تنهي بريطانيا يوم الجمعة عضويتها في الإتحاد الأوروبي بعد 47 عاماً على انضمامها إليه من دون أن تقيم في هذه المناسبة التاريخية أي احتفال رسمي يُذكر.
بعد نحو 1317 يوماً من التصويت على الإنسحاب في استفتاء العام 2016، يحصل الإنسحاب الرسمي من كتلة دول الاتحاد الـ28 في تمام الساعة 11 مساء بتوقيت المملكة المتحدة- أي منتصف الليل بتوقيت بروكسيل.
وقال بوريس جونسون الذي ترأّس حملة التصويت لخيار الإنسحاب ووقّع يوم الجمعة الماضي معاهدة الانسحاب بعد تصديق البرلمان عليها، إنّ هذا اليوم "فجر حقبة جديدة".
فيما اعتبر زعيم حزب العمّال، جيريمي كوربين، أنّ البلاد تقف على "مفترق طرق" ولم يُبت بعد في عدد كبير من برز وأهم القرارات المتعلّقة بالعلاقات المستقبلية مع الإتحاد الأوروبي والعالم.
ومن المتوقّع أن تقول رئيسة الوزراء الإسكتلندية نيكولا ستورجون إنّ اسكتلندا تُسحب من الإتحاد الأوروبي بما يخالف رغبة "الأغلبية الساحقة" لشعبها، في خطاب تعرض فيه الخطوات المقبلة في معركتها لتنظيم استفتاء على الإستقلال.
وأوضح مكتب رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت أنّ رئيس الوزراء لن يقوم بظهور علني احتفالاً بلحظة الإنسحاب.
فبعد ترؤسه اجتماعاً لمجلس الوزراء في سندرلاند- المدينة التي شكّل تصويتها لصالح بريكست الإشارة الأولى على فوز خيار الانسحاب ليلة الاستفتاء - من المقرر أن يعود رئيس الوزراء إلى لندن لحضور حفل استقبال مسائي مغلق مع موظّفيه.
ولن يتسنى سوى لقلّة من الصحافيين وموظّفي الأمن الموجودين داخل البوابات السوداء المؤدية إلى داونينغ ستريت أن يشاهدوا العرض الضوئي الذي سيزيّن واجهة مبنى مقر رئيس الوزراء.
وكادت رسالة مصوّرة ومسجّلة مسبقاً ألّا تُعرض على مشاهدي التلفزيون بسبب شجار مع المحطات التلفزيونية التي اعترضت على إصرار رئاسة الوزراء على تصوير الفيديو بنفسها بدل أن تتبع الممارسة المعهودة بدعوة فريق كاميرا من إحدى محطات التلفزيون للتصوير وتوزيع الفيديو على كافة المحطات.
وسوف يرحّب مناصرو بريكست بتحقيق هدفٍ تمسّكوا به طويلاً عبر الإحتشاد في ساحة البرلمان حيث وُعدوا بالإستماع إلى خطابات من نايجل فاراج وآن ويدكومب بالإضافة إلى الأناشيد الوطنية.
لكن لن تقرع أجراس بيغ بين ولن تُطلق الألعاب النارية ولن يُسمح بتناول الكحول في ليلة يُتوقع أن تكون باردة ورطبة.
وبعد التصديق على اتفاق سيد جونسون حول الإنسحاب في برلمان وستمنستر وبروكسيل، على المملكة المتحدة دفع أكثر من 30 مليار جنيه استرليني للاتحاد الأوروبي وفاءً بالتزاماتها له وضمان حقّ المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ووضع حدود جمركية بحرية مع إيرلندا. كما ستخسر بريطانيا كلّ تمثيل لها داخل هيئات اتّخاذ القرار التابعة للكتلة الأوروبية لكنها سوف تظلّ خاضعة للقوانين الأوروبية خلال فترة انتقالية تنتهي بنهاية العام الجاري.
وسوف تُحلّ وزارة الخروج من الإتحاد الأوروبي في تمام الساعة 11 من مساء يوم الجمعة ويعاد توزيع موظفيها على وزارات أخرى في وايتهول. لكن لا يُتوقع أن يلاحظ أفراد الشعب أي تغيير فوري في حياتهم اليومية في هذا المفصل الإنتقالي.
وتواجه المملكة المتحدة جدولاً زمنياً ضيقاً لإبرام اتفاق تجاري جديد مع الدول الباقية في الإتحاد الأوروبي بحلول رأس السنة المقبلة وإلا واجهت احتمال خروج مدمر من دون اتفاق حسب شروط منظمة التجارة العالمية. وفيما لم تحدد بروكسيل بعد تعليمات المفاوضات، لا يتوقع أن تبدأ المحادثات قبل شهر مارس (آذار) بينما يجب التوصل إلى اتفاق حول مصائد الأسماك والخدمات المالية بحلول شهر يوليو (تموّز).
وفي رسالته المصوّرة، التي يفترض أن تذاع في العاشرة مساء أي قبل ساعة من موعد بريكست، سوف يصف جونسون الإنسحاب من الإتحاد الأوروبي على أنّه "بداية وليس نهاية".
ومن المرتقب أن يقول "هذه لحظة انبلاج فجر جديد ورفع الستارة أمام فصل جديد. هي لحظة تجديد وتغيير وطني حقيقي".
"هذا فجر حقبة لن نقبل فيها مجدداً أن تُحدّد فرصكم في الحياة- وفرص عائلاتكم- حسب المنطقة التي نشأتم فيها داخل البلاد. هذه هي اللحظة التي نبدأ عندها بالإتّحاد والإرتقاء".
وفي حديث له قبيل يوم بريكست، اعتبر كوربين أنّ البلاد ستعمّها "وجهات نظر ومشاعر مختلفة".
وقال "سوف تتغيّر مكانة بريطانيا في العالم. والسؤال المطروح هو ما الإتجاه الذي سنسلكه".
"سوف نحمّل الحكومة المسؤولية عن كل خطوة: كي تكفل حماية الوظائف ومستويات الحياة، والحقوق في مكان العمل، والمعايير الإستهلاكية والبيئية في سياق مفاوضاتها مع الإتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو أي بلد آخر".
"ونحن عازمون على الدفاع عن المكاسب التي توصّلنا إليها مع آخرين حول هذه المسائل داخل الإتحاد الأوروبي. وسنقاوم أيّ اتّفاق مع ترمب يهدد هيئة الخدمات الصحية الوطنية والمعايير الغذائية والوظائف".
وفي خطابها الذي ستلقيه في إدنبرة، ستقول ستورجون "الليلة تُخرج اسكتلندا من الإتحاد الأوروبي خلافاً لرغبة الأغلبية الساحقة للشعب الإسكتلندي".
"لا دليل أضخم على أن الإتحاد (البريطاني) المتصدّع الفاقد الثقة مع ويستمنستر لم يعد يلبّي حاجات بلدنا".
"لكن أمامنا احتمال مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً باعتبارنا دولة أوروبية مستقلّة ومتساوية مع غيرها من الدول".
"واليوم أشرح الخطوات المقبلة في رحلة استكلندا نحو الإستقلال".
"لدينا تفويض ديمقراطي كبير للدعوة إلى استفتاء على الاستقلال - وتظهر آخر استطلاعات للرأي أنّ الأغلبية تدعم خيار الإستقلال"
"إن بوريس جونسون مذعور من إبداء الشعب الإسكتلندي رأيه لكن محاولته في اعتراض سبيل الديمقراطية لن تنجح".
© The Independent