ينمو شعر النساء والرجال حوالى سنتمتر واحد شهرياً. ولكن كيف لشعر النساء أن يطول أكثر؟
يمر الشعر بثلاث مراحل: المنبت ويستمر من سنتين إلى سبع سنوات، التحول ويستغرق 10 أيام، البقاء أو الإلقاء ويستمر ثلاثة أشهر.
ولكن الهرمونات تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على الطول. فهرمون التستوستيرون الذكري يسرّع في الوصول إلى المرحلة الثالثة، في حين يساعد الأستروجين الأنثوي في استمرار المرحلة الأولى أكثر لدى الإناث.
وربما لهذا السبب سمي الشعر تاج المرأة، وعرف كرمز للجمال والأنوثة. وعلى الرغم من أن التاريخ حفل بالشعر الطويل للرجال والنساء، إلا أن المجتمع الحديث ذهب إلى اعتبار الشعر القصير مظهراً رجولياً. ويختلف هذا المفهوم بحسب تنوّع الحضارات، ولكن مجتمعنا العربي لا يُحبّذ الشعر الطويل للرجل ولا القصير للسيدة.
الشعر عنوان الأنوثة
جومانا ماجد، سيدة خمسينية مصابة بالسرطان، فقدت شعرها بسبب العلاج الكيميائي، تخبر "اندبندنت عربية" أنه عندما أخبرها الطبيب أنها ستفقد شعرها شعرت أنها ستفقد أنوثتها، لأن المتعارف عليه أن جمال المرأة في شعرها، لكنها اعتبرت إنه إذا كان هذا الثمن للشفاء فلا بأس به.
عندما بدأ شعرها بالتساقط حلقت ماجد شعرها نهائياً، كي لا تراقبه يتساقط يومياً ويسبب فراغات في الرأس. بعد أيام عدّة، تقبّلت شكلها من دون شعر. تقول إنها كانت ستتخذ القرار نفسه حتى لو لم تكن محجبة، وكانت لتستعين بالشعر المستعار.
مع التقلبات النفسية كانت ماجد ترفض شكلها ثم تعود لتقبل الواقع. ولكنها فرحت عندما عاد شعرها للنمو بكثافة أكثر، لكنه لم يكن بطبيعته بعد تغيير نوع العلاج.
تقول ماجد إنها عندما تكون في خضم فقدان الشعر لا تفكر بالأنوثة أو عدمها. ففي الصيف، كانت تشعر أن "الصلعة" مريحة، ولكن في الشتاء تشعر بالبرد أكثر. وتقول إن الصلعة كان شكلها جميلاً مع وجهها.
ما أزعج ماجد أكثر هو تساقط الرموش، الذي أشعرها بالمرض أكثر، خصوصاً أن الوهن يظهر في العيون بسبب المرض والعلاج.
عند تساقط شعرها استعانت بالبروكة في المجتمع النسائي والداخلي، خصوصاً في حضور بعض الأشخاص الذين استهجنوا شكلها من دون شعر، وسمعت كلاماً لا ينمّ عن التعاطف معها.
وعلى الرغم من الانزعاج من فقدان الشعر، إلا أن العوارض الأخرى أسوأ بكثير كضعف الأسنان وفقدانها، وقد تكون الأمور المخفية مؤلمة ومزعجة أكثر من المظهر وفقدان الشعر.
أما عن الشعر الطويل للشباب، فتقول ماجد إنه حرية شخصية، غير أنها تفضل الشعر القصير للرجال.
من الطويل إلى الجدائل إلى القصير
ريشار ميلان، فنان مغني وموسيقي، كان قد أطال شعره وصنع منه جدائل ثم قصّه إلى قصير جداً.
لا يعتبر ميلان أن للشعر هوية جندرية إذا كان طويلاً. فالإغريق، كما يقول، اعتبروه دلالة على الرجولة. وفي الميثولوجيا، كانت هناك علاقة بين الشعر الطويل والرجولة. وفي التاريخ العربي والإسلامي كانوا يطيلون شعرهم حتى الأكتاف. وفي بعض الحضارات، كان شعر "السيد" طويلاً و"العبد" أقرع. لكن المجتمعات لاحقاً أصبحت تعطي رموزاً أخرى للشعر. ويضيف نعرف يسوع بشعره الطويل، ولكنه يعتقد أن الكنيسة كرّست الشعر القصير من ناحية أخرى، والمجتمعات تبعتها للتمييز بين الرجل والمرأة. ويشير إلى أنه في كل ثقافة وفترة زمنية تتغير معاني الشكل الخارجي.
أما لماذا أطال شعره، فيقول لأنه أحب ذلك وكان معجباً بثقافة الغجر وتعاطي الأفارقة مع الشعر الطويل. وكون عمره كان حوالى 20 سنة، فقد كان لديه رفضاً للتقاليد المتحجرة والسلطة الأبوية والذكورية، فاعتبر هذا الاختلاف وسيلة للتعبير عن تمرده. ثم قص شعره عندما أصبح متعلقاً جداً بفكرة الشعر الطويل وأحب التجرد والتخلي عن أمور كثيرة تعلق بها، فكان لشعره الطويل نصيب.
وكان ميلان قد زاد ضفائر (جدائل رفيعة) إلى شعره عندما كان طويلاً لسببين. الأول له علاقة بإعجابه بكيفية تعاطي الأفارقة مع شعرهم. والثاني حشريته تجاه المجتمع الأثيوبي في لبنان وغيرهم ممن يعيشون "وراء الستار"، فكان يتغلغل في أزقة محلة الأشرفية، في العاصمة اللبنانية بيروت، ويبحث عن صالونات خاصة بهم، ويتحدث معهم عن المجتمع اللبناني. وأنه عندما وضع الجدائل لم يكن يدرك أنها ستكون بمثابة تحد في المجتمع، وأن "أي تفصيل صغير نغيره في شكلنا ويخرجنا من المألوف يأخذ بعداً وأهمية أكثر من اللازم. بالنسبة إليّ لا داعي لتحميل الشعر كل هذه المعاني، ويستطيع كل شخص أن يفعل ما يحب من دون أحكام".
الشيب لا يزعج ميلان، ويعتبر أنه يجب ألا "يتعقّد" الشخص كونه كبر وكأنه سيخلد، فالحياة فصول. ويخبر أنه مرتاح لشيبه وكلما كبر شعر أنه يقترب أكثر إلى الطبيعة وتقبل تغيراتها.
إما طويل جداً أو قصير جداً
قدموس الخطيب، مهندس مساحة ورسام، أطال شعره في عمر 26، لسنتين، في المرة الأولى، حتى وصل طوله 80 سنتيمتراً. وكان حينها يجرّب إذا كان يليق به، وأحبّه. لكنه يتطلب منه اهتماماً كبيراً، كما يروي، وكان يربطه أحياناً ويفرده مرات أخرى. بعد 10 سنوات أطاله مجدداً، وكان متزوجاً ويعمل في السعودية، وكان قراراً عن تجربة. أراد حينها تغيير اللوك بشكل كامل، فأطال ذقنه وشعره وكان يربطه دائماً إلى الأعلى ولم يكن يأخذ وقتاً في الاهتمام كما يقول. وبقي عامين ونصف العام، لكنه اضطر لتقصيره بسبب تساقط الشعر. يقول الخطيب إنه ما زال يشعر أن الشعر الطويل يعبّر عن مشاعر مجنونة ولها علاقة بالفن وغير تقليدية. لذا، عندما قصه جعله قصيراً جداً للحفاظ على المزاج ذاته، فبالنسبة إليه إما شعر طويل جداً أو قصير جداً.
تعرض الخطيب للانتقاد على اعتبار أن إطالة الشعر شأن أنثوي، وقلائل من أعجبهم في المرة الثانية. أدار الأذن الطرشاء للانتقاد، بخاصة أنه كان يعجب حبيبته، حينها، كثيراً.
بالنسبة إلى الصبايا، يحب الخطيب الشعر الطويل جداً، ويعتبره إضافة جمالية. وفي حال كان قصيراً، فمن الأفضل أن تكون قصة تليق بوجهها وشخصيتها. وهو يحب اللون الأحمر الداكن والأسود، ولا يزعجه شيب المرأة والرجل، كما يقول.
الألوان المجنونة
طوني الأسمر، وهو مزين شعر، شعره طويل جداً ومجعد ويغزوه الشيب، الأمر الذي يعطيه مظهراً خاصاً. وهو يطيل شعره منذ عام 2000، ويقص أطرافه للحفاظ على رونقه.
يعتبر الأسمر الشعر لوحة فنية، أو مثل نغمة آلة موسيقية، ولا يختلف الموضوع عنده بين الرجل والمرأة.
يعمل الأسمر بحسب شخصية كل شخص، لأن الشعر في رأيه يعبّر عن شخصية الإنسان وعليه يقوم بقص أو تصفيف أو تجديد اللوك للشخص.
الشعر يحتاج إلى اهتمام، يقول الأسمر، بغض النظر عن نوعه وشكله ولونه. ويبدأ الاهتمام بالغذاء الذي نتناوله، فإذا أردنا شعراً صحياً يجب أن نتناول الأغذية المناسبة. ويحتاج الشعر إلى حمام زيت مكوّن من الكريم والكولاجين والفيتامينات كل شهر أو شهر ونصف الشهر. وإذا كان مصبوغاً يحتاج إلى اهتمام أكثر، لأن الصبغات تحتوي على مادة الأمونياك التي تجعل الشعر جافاً. فالبندويل، أو حمام الزيت، له معدل مكثف من الفيتامينات والكريمات، مع قصّ أطرافه بشكل دوري كل شهرين على الأكثر.
يعتبر الأسمر أن الشعر الطويل أسهل للترتيب، ويمكن أن يربط كذيل الفرس، أو يجمع ككعكة أو ضفيرة. أما الشعر القصير فيحتاج إلى تسريح يومي وجيل وواكس وكريم، ويحتاج إلى متابعة شكل القصة التي تغيب تفاصيلها عادة مع الشعر الطويل.
يحب الأسمر العمل بالشعر المجعد كونه يظهر عفوياً، وأي حركة فيه تضفي مزيداً من الجمالية وتبقى تسريحته ثابتة لفترة طويلة، وفيه شيء من الفوضى الجميلة. أما التحدي بالنسبة إليه فهو الشعر المالس، لأنه دقيق وحساس ويظهر عليه أي عيب صغير.
أما الصبغة، في رأي الأسمر، فلها علاقة بالحالة النفسية. فإذا كانت متعبة تلجأ السيدة إلى تغيير اللون لتغيير مزاجها، وقلائل من يتقبلن الشيب، بخاصة إذا جعل الصغيرات في السن يبدون أكبر. ويضيف بأن الأكثرية غير متصالحين مع الشيب، ويربطونه بالعمر مع أنه قد يبدأ أحياناً في سن صغير، وأحياناً يكون الشيب جميلاً جداً.
في الصبغات، يعتبر الأسمر أن الألوان الهادئة الترابية تليق بالجميع، من الشقراوات والسمراوات والحنطيات، كألوان البني الغامق والعسلي والنحاسي. أما الألوان الأخرى فيختارها بحسب شخصية السيدة.
والأسمر يجرؤ على المغامرة بالألوان، ليس تلك التقليدية فحسب، بل يتخطاها إلى ألوان غير مألوفة في الشعر كالزهري والبنفسجي والأزرق والأصفر والأخضر والتركواز والناري والبرتقالي. فهو يحب الألوان المجنونة، كما يقول، ويشعر أن فيها حياة أكثر، فيمزج هذه الألوان على رأس واحد. ولا يحب التقيّد لا بالشكل ولا باللون، ويحب أن يكون الشعر لوحة حرّة.