لم يوقّع المشير خليفة حفتر على اتفاق مقترح السلام الذي قدمته تركيا وروسيا الاثنين 13 يناير (كانون الثاني)، لإنهاء الصراع في ليبيا.
في الأثناء، أعلنت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة حفتر، التي تحاول انتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس من الحكومة الموقتة برئاسة فايز السراج، "أننا جاهزون وعلى النصر مصممون".
في السياق ذاته، هدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الثلاثاء، "بتلقين درس" لحفتر، إذا استأنف هجماته ضد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.
وقال اردوغان في خطاب أمام نواب حزبه "لن نتردد أبدا في تلقين الانقلابي حفتر الدرس الذي يستحقه إذا واصل هجماته ضد الادارة المشروعة وضد أشقائنا في ليبيا".
وعلى الرغم من رفض حفتر التوقيع ومغادرته موسكو، أكد اردوغان أنه سيواصل مشاركته في مؤتمر السلام في ليبيا المقرر عقده الأحد في برلين.
وقال الرئيس التركي "سنناقش هذه القضية الأحد في مؤتمر برلين الذي ستشارك فيه إلى جانب تركيا، المانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا وايطاليا ومصر والجزائر والإمارات العربية المتحدة".
من جهة أخرى، قال اردوغان أن حفتر كان سيسيطر على الأراضي الليبية لولا تدخل تركيا التي بدأت نشر عسكريين لدعم حكومة الوفاق الوطني مستفيدة من اتفاق وقعه الطرفان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
مراقبة محايدة
وفيما تعثّرت المفاوضات غير المباشرة التي شهدتها العاصمة الروسية، موسكو، بين حفتر والسرّاج، بغية التوصّل إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار دخل حيّز التنفيذ الأحد، أفادت مصادر دبلوماسية أنّ مباحثات تجري في الأمم المتحدة لإرسال بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار المرتقب في ليبيا.
وأكّد المتحدّث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الحاجة إلى "مراقبة محايدة" إذا ما تمّ التوصّل إلى وقف لإطلاق النار بين طرفي النزاع.
وقال دوجاريك إنّه "من أجل احترام وقف إطلاق النار في ليبيا، يجب أن تكون هناك آلية محايدة للمراقبة والتطبيق، بالإضافة إلى تدابير لبناء الثقة".
ولفت المتحدّث الأممي إلى أنّ "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا" (تضمّ نحو 230 شخصاً) بقيادة غسان سلامة "تقوم بتسجيل انتهاكات وقف إطلاق النار المبلّغ عنها والتحقّق منها".
ومن المفترض أن تمهّد الهدنة إلى مؤتمر دولي في شأن ليبيا يعقد برعاية الأمم المتحدة في برلين الأحد 19 يناير. ويمكن لمجلس الأمن الدولي أن يدعم نتائج المؤتمر بقرار يكرّس هذه النتائج ويقرّر إنشاء بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا.
ووفقاً لدبلوماسيين فإنّه ليس مطروحاً على طاولة البحث تشكيل بعثة لحفظ السلام في ليبيا بل بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار مماثلة لتلك الموجودة في اليمن.
وقبل عام ، أجاز مجلس الأمن الدولي نشر 75 مراقباً أممياً للإشراف على وقف إطلاق النار في الحُديدة (غرب اليمن) وانسحاب القوات من هذه المنطقة الساحلية المطلّة على البحر الأحمر.
وجدّد مجلس الأمن هذه المهمة الاثنين لمدة ستة أشهر تنتهي في 15 يوليو (تموز).
مزيد من الوقت
وخلال المحادثات في موسكو، التي استمرت لنحو ثماني ساعات، حث الوسيطان الروسي والتركي الطرفين المتنافسين على توقيع هدنة ملزمة تنهي حربهما وتمهد الطريق لتسوية قد تؤدي إلى استقرار هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن السراج الذي يرأس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس وقع على اتفاق وقف إطلاق النار.
لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال إن حفتر طلب مزيداً من الوقت حتى صباح الثلاثاء لدراسة وقف إطلاق النار.
وقال لافروف للصحافيين في مقر انعقاد المحادثات "نستطيع أن نقول إنه جرى إحراز بعض التقدم".
وذكرت قنوات مؤيدة للجيش الوطني الليبي أن حفتر غادر موسكو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعت صفحات مؤيدة للجيش الوطني الليبي في منشورات إلى تنظيم تجمع دعماً لحفتر، الثلاثاء، في مدينة بنغازي بشرق ليبيا.
وجاءت المحادثات في موسكو بعدما أدى وقف لإطلاق النار في ليبيا دعت إليه تركيا وروسيا إلى تهدئة القتال العنيف والضربات الجوية، الأحد. لكن الطرفين تبادلا الاتهامات بانتهاك الهدنة مع استمرار المناوشات حول طرابلس.
وساد الهدوء، الاثنين، في طرابلس، فيما جرى استئناف العمليات في مطار معيتيقة وهو المطار الوحيد الذي يعمل في العاصمة. وكان قد تقرر تعليق الرحلات في المطار في وقت سابق هذا الشهر بعد سقوط صواريخ بالقرب منه.
محاولات إنهاء الفوضى
ومسعى السلام التركي الروسي، الذي بدا أنه شهد إجراء محادثات غير مباشرة مرهقة بدلاً من محادثات مباشرة بين الوفدين الليبيين، هو أحدث محاولة لإنهاء حالة الفوضى المستمرة في ليبيا منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي في 2011.
وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء أن السراج رفض إجراء محادثات مباشرة مع حفتر. ما اضطر دبلوماسيين روساً وأتراكاً للقيام بجهود الوساطة بين الوفدين الليبيين.
وكان الاجتماع الأخير جمع السراج وحفتر في العاصمة الإماراتية أبوظبي في فبراير (شباط) 2019 ثم انهارت المحادثات بسبب الخلاف على اتفاق لتقاسم السلطة.
وحرك حفتر قواته في اتجاه طرابلس في أبريل (نيسان) 2019، باسطاً نفوذه على مناطق تجاوزت شرق وجنوب البلاد.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متحدثاً إلى جانب رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في أنقرة، إن بلاده تعمل على ضمان أن يكون وقف إطلاق النار في ليبيا دائماً.
وعبر أردوغان عن أمله في أن تشكل محادثات موسكو أساسا للمناقشات التي ستُجرى خلال مؤتمر برلين. وقال إنه سيحضر هذا المؤتمر بمشاركة كونتي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، السبت، إنها تعتزم استضافة المؤتمر بعد إجراء محادثات مع بوتين.