بعد تصويت برلمان العراق على إنهاء وجود القوات الأجنبية بغياب الكتل السنية والكردية، وعقب الكلمة "الرمادية" لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي، رأى مراقبون في بغداد أن "القوى السياسية الشيعية خطت أولى خطواتها في طريق تقسيم البلاد، بعد تمرير تشريع عبر البرلمان يهدف إلى إخراج الجيش الأميركي من البلاد، متجاهلة اعتراضات الشركاء السنة والكرد".
ومررت القوى السياسية الشيعية قراراً يلزم الحكومة بإخراج القوات الأميركية من العراق ويمنعها من استخدام أجواء البلاد لأي سبب كان، فضلاً عن بدء الإجراءات التشريعية لإنهاء الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، والطلب من التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" وقف عملياته بشكل تام.
"الثأر لسليماني"
وجاء هذا القرار "ثأراً لقتل الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ومساعده البارز أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي".
وهذه المرة الأولى، التي يمر فيها عبر البرلمان العراقي تشريع يدور بشأنه كل هذا الجدل السياسي، ويواجه معارضة طرفين من أصل ثلاثة أطراف كبيرة على مستوى التمثيل السياسي والتعداد السكاني.
تخوين السنة والكرد
وقال الكاتب العراقي المقرب من الحشد الشعبي أحمد عبد السادة، إن "عدم حضور القادة والمسؤولين الأكراد والسنة في تشييع سليماني والمهندس، وتغيبهم عن جلسة البرلمان اليوم للإخلال بالنصاب ومنع إصدار قرار يخرج القوات الأميركية من العراق، أمران لا يكشفان فقط عن انعدام وطنية هؤلاء القادة والساسة وعن ولائهم لأميركا وخضوعهم لها، وإنما يكشفان أيضاً عن انعدام ضمير ونكران للجميل"، مضيفاً أن "سليماني والمهندس كانا في مقدمة المقاتليـن الذين حرروا مدن المكون السني من داعش، كما أن سليماني كان الرجل الذي أنقذ أربيل من السقوط بيد التنظيم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "لنعترف بأن شيعة العراق الآن وحدهم بمواجهة غطرسة أميركا التي سفكت دم قادتهم وحماتهم وحماة البلد، وعليهم الآن أن يعتمدوا فقط على أنفسهم وعلى حلفائهم من شيعة المنطقة بعد أن غــدر بهم وخذلهم شركاؤهم السياسيون الذين أثبتوا بأنهم مجرد عبيد وأدوات بيد أعدائهم".
"التقسيم هو الحل"
وكان اعتراض المجموعات السياسية الكردية علنياً على أصل التشريع، بينما حاولت القوى السياسية السنية أن تناور لتجنب التورط في التصويت على القانون، وفي النهاية قاطع الطرفان الجلسة، لكن القوى الشيعية كانت تملك غالبية النصف زائد واحد لتمضي في مشروعها.
وفور صدور قرار البرلمان، ظهر شعار "التقسيم هو الحل"، في حسابات مدونين عراقيين ينتمون إلى المذهب السني.
كتب المدون العراقي أحمد حسن، أن "التقسيم هو الحل... لا نريد أن نكون تحت رحمة مزاجية شركاء الوطن وولائهم العقائدي"، في إشارة إلى الاندفاعة السياسية الشيعية العراقية لتلبية الرغبة الإيرانية بإخراج الولايات المتحدة من العراق"، وأضاف أن القادة الشيعة "أثبتوا اليوم أنهم إيرانيون أكثر من الإيراني نفسه".
قواعد القوات الأميركية
عملياً، لا يملك الأميركيون وجوداً عسكرياً كبيراً في المناطق ذات الغالبية الشيعية، لأن وجودهم يتركز في المناطق الكردية والسنية، ما يطرح أسئلة عدة بشأن قدرة بغداد على المضي في تنفيذ قرار إنهاء الوجود العسكري للولايات المتحدة على الأراضي العراقية.
كذلك، ليس واضحاً ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستجيب لهذا القرار، لا سيما في ما يتعلق بوجودها العسكري في المناطق الكردية والسنية.
وقال المحلل الأمني الذي يقدم المشورة للحكومة العراقية هشام الهاشمي، إن "البرلمان صوت على إلغاء اتفاقية موقعة عام 2016 تثبت عضوية العراق في التحالف الدولي لمكافحة إرهاب داعش، وليس هناك ما يدل على جلاء القوات الأميركية أو الأجنبية".