موجة إرهابية جديدة في مصر بعد فترة هدوء نسبي، بدأت بتفكيك عبوة ناسفة في محيط مسجد الاستقامة بميدان الجيزة الجمعة 15 فبراير (شباط)، واستهداف نقطة تفتيش في شمال سيناء أسفرت عن مقتل 15 عسكرياً مصريا، كذا تفجير انتحاري في محيط الجامع الأزهر بوسط القاهرة، الاثنين 18 فبراير، ما أسفر عن مقتل شرطيين اثنين وجرح اثنين آخرين. موجة تتحدى وتختبر مدى استقرار الأوضاع في مصر، بُعيد الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير، وسط مؤشرات اقتصادية جيّدة تفيد بانخفاض الدولار مقابل الجنيه المصري أخيرا نحو 35 قرشاً، للمرة الأولى منذ قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016، ومؤشرات على تعافي السياحة.
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال أمام مؤتمر ميونيخ للأمن السبت الماضي، إن "الإرهاب بات ظاهرة دوليّة لها مخاطر متعاظمة تؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمعات، وهو ما يستلزم من الجميع بذل جهود حثيثة وصادقة، لاقتلاع جذور تلك الظاهرة البغيضة التي تعدّ التهديد الأوّل لمساعي تحقيق التنمية، بما في ذلك تضييق الخناق على الجماعات والتنظيمات التي تمارس الإرهاب، أو الدول التي ترى في غض الطرف عنه، بل وفي حالات فجّة تقوم بدعمه، وسيلة لتحقيق أهداف سياسية ومطامع إقليمية".
وشهدت مصر فترة كمون وتراجع ملحوظ للإرهاب نتيجة الضربات الأمنية المستمرة، مدفوعة بالعملية الأمنية الشاملة في سيناء، غير أن هذه الموجة تعيدنا للتذكير بتاريخ طويل ومرير للعمليات الإرهابية في مصر منذ اندلاع أحداث الربيع العربي في يناير (كانون الثاني) 2011.
ووفق دراسة للباحث أحمد كامل البحيري، المتخصص في شؤون الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن الفترة من 2011 إلى 2017 يمكن تقسيمها إلى أربع مراحل مختلفة على النحو التالي:
المرحلة الانتقالية الأولى (حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية) 11 فبراير 2011/ 29 يونيو:
شهدت هذه المرحلة عمليات إرهابية عدة تمركزت في شمال سيناء، ويمكن تحديد مساراتها إلى مستويين: عمليات إرهابية منفردة، حيث قامت بعض الجماعات السلفية الجهادية بسيناء بـ 15 عملية إرهابية على نمط ما يسمى (الذئاب المنفردة)، تركزت على تفجير خطوط الغاز بسيناء (خط الغاز المصري الأردني)، والمستوى الثاني أخذ منحى جديدا بعد توحيد العناصر المتطرفة عملها بسيناء تحت راية تنظيمية واحدة، وتصاعدت حدة العنف حتى وصلت إلى (19) عملية كبرى، كانت عملية 29 يوليو 2011 شرارة البداية وأسفرت عن مقتل خمسة من بينهم ضابط بالقوات المسلحة المصرية، ثم توالت العمليات الإرهابية بقوة بالهجوم على فندق طابا في 10 يناير 2012، والاستيلاء على سيارة لقوات الأمن المركزي ومقتل بعض القوات بمنطقة الحسنة بوسط سيناء في 24 مارس 2012، وانتهت فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بهجوم العناصر الإرهابية على نقطة أمنية بمنطقة فيران بجنوب سيناء، وأسفرت عن مقتل مجندين.
2- المرحلة الدستورية الأولى (الرئيس الأسبق محمد مرسي) 30 يونيو 2012/ 3 يوليو 2013:
11 عملية إرهابية و 22 قتيلا من قوات الأمن المصرية في سيناء خلال عام هو فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، بدأ مرسي فترة حكمه بوقوع أكثر العمليات الإرهابية عنفا بمقتل 16 ضابطا وجنديا مصريا من قوات الشرطة بمنطقة رفح في 5 أغسطس 2012، تلك العملية التي تعتبر نقطة تحول في المشهد السياسي والأمني المصري، ففي أعقاب تلك العملية أُلغي الإعلان الدستوري الصادر في 17 يونيو 2012، والذي يعطي الحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مناقشة الموازنة العسكرية وحق الاعتراض على بعض بنود الدستور المقترحة، وأعقبه إجراء تعديلات عسكرية بخروج المشير طنطاوي وزير الدفاع والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة وبعض القيادات العسكرية والأمنية من الخدمة وتولي المشير عبد الفتاح السيسي منصب وزير الدفاع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المرحلة الانتقالية الثانية (الرئيس عدلي منصور) 4 يوليو 2013/ 7 يونيو 2014:
شهدت هذه المرحلة في أعقاب ثورة 30 يونيو وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي تصاعد معدلات العمليات الإرهابية واتساع رقعتها لتخرج من حيز سيناء لتنتقل للعمق المصري في الوادي والدلتا، مع قوتها وتنوع مستهدفاتها، وتزايد معدلات العنف تجاه الكنائس المصرية، وصلت إلى نحو (222) عملية، وصلت حد استهداف اللواء أركان حرب أحمد وصفي قائد الجيش الثاني أثناء تفقده القوات بمنطقة الشيخ زويد في 11 يوليو 2013، وهي أول محاولة لاستهداف إحدى القيادات العسكرية بالجيش المصري، ثم جاءت العملية الإرهابية الأكبر من حيث عدد الضحايا بمقتل 25 ضابطا وجنديا في 19 أغسطس 2013، والتي عرفت بمذبحة رفح الثانية.
المرحلة الدستورية الثانية ( الرئيس عبد الفتاح السيسي) 8 يونيو 2014 وحتى 25 يناير 2017:
1003 عملية هي مجمل العمليات الإرهابية التي وقعت خلال المرحلة الدستورية الثانية في الفترة من (يوليو 2014 وحتى 25 يناير 2017)، تحت حكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. واتسمت تلك الفترة بخصائص وأشكال مختلفة من العمليات الإرهابية، فعلى الرغم من استمرار تصدّر محافظة شمال سيناء كواحدة من أعلى محافظات الجمهورية التي تقع بها عمليات إرهابية، وأيضا من حيث عدد ضحايا قوات الأمن المصرية، إلا أن تنوع المستهدفات في العمق المصري (الوادي والدلتا) أخذ أشكالا جديدة من حيث استهداف شبكات الكهرباء والبنية التحتية ووسائل النقل، بجانب استهداف بعض المؤسسات الاقتصادية الخاصة، وخصوصا خلال عام 2015. وكان المستهدف الجديد بالنسبة للتنظيمات والعناصر الإرهابية خلال هذه المرحلة الدستورية هو استهداف رجال القضاء، وكان أبرزها استهداف موكب النائب العام الراحل (هشام بركات) بجانب قيادات عسكرية كبرى وبعض الشخصيات العامة.
وبحسب صحيفة "الوطن" المصرية، بلغت العمليات الإرهابية في عام 2017 نحو 110 عمليات، فضلا عن إحباط ما يقرب من 144 عملية إرهابية كبرى، ومن أبرز الحوادث حادث كنيسة القديسين بطرس وبولس، والكنيسة البطرسية بالعباسية.
ووفق تحليل الهيئة المصرية العامة للاستعلامات لحصاد العام 2018، أكدت الهيئة الرسمية أن القراءة الدقيقة لتطور الإرهاب في مصر تظهر "تراجع الإرهاب ودخوله مراحله النهائية"، فالحصيلة النهائية في 2018 كانت الأقل طوال السنوات الخمس السابقة، فقد وقعت خلال 2018 ثماني عمليات إرهابية فقط، جاءت خمس منها بعبوات ناسفة غير متطورة الصنع، وفشل عدد منها في تحقيق أهدافه، بفضل العملية الشاملة التي يقودها الجيش المصري ضد التنظيمات والجماعات الإرهابية في سيناء.
وأضافت الهيئة أنه على مستوى الرصد والقضاء على قيادات التنظيمات الإرهابية، تمكنت العملية الشاملة من استهداف العديد من قيادات الصف الأول والثاني بتنظيم بيت المقدس "ولاية سيناء" الإرهابي منذ بدئها في فبراير 2018.