Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"داعش" يتصيّد العراقيين الباحثين عن "الألماس الأسود" في الصحراء

حفّزت أسعار الكمأة المرتفعة مئات العراقيين العاطلين من العمل على الذهاب إلى الصحراء، لكن عدداً منهم لم يرجع بعد

امتلأت الأسواق العراقية بالكمأة بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدها شتاء العراق هذا الموسم (رويترز)

تحول البحث عن الكمأة الثمينة، في صحراء العراق الغربية، من فرصة لكسب الرزق إلى فخ يُسبب سقوط ضحايا، بعدما انتهز تنظيم "داعش" الفرصة لأسر مدنيين توغلوا في مناطق نائية ومعزولة، على أمل إيجاد كميات كبيرة من الكمأة، التي تحظى بإقبال كبير في السوق العراقية.

الألماس الأسود

والكمأة، التي تعرف بـ "الألماس الأسود"، هي فطر بريّ موسميّ صالحة للأكل، تنمو في الصحراء بعد سقوط الأمطار. وتُعرف صحراء العراق الغربية بأنها أبرز مناطق نمو الكمأة، إذ يخرج المئات سنوياً إلى مجاهلها بحثاً عنها.

ومنذ العام 2013، تراجعت معدلات البحث عن هذه المادة في الصحراء، بسبب المخاطر الأمنية المرتبطة بوجود "داعش".

ومع استعادة القوات العراقية سيطرتها على معظم مناطق البلاد، قبل أكثر من عام، عادت هذه التجارة المربحة إلى الواجهة، بسبب الاستقرار الأمني النسبي، الذي حفّز هواة هذا النوع من العمل على مزاولة نشاطهم مجدداً.

وبسبب الأمطار الغزيرة التي شهدها شتاء العراق، هذا الموسم، امتلأت الأسواق المحلية بالكمأة، وسط طلب هائل، حافظ على سعرها المرتفع. وتتحدّد أسعار الكمأة وفق حجمها، إذ كلما زاد حجم الكمأة ازداد سعرها. وتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد، في بعض الأحيان، حاجز الـ 25 دولاراً أميركياً.

ويعتمد جمع الكمأة من الصحراء على البحث الدقيق، ويمكن أن يجمع الشخص الواحد نحو 30 كيلوغراماً في اليوم الواحد، إذا وجد منطقة مناسبة.

فلول "داعش" تنتهز الفرصة

حفّزت الأسعار المرتفعة مئات العراقيين، العاطلين من العمل، على الذهاب إلى الصحراء للبحث عن الكمأة. لكن هذا ما مثّل، في المقابل، فرصة نادرة أمام فلول "داعش" لأسر عدد منهم، في محاولة للتدليل على استمرار وجوده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبلّغ سكان محليون عن اختطاف أقرباء لهم من محافظات الأنبار وكربلاء والنجف وصلاح الدين، في مناطق صحراوية، بعدما خرجوا لجمع الكمأة، فيما عُثر على جثث عدد منهم.

وتداول مدونون، الثلثاء، صوراً لعدد من ضحايا البحث عن الكمأة، الذين قضوا على أيدي عناصر "داعش" في منطقة صحراوية بالقرب من الحدود العراقية السعودية، بعدما أعلنت السلطات الأمنية العثور على جثث في مناطق بالقرب من حدود العراق مع كل من سوريا والأردن.

وقال مسؤولون محليون في الأنبار، إن الجيش حرّر 5 أشخاص، من بين 12 شخصاً اختطفهم "داعش"، لدى توغلهم في الصحراء، بحثاً عن الكمأة. فيما قال مسؤولون في كربلاء إن السلطات المحلية تعمل على تحديد عدد المفقودين في صحراء الأنبار، بعدما بلّغت عائلاتهم عن عدم عودة أبنائها الذين توجهوا إليها منذ أيام.

الأمن العراقي يتحرك

أصدر محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب العراقي، الأربعاء، بيان إدانة لـ "الأفعال الإجرامية التي ارتكبها عناصر تنظيم داعش الإرهابي، التي استهدفت المدنيين العزّل الباحثين عن رزقهم في صحراء محافظة الأنبار"، مطالباً بـ "تضييق الخناق على عناصر داعش وملاحقتهم في أوكارهم في عمق الصحراء الغربية والقضاء عليهم نهائياً".

ودعا الحلبوسي المدنيين إلى "عدم الدخول في عمق المناطق الصحراوية البعيدة من سيطرة القوات الأمنية، وألَّا يصبحوا فريسة سهلة للإرهاب، وأن يفوّتوا الفرصة على عناصره الساعين إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحررة".

في المقابل، ربط قيس الخزعلي، زعيم حركة "عصائب أهل الحق"، بين هذه الحوادث ورغبة الولايات المتحدة في توسيع دائرة نفوذها العسكري على الأراضي العراقية.

وقال الخزعلي إنه في ظل التركيز الأميركي على عودة خطر داعش، الذي تزامن مع انسحاب قواتها من سوريا ومحاولة إيجاد مبرّرات لوجودها في العراق، "لا نستبعد وجود أيادٍ أميركية وراء خطف المدنيين في كربلاء وصلاح الدين".

تقول مصادر أمنية في الأنبار إن توجه السكان الكثيف نحو الصحراء، بحثاً عن الكمأة، فرض على قوات الجيش تحريك دوريات مواكبة لتوفير الحماية للمدنيين.

وتضيف المصادر أنه في بعض الحالات اكتشف الجيش بالصُدفة مضافات سريّة أقامها عناصر "داعش" في الصحراء، لتخزين السلاح والتخطيط لتنفيذ هجمات.

وتؤكد هذه المصادر أن القوات المكلفة بحماية القاطع الغربي من البلاد مستنفرة منذ الثلثاء، بعد ازدياد عمليات خطف المدنيين الباحثين عن الكمأة، مشيرة إلى أن السلطات الأمنية لجأت إلى فرض قيود على حركة المدنيين في مناطق صحراوية شهدت في الآونة الماضية نشاطاً لـ "داعش".

ولا تستبعد المصادر تنفيذ عمليات واسعة في الصحراء الغربية، بحثاً عن مضافات سرية يستخدمها "داعش" مواقع للانطلاق بهدف اختطاف مدنيين.

ويتوقع السكان المحليون أن تستمر عمليات البحث عن الكمأة خلال الشهرين المقبلين، مع استمرار الأمطار بالهطول على مناطق صحراوية في الأنبار.

المزيد من العالم العربي