية العامري وانغلاقه، صفتان ربما يعقدان مهمة الرجل الجديدة.
نسج المهندس أسطورته عبر شبكة علاقات معقدة مع أطراف سياسية عراقية ورجال أعمال في محافظات عدة، وفرت له خليطا مؤثرا من النفوذ السياسي في بلاده.
وباستخدام صلاته الوثيقة بالحرس الثوري الإيراني، تحول إلى نقطة لقاء بين قادة جميع الميليشيات العراقية الموالية لإيران، إذ لعب دور الوسيط بينها وبين السلطات العراقية من جهة، والجهات الإيرانية المعنية بالملف العراقي من جهة أخرى.
يجمع المراقبون أن هذه المهمة ربما تفوق القدرات التي يتصف بها العامري، الذي يفتقر إلى الكاريزما ولا يمتلك الكثير من قدرات المناورة اللازمة للنجاح في عمل من هذا النوع، ما يضع علامات استفهام عديدة بشأن مستقبل القيادة في قوات الحشد الشعبي.
ارتباك حشدي
كانت بوادر الارتباك واضحة بسبب غياب القادة خلال التعاطي مع أنباء غارات استهدفت قوتين منفصلتين للحشد الشعبي، الأولى في منطقة التاجي شمال بغداد والثانية في ناحية الحضر التابعة لمحافظة نينوى ومركزها الموصل.
وسربت مصادر على صلة وثيقة بالحشد أن غارة التاجي استهدفت موكب زعيم ميليشيا كتائب الإمام شبل الزيدي، الذي كان يرافقه زعيم ميليشيا الخرساني حامد الجزائري، مؤكدة مقتلهما معا، لكن مصادر أخرى في الحشد أيضا عادت ونفت الأنباء.
وبعد مدة قصيرة، نشر الزيدي نفيا لنبأ مقتله على حسابه المعروف في "تويتر"، فيما تداول مقربون من الحشد تسجيلا منسوبا للجزائري، يقول فيه إنه حي يرزق.
منذ مقتل سليماني والمهندس، يجري تداول العديد من الأنباء التي تتعلق بعمليات عسكرية وأمنية، من دون توافر أدلة تدعمها أو تنفيها.
الجهاز يراقب
فضلا عن نبأ مقتل الزيدي والجزائري، تداولت مصادر أمنية أنباء عن إخضاع معسكرات للحشد الشعبي إلى رقابة من قبل جهاز مكافحة الإرهاب العراقي.
وتقول المصادر، إن قوات تابعة للجهاز الذي يتهمه حلفاء إيران بالتبعية للولايات المتحدة، تراقب منذ نحو 24 ساعة المداخل والمخارج المؤدية إلى قاعدتين رئيسيتين للحشد الشعبي في محيط بغداد، هما "صقر" و"اليوسفية"، مضيفة أن إحدى هاتين القاعدتين هي مركز تخزين القوة الصاروخية الضاربة الخاصة بالحشد الشعبي.
تزامنت هذه الأنباء، مع تسريبات تشير إلى أن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي وجه رسالة الى جميع قادة الحشد الشعبي يوم أمس الجمعة، مطالبا إياهم بالامتناع عن تنفيذ أي عملية فردية، ثأراً لقتل سليماني والمهندس.
ويقول قادة في الحشد الشعبي إن عبد المهدي يحاول أن يستعيد ثقة الولايات المتحدة، بعدما فقدها بسبب ارتمائه المبالغ به في الحضن الإيراني، لذلك ألمح لأميركا إلى استعداده لتقديم خدمات مفيدة.
من بين هذه الخدمات، وفقا لرواية الحشد الشعبي، استخدام جهازي المخابرات ومكافحة الإرهاب، الموصوفين بالقرب من الولايات المتحدة لتوفير معلومات خاصة أو تنفيذ أعمال مراقبة، تتعلق بشخصيات أو فصائل عراقية على صلة بالمشروع الإيراني في المنطقة.
عمليات انتحارية ثأرية
لكن ميليشيا كتائب حزب الله، التي توصف بأنها أكبر المتضررين من الغارة الأميركية التي قتلت سليماني والمهندس، أعلنت فتح باب التطوع للراغبين بتنفيذ عمليات انتحارية ثأرية.
ويقول مراقبون إن كتائب حزب الله، وهي أهم فصيل عراقي مسلح خاضع لإيران، تضرر كثيرا بعد قتل مؤسسه المهندس وصلته بالحرس الثوري سليماني، لذلك يخطط لعمليات ثأرية، ربما تحرج الحكومة العراقية.
في حين يروج مقربون من الكتائب أن الرد على الغارة الأميركية سيقع في غضون ثلاثة أيام، مؤكدين أنه لن يقتصر على مصالح الولايات المتحدة في العراق.