وضع الاتحاد الأوروبي، في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2017، تونس على قائمة سوداء مخصصة للملاذات الضريبية الآمنة على مستوى العالم، تضمنت 17 دولة، قبل مراجعة التصنيف في 23 يناير (كانون الثاني) 2018، ليتم إدراج تونس في القائمة الرمادية، بعد تعهّد حكومي إجراء العديد من الإصلاحات وتطوير التشريعات والآليات الخاصة بمراقبة التدفقات المالية والحد من التحويلات المشتبه فيها. لكن الاتحاد الأوروبي عاد، في فبراير (شباط) 2019، ليعتبر أن تونس تتضمّن أخطاراً عالية متعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
خروج تونس من القائمة
يتوقع فيصل دربال، المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاح، خروج تونس من هذه القائمة خلال يونيو (حزيران) 2019، اعتماداً على ما ستتخذه من إجراءات لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ويقول دربال إن إدراج تونس في قائمة الدول المتهاونة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب هو تقويم سنوي يستند إلى قائمة "الغافي"، وهي مجموعة العمل المالي الدولية، ولا يأخذ في الاعتبار الإجراءات الجديدة التي اعتمدتها تونس للخروج من هذا التصنيف.
تأثيرات سلبية
من جهته، يفيد الخبير الاقتصادي معز الجودي أن قائمتين تهمان تونس في علاقتها بالاتحاد الأوروبي، وهي كانت قد خرجت من القائمة الأولى التي كانت تصنفها جنة ضريبية في فبراير 2018، لكنها ثُبتت في قائمة أخرى، هي القائمة السوداء. ويقول الجودي إن تونس تحاول تطبيق 12 بنداً من اتفاقية "الغافي"، إلا أن بند رفع السر المهني عن المحامين لا يزال موضع جدل، خصوصاً بعدما رفضته هيئة المحامين. ويؤكد الجودي أنه سيعقد اجتماعاً جديداً مع هيئة المحامين لتجاوز هذا الخلاف. ويفيد بأن وجود تونس على هذه القائمة له عواقب وخيمة، منها تعطيل التبادلات المالية. ويعتقد أن قضية مدرسة الرقاب القرآنية كان لها أثر سلبي لدى اللجنة الأوروبية، وهذا ما عطل خروج البلاد من القائمة السوداء. وإلى جانب التأثير السلبي للانضمام إلى القائمة في سمعة المُدرجين فيها، وفي المناخ الاستثماري في البلاد، تسبب التصنيف السلبي لتونس بتعقيدات كبيرة في تعاملاتها المالية مع الاتحاد الأوروبي.
محاولات مجلس النواب
في موازاة ذلك، أجرى مجلس النواب التونسي جملة تعديلات على قانون مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، تجنباً لأي أعذار أوروبية جديدة قد تؤدي إلى إبقاء تونس ضمن هذه القائمة. وقال الفاضل عمران، النائب ورئيس اللجنة المشتركة البرلمانية التونسية الأوروبية، إنهم اتخذوا أهم الإجراءات لإخراج تونس من القائمة السوداء، إلا أن أداء الحكومة الضعيف أدى إلى بقائها في القائمة نفسها. وأضاف أن من أهم هذه الإجراءات، كان اعتماد السجل الوطني للمؤسسات الذي يجبر كل المؤسسات على التعريف بنفسها ونشاطها من أجل تجنب المؤسسات الوهمية المسؤولة عن تبييض الأموال. وهذا ما سيبعد عن تونس، بحسب رأيه، شبهة أن تكون ملاذاً ضريبياً. أما الخطوة الثانية فهي مراجعة القانون الرقم 26 لعام 2015، المتعلق بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال ليكون مراعياً كل المقاييس المتفق عليها عالمياً. ولا يرى عمران أي علاقة لتمسك المحامين بالسر المهني ببقاء تونس في هذه القائمة. كذلك أعلنت اللجنة التونسية للتحاليل المالية، في البنك المركزي، تجميد 30 حساباً مصرفياً عام 2018، لوجود شبهات فساد مالي، وإحالة ملفاتها إلى النيابة العامة. كما تلقت اللجنة، وفق مصادر رسمية، حوالي 600 تصريح بشأن وجود شبهات فساد مالي أو تدفق مالي مشتبه فيه من الخارج.