وصل هارفي واينستين، منتج الأفلام الذي أصبح معروفًا في جميع أنحاء العالم بسبب سوء سلوكه الجنسي المزعوم بدلاً من عمله في صناعة السينما، إلى محكمة في نيويورك مع بدء اختيار هيئة المحلفين في محاكمته الجنائية. وفي حين كان يوما أحد أقوى الشخصيات في هوليوود، يواجه هارفي واينستاين خمس تهم تتعلق بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على امرأتين، حيث أقر بأنه غير مذنب. ولن تحدد المحكمة مصير واينستين وحده بل ستطال نتائجها حركة #مي_تو أيضاً. وإذا أدين واينستين بارتكاب الجرائم فيكفي ذلك لبقائه وراء القضبان لبقية حياته، وسوف ينظر البعض إلى الأمر على أنه النصر الحاسم على سلوك الذكور المفترس.
وكشفت وثائق المحكمة أن العديد من الشهود الرئيسيين سوف يشهدون على "أفعال السيد واينستين السيئة" لتوضيح عمق تاريخ سوء سلوكه.
ومن بينهم ممثلة "سوبرانو" أنابيلا سيورا، التي اتهمته بالاعتداء عليها في أوائل التسعينيات. وقد قررت القاضية بيرك مسبقا أن هذه الاتهامات تقع خارج نطاق قانون التقادم ورغم ذلك يعتمد المدعون العامون على شهادة سيورا للإشارة إلى نمط المنتج في التحرش والاعتداء الجنسي.
وفي المجموع، يواجه واينستين خمس تهم: تهمتان "بالاعتداء الجنسي المفترس"، تهمة بالاعتداءات الجنسية الإجرامية واثنتين بالاغتصاب، كما يواجه تحقيقات في لوس أنجلوس ولندن بالإضافة الى تحقيقات الحكومة الفيدرالية الأميركية. وقد حاول واينستين إخراج المحاكمة من مدينة نيويورك، بحجة أن الانتقاد المكثف على وسائل الإعلام سيجعل من الصعب عليه الحصول على محاكمة عادلة.
وكتبت كيتلين دولاني، إحدى الممثلات التي شاركت في دعوى جماعية ضد واينستين، وتشغل الآن منصب نائبة رئيس لجنة التحرش الجنسي في لوس أنجلوس، مقالًا على موقع أخبار "أن بي سي" عبّرت فيه عن تجربتها عندما زُعم أنها تعرضت لهجوم من قبل المنتج السينمائي. وقالت دولاني: "كان هارفي هو ملك نيويورك، وقد شعرت بالرعب من نفوذه وتأثيره. التزمت الصمت حيال اعتدائي، وأعيش مع مشاعر الخوف والصدمة والعار التي أثرت بعمق على حياتي ومسيرتي لأكثر من 20 عامًا".
وأضافت دولاني، إلى جانب العديد من الضحايا الآخرين، أن شركتي "ميراماكس" و "واينستين كو" كانتا تجبران النساء على التزام الصمت من خلال اتفاقات عدم الإفصاح ولكنهما لم تتخذا أي إجراء واينستين.
ومع ذلك، يواصل محاموه الإصرار على أنه ليس مجرمًا. ويقولون إن متهميه إما يكذبون أو لديهم علاقات معه كانت تتم بالتوافق التام.
وقبل بدء محاكمته، أجرى واينستين مقابلة مع صحيفة "نيويورك بوست"، حيث تحدث عن تعافيه في المستشفى بعد جراحة في العمود الفقري وقال إنه كان يجري المقابلة لإثبات أنه لا يبالغ في ادعاءاته بشأن مرضه بعدما ظهر في المحكمة الأسبوع الماضي مستخدماً العكاز.
واشتكى واينستين من أنه يشعر بأنه "الرجل المنسي" وأن أفلامه "الرائدة" التي كانت من إخراج النساء قد "تم إخلاؤها" في أعقاب مزاعم الاعتداء الجنسي المتعددة ضده. وتابع: "لقد صنعت الأفلام التي أخرجتها النساء وحول النساء أكثر من أي منتج سينمائي، وهذا منذ حوالي 30 عامًا. أنا لا أتحدث عن الآن عندما أصبح ذلك رائجًا".
وأصدرت 23 امرأة من بين ضحايا المنتج الهوليودي ليلة الأحد في الخامس من فبراير بيانًا ردا على ما جاء في مقابلته:
"يحاول هارفي واينستين سرقة الأضواء مرة أخرى. ويقول في مقابلة جديدة إنه لا يريد أن ينسى. ونحن متأكدات انه لن ينسى، لانه سوف يتم تذكره باعتباره مفترسًا جنسياً ومسيئًا غير نادم. ونحن نرفض السماح لهذا المفترس بإعادة كتابة ميراثه عن سوء المعاملة، لم نعد صامتات، نحن قويات، وممتنات للدعم الكثير ونتطلع نحو مستقبل أكثر أمنا وأكثر إنصافا".
وبحسب ما ورد وصل عدد من الضحايا المزعومات إلى تسوية مع واينستين بقيمة 25 مليون دولار.
وقدمت عشرات النساء، بما في ذلك الممثلتين غوينيث بالترو وأنجيلينا جولي، ادعاءات ضد واينستين، والتي تم الإبلاغ عنها لأول مرة في صحيفة نيويورك تايمز ومجلة نيويوركر في أكتوبر 2017. بعد ذلك، وفي غضون أيام، طُرد واينستين من أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، والتي تختار الفائزين بجائزة الأوسكار.
وأدت قضيته وكذلك قضايا الشخصيات القوية الأخرى في صناعة الترفيه، إلى ظهور حملات "مي تو" لدعم ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي.
وأصبحت الحملة إحدى أكثر العلامات المستخدمة على نطاق واسع. وفي العام 2019، شوهدت الحملة 42 مليار مرة، وفقا لبيانات من شركة الأبحاث "براند واتش" (Brandwatch.(
وقال الخبراء إن إيجاد محلفين محايدين في نيويورك سيكون تحديًا للفريقين القانونيين وسط الضجة الإعلامية التي تحيط بالقضية ومن المحتمل أن يسأل المحامون المحلفين المحتملين حول معرفتهم وآرائهم في القضية، وتاريخ عملهم وما إذا كانوا ضحايا لسوء سلوك جنسي.