في حين اكتفت الخارجية الأردنية بالدعوة الى احتواء الأزمة وخفض التصعيد في العراق، أبدى الأردنيون تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيال نبأ اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ما بين غالبية مبتهجة بمقتله، وأقلية متخوفة من تداعيات ذلك على المنطقة.
وتصدر وسم #سليماني قائمة الوسوم المتداولة في الأردن على نحو لافت، ويعود سبب هذا الاهتمام إلى تاريخ قاسم سليماني في الذاكرة الأردنية، إذ اعتاد على إطلاق التصريحات المستفزة للأردنيين وتجنيد خلايا إرهابية استهدفت المملكة.
تهديدات وخلايا نائمة
تتهم السلطات الأردنية منذ سنوات الحرس الثوري الإيراني بمحاولة إيجاد موطئ قدم له على الأرض الأردنية وتشكيل خلايا إرهابية نائمة، ففي عام 2016 استهدف هجوم إرهابي مقر جهاز الاستخبارات الأردنية في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين وأوقع خمسة قتلى.
وعلى الرغم من تبني تنظيم داعش للهجوم، تشكلت لدى الأجهزة الأمنية الأردنية فرضيات بوقوف الحرس الثوري الإيراني وراءه، استناداً إلى تصريحات نسبت لقاسم سليماني، قال فيها "إن إيران أضافت الأردن إلى قائمة الدول التي تتحكم فيها، وأن الأردن تتوافر فيه إمكانية اندلاع ثورة إسلامية تستطيع إيران أن تتحكم فيها".
وعلى الرغم من محاولة السفارة الإيرانية في عمّان التخفيف من وطأة هذه التصريحات عبر نفيها، إلا أن عدداً من النواب في البرلمان الأردني طالبوا الحكومة آنذاك بالتصدي إلى الاستفزازات الإيرانية وإجبار طهران على تقديم اعتذار.
عدو جديد
وفي عام 2015 ألقت السلطات الأمنية الأردنية القبض على جاسوس يعمل لمصلحة إيران، كان مكلفاً بإنشاء خلايا نائمة هدفها الإخلال بالأمن وتنفيذ تفجيرات ضخمة.
بحسب التحقيقات جنّد الحرس الثوري الإيراني المواطن العراقي خالد كاظم جاسم الربيعي، الذي يحمل الجنسية النرويجية أيضاً لتنفيذ مخطط تفجير كبير على الأرض الأردنية بنحو 45 كيلوغراماً من المتفجرات، كانت مخبأة في منطقة ثغرة عصفور شمال المملكة إضافة لتكليفه بتشكيل خلايا نائمة.
أحبطت السلطات آنذاك المخطط، لكنها أضافت عدواً جديداً للمملكة إلى جانب داعش، فقبلها بأشهر ضبطت محاولات لتهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية - الأردنية وأشارت أصابع الاتهام نحو إيران المنزعجة من الموقف السياسي للأردن تجاه الأزمة السورية.
سليماني محرضاً ضد الأردن
في المقابل، نقلت صحيفة القبس الكويتية عام 2015 عن وكالة يسنا الإيرانية شبه الرسمية، تصريحات لسليماني قال فيها "إن بلاده حاضرة في لبنان والعراق، وإن هذين البلدين يخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها، وأن هذه الإمكانية متوافرة في الأردن".
كما نشر موقع المنار الإلكتروني التابع لـ"حزب الله" التصريحات ذاتها على لسان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
من جهة ثانية، يقول الوزير الأردني السابق صالح القلّاب إن سليماني كان يحرض دوماً على الأردن من خلال ما یسمى "ائتلاف دولة القانون" في البرلمان العراقي، وإن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي المقرب من سليماني مارس ضغوطاً على الأردن تنفيذاً لهذا التحريض، ما أوصل العلاقات العراقية - الأردنية في عهده إلى شبه قطيعة كاملة.
تمسك إيران جيداً بمفتاح البوابة العراقية - الأردنية، وفيما حاول العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إعادة العراق إلى الحضن العربي وإحياء شراكات اقتصادية معه، عطل سليماني وعبر أدواته في بغداد مراراً اتفاقاً لتزويد الأردن بنفط عراقي بأسعار تفضيلية وإفشال مشروع كبير للربط الكهربائي بين البلدين.
الأردنيون لا يحبون إيران
يشير الباحث الأميركي في معهد سياسات الشرق الأدنى، ديفيد بولوك إلى استطلاع رأي أجري في الأردن عام 2015، مفاده بأن الأردنيين لا يحبون إيران ولا حزب الله.
وبحسب الاستطلاع يرى معظم الأردنيين ضرورة التنبه إلى ما سمي الخطر الإيراني والصراع بين إيران والدول العربية.
أما العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي قام بزيارة يتيمة إلى طهران عام 2003، وكان أول من حذر من الهلال الشيعي عام 2004، متوقعاً أن تُحكم إيران سيطرتها على دول عربية عدة.
يناصر جزء كبير من الأردنيين الثورة السورية، ويرون في قاسم سليماني المسؤول الأبرز عن قتل السوريين عبر دعمه وتشكيله للميليشيات الطائفية هناك.
ولذلك برز في ردود الفعل الشعبية الأردنية على وسائل التواصل الاجتماعي بعض التغريدات والمنشورات المنتقدة لحركة حماس بسبب نعيها لسليماني رسمياً ووصفه بالشهيد المجاهد.
كما بدا لافتاً وصف وزيرين أردنيين سابقين لسليماني بالهالك والقاتل، حيث وصف الوزير السابق محمد داودية قاسم سليماني، بـ"الهالك والوحش"، بينما علق الوزير وسفير الأردن السابق في طهران د. بسام العموش بالقول "نهاية رجل قاتل".