على الرغم من الاعتراف الدولي بـ "حكومة الوفاق"، إلا أن تحالفها مع تركيا، على وقع اتساع دائرة رفضه الدولي، يبدو أنه يسير بها في اتجاه عزلة دولية سياسية، إضافة إلى الحصار العسكري الذي تعانيه منذ أبريل (نيسان) الماضي، التاريخ الذي أطلق فيه الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر عمليته لـ "تحرير العاصمة من قبضة الميليشيات".
وعلى عكس المتوقع، فلم تبادر تركيا إلى إرسال جنودها لإنقاذ أوضاع "الوفاق" المتهاوية على الرغم من مرور ثلاثة أيام على مصادقة البرلمان التركي على قرار الرئيس رجب طيب أردوغان بإرسال قوات إلى طرابلس ومصراته، ما حدا برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح للتأكيد، خلال تصريحات صحافية، أن "تركيا لا تستطيع فعل أي شيء، وتصريحها بإرسال معدات إلى ليبيا ما هو إلا كلام فقط"، ما يشير إلى أن جولاته الخارجية المكثفة لإقناع الدول الفاعلة في الملف الليبي بعدم شرعية الاتفاق الموقع بين الحكومة وتركيا تؤتي ثمارها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلغاء الاتفاق
وصوّت مجلس النواب خلال جلسة طارئة السبت، الرابع من يناير (كانون الثاني)، بمدينة بنغازي على إلغاء الاتفاق الموقع بين الحكومة وتركيا، بل ذهبت قرارته إلى أبعد من ذلك، عندما أعلن عن إلغاء مصادقته على الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015 الذي انبثقت منه حكومة الوفاق وتقديم رئيسها فايز السراج ووزير الداخلية والخارجية للقضاء بتهمة "الخيانة العظمى للوطن".
وإن كانت الحكومة لا تزال تحظى بالاعتراف الدولي إلا أن الباحث السياسي في العلاقات الدولية سالم عرفه قال لـ "اندبندنت عربية" إن مؤشرات طرأت أخيراً تظهر تراجعاً لدى بعض الدول، فـ "الاتصالات التي يجريها رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني، وآخرها مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والجولة الدولية التي يجريها وزير خارجية الحكومة المؤقتة، تشير إلى تأثير الرفض الدولي لحلف حكومة الوفاق مع تركيا وإمكان تزايد التعامل مع الحكومة المؤقتة مرجح بشكل كبير".
حادث... غامض
وليس بعيداً من تأثير التطورات العسكرية على أوضاع الحكومة في طرابلس، يبدو حادث قصف مقر الكلية العسكرية في طرابلس، والذي أودى بحياة العشرات من طلاب الكلية، غامضاً حتى اللحظة، إذ إن غرفة العمليات بالجيش الوطني نفت علاقتها بالحادث، كما أن عدم تفاعل المواقف الدولية إزاء ما جرى يزيد الأمور غموضاً.
ولفت بيان غرفة العمليات بالجيش الوطني، الكلية العسكرية، إلى توافر "تقارير تؤكد أن هناك عمليات اغتيال لبعض العسكريين سيتم تنظيمها في المناطق التي تحتلها الميليشيات"، في وقت استنكرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الحادث من دون أن تؤكد مزاعم قادة "حكومة الوفاق" التي تذهب إلى محاولة توريط الجيش فيه.
واعتبر الصحافي الليبي حسين مفتاح أن الحادث لا يعكس إلا حالة التخبط التي تعيشها الحكومة، فموقع الكلية ومحتواها لا يدل إلى أنها من أهداف الجيش.
وبشكل أوضح، حمّل آمر إدارة التوجيه المعنوي بالجيش خالد المحجوب ميليشيات الحكومة المسؤولية عن الهجوم، مشدداً على أن "اللقطات التي نشرت للكلية العسكرية بعد استهدافها لا تظهر آثار حفر أو قصف طيران وإنما تظهر شظايا لقذائف يمكن أن تكون هاون".
صواريخ من مشروع الهضبة
وأكد المحجوب أن شهوداً من المنطقة أكدوا انطلاق صواريخ من مشروع الهضبة الواقع تحت سيطرة الميليشيات وسقوطها بمكان قريب بعد ثوان، ما يرجحه الصحافي مفتاح لـ "اندبندنت عربية"، إذ إن "شكل الاستهداف وموقعه وحجم الضحايا، تؤكد أن من يقف وراءه يحاول إثارة الرأي العام"، مشيراً إلى أن بيانات الحكومة وبيانات وزاراتها وميليشياتها تضاربت بشكل كبير في اتهاماتها لـ "الطيران الإماراتي المسير"، و"الطيران المصري"، وأخرى تتحدث عن "طيران فرنسي".
وتؤكد قراءة مفتاح لبيانات وخطابات قادة طرابلس إلى وجود اختلاف عميق بينها، وقال إن الاتهامات التي أطلقها بعضهم لمستشاري السراج بـ "الخيانة"، ودعوة رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إلى "تشكيل حكومة حرب"، يعني بلا شك انهياراً وشيكاً للسراج وحكومته.