قد ينتهي المطاف ببريطانيا بتنفيذ اقتراح المفوّض التجاري لدى الاتحاد الأوروبي الذي ارتأى أن تعطي أساطيل الصّيد الأوروبية حقّ الدّخول إلى مياهها مقابل منح الممولين البريطانيين شروطاً تفضيلية في القارة.
يرى فيل هوغان، المفوّض الإيرلندي الذي سيكون أحد الشخصيات المؤثّرة في الجولة التالية من المحادثات بشأن بريكست، أن من الضّروري جداً إجراء "عمليات مقايضة" في إطار المباحثات التي سيجريها الطرفان الساعيان للحصول على امتيازات وتنازلات على مستويات مختلفة.
ومن المحتمل أن يُثير هذا الاقتراح غضب مؤيّدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذين يعتبرون حقوق الصّيد جزءاً لا يتجزأ من السّيادة البريطانية، وذلك على الرّغم من الدّور الهامشي لهذه الصناعة في اقتصاد المملكة المتحدة، إذ لا يشكّل سوى 0.1 في المئة من إجمالي النّاتج المحلي.
وقال المفوّض التّجاري هوغان لصحيفة "اندبندنت الإيرلندية"، إنه "ستكون هناك مقايضات بالتأكيد، لاسيما في نهاية المفاوضات". وأضاف أنّ "الاتحاد الأوروبي سيسعى للحصول على تنازلات من أجل الوصول إلى مصائد الأسماك، في الوقت الذي ستسعى فيه على الأرجح المملكة المتحدة للحصول على امتيازات على مستوى الخدمات المالية".
وكان بعض أنصار بريكست قد قدموا وعوداً كبيرة بشأن ما سيكون عليه تأثير الخروج من الاتحاد الأوروبي على قطاع صيد الأسماك في بريطانيا. هكذا أكد النائب المحافظ بيتر ألدوس قبل أيام لبرنامج "توداي" الذي يبثه راديو فور التابع لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) إنّ كمية الأسماك التي يحقّ للصيادين البريطانيين اصطيادها ستزداد "بواقع سبعة أضعاف".
وأوضح أنّ " مخزوناتنا السمكية الخاضعة لنظام الحصص، ستشهد ارتفاعاً بواقع سبعة أضعاف وسينعكس ذلك زيادةً في غلّات الأساطيل البريطانية في الجنوب وبحر الشمال"، على حدّ تعبير نائب دائرة "وافيني" الانتخابية.
لكنّ الاتّحاد الأوروبي يُصرّ على أن يكون الوصول إلى مناطق الصّيد جزءاً من أيّ اتفاقٍ تجاريّ أساسيّ يُوقع بنهاية العام الحالي، مع التأكيد على نيّته في الدّفاع عن مصالحه الخاصة. ويتزامن موقف الاتحاد هذا مع تحديد بوريس جونسون نهاية عام 2020 موعداً نهائياً للتوصل إلى اتفاقية مع الاتحاد، وهو قرار ينطوي على الكثير من المجازفة، ما سيفرض عليه بعض الضغط كي يوقع اتفاقية من أجل تفادي سيناريو الخروج من دون اتفاق بشروط "منظمة التّجارة العالمية".
معروف أن حقوق الصيد مهمة بالنسبة إلى بعض الدول على غرار فرنسا التي تستخدم المياه البريطانية، ما يعني أنّ القادة الأوروبيين سيبذلون ما في وسعهم لتجنب مغادرة بريطانيا من دون صفقة أواخر العام الجاري.
تجدر الإشارة إلى أنّ أجزاء مهمة من قطاع الخدمات المالية البريطاني ستُستبعد من الأسواق الأوروبية في أعقاب تنفيذ بريكست ما لم يجرِ إعداد اتفاقيات خاصة بشأنها. وبالفعل، بدأت رياح التغيير تهبّ على بعض الشّركات: ففي يوم الثلاثاء، أعلنت شركة النفط الفرنسية "توتال" عن رغبتها في نقل أقسامها التي تتخذ من لندن مقراً لها وهي خاصة بإدارة الخزينة، إلى باريس بسبب بريكست. وكانت المجموعة قد نقلت عملياتها إلى لندن عام 2013.
وفي سياقٍ متصل، ناقش ديبلوماسيون من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في إطار الندوات التي عُقدت مع مسؤولين في المفوضيّة صباح يوم الثلاثاء، طريقة مقاربته موضوع حقوق الصيد في المفاوضات.
وأعدّ فريق ميشال بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي عرضاً لشرائح حذروا فيه من أن " التحدي الذي ينتظرنا غير مسبوق من حيث الحجم" وأن أهداف الاتحاد تشتمل على "الوصول المتبادل " الى البحار و" حصص مستقرة" من الصيد.
© The Independent