أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تغريدة على "تويتر"، أنه التقى رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، في أوغندا، واتفقا على تطبيع العلاقات بين البلدين.
وقال بيان أصدره مكتب نتنياهو إنهما بحثا مسألة تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، مشيراً إلى أن الجانبين سيبدآن خلال فترة قصيرة مباحثات في هذا الاتجاه.
وأضاف البيان أن مسألة إخراج السودان من عزلته الدولية مهم جداً، وأن نتنياهو بحث الأمر ونسّق لقاءه مع البرهان بالاتفاق مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
مصدر كبير في مكتب نتنياهو قال، إن الاتفاق طاول أولاً تحليق الطيران الإسرائيلي المدني في أجواء السودان، ما سيسهّل ويوفّر "الكثير الكثير" على تل أبيب، وفق المصدر.
في المقابل، قال وزير الثقافة والإعلام السوداني فيصل محمد صالح، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن مجلس الوزراء لم يُبلغ بشأن لقاء البرهان بنتنياهو.
وأشار صالح، في بيان، إلى أن الحكومة "تنتظر التوضيحات بعد عودة رئيس مجلس السيادة".
ورفض رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي محمد المهدي، وعضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف التعليق على لقاء برهان ونتنياهو، فضلاً عن رأيهما في قضية التطبيع مع إسرائيل، مؤكدين أن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن هذه الخطوة قبل مناقشتها من قبل حزبيهما.
لكن القيادي في المؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق، أحد أحزاب الحركة الإسلامية قال لـ "اندبندنت عربية"، "رأينا واضح في مسألة التطبيع مع إسرائيل، فنحن ضد أي خطوة نحو التطبيع، ومع الحق الفلسطيني الذي سلبه الإسرائيليون، وأن فلسطين هي قضية العرب المركزية".
وأشار إلى أنه إذا صح لقاء البرهان ونتنياهو، فهو "خطوة غير موفقة وستكون محل استنكار وانتقاد من جانبنا، بل إنها عملية مضرة به شخصياً وستكون نقطة سوداء في حياته وتاريخه، خصوصاً أن التطبيع مرفوض من التيار الإسلامي والعروبيين، وبالتالي تكون هذه الخطوة حصلت بمعزل عن إرادة الشعب السوداني".
خلاف بشأن التطبيع
السودانيون المؤيدون للتطبيع وصفوا لقاء برهان ونتنياهو بـ"الجريء والشجاع" وأنه يمهد لرفع العقوبات الاقتصادية، وكذلك تطوير وازدهار العلاقات السودانية الأميركية.
واعتبر المعارضون للتطبيع اللقاء في حد ذاته خيانة لن تغفر ولن تمر مرور الكرام.
وكانت وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبدالله قالت مؤخراً عن إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية بين الخرطوم وتل أبيب، إن بلادها "لن تقيم حالياً علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".
وأشارت إلى أن "العلاقات مع إسرائيل في الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة العربية غير مفيدة. نحن في مشكلات ولا يمكن فتح باب (إضافي) للخلافات".
وكانت إسرائيل حاولت سابقاً التنسيق مع السودان في عهد عمر البشير، إلاّ أنّ الأمور لم تتقدّم. وثم جاءت الثورة السودانية التي أطاحت بالبشير لتعيد الاتصالات بين الطرفين، إذ رأت القيادة السودانية الجديدة أنه لا يمكن الدخول إلى باب البيت الأبيض إلا عبر إسرائيل، التي باستطاعتها المساعدة في إخراج السودان ومؤسساته من قائمة العقوبات الأميركية.
ويأتي هذا التطور بعد الإعلان عن الخطة الأميركية لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني في البيت الأبيض، وبعد إعلان وزراء الخارجية العرب رفضهم الخطة وعدم التعاون معها، وتأكيد حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
أوغندا تدرس فتح سفارة في القدس
وفي سياق متّصل، قال الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني إن بلاده تدرس إمكانية فتح سفارة في القدس.
وسيُنظر إلى مثل هذه الخطوة دولياً على أنها بيان تأييد لإعلان إسرائيل القدس عاصمةً لها، في انتصار سياسي محتمل لنتنياهو قبل أقل من شهر من الانتخابات العامة التي يخوضها في الثاني من مارس (آذار) المقبل.
وقال موسيفيني خلال زيارة نتنياهو لأوغندا، الحليفة منذ فترة طويلة، "إذا قال صديق إنني أريد سفارتكم هنا وليس هناك فلا أرى سبباً في عدم القيام بذلك". واستدرك موسيفيني قائلاً، "إننا نعمل بشكل حقيقي وندرس ذلك".
نتنياهو بدوره قال، "عندما تفتحون سفارةً في القدس سنفتح سفارة في كمبالا... نأمل بفعل ذلك في المستقبل القريب".
وعلى الرغم من أن موسيفيني حليف لإسرائيل منذ فترة طويلة وتقوم إسرائيل بتدريب بعض عناصر قوات الأمن الأوغندية، إلا أن البلدين لم يفتحا سفارات لدى بعضهما، وتتولى حالياً سفارة إسرائيل في نيروبي شؤون العلاقات مع أوغندا.
وشهد مطار عنتيبي الأوغندي عمليةً مثيرةً عام 1976 قام بها أفراد كوماندوس إسرائيليون لإنقاذ نحو 100 راكب، معظمهم إسرائيليون، كانوا على متن طائرة ركاب فرنسية خطفها مسلحون فلسطينيون وألمان. وقُتل في هذا الحادث يوناتان، شقيق نتنياهو الأكبر، الذي كان أحد قادة تلك العملية، وثلاثة ركاب آخرين وجميع الخاطفين. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه كلما زار أوغندا "يتأثر بشدة" لهذا السبب.
وإلى جانب مسألة السفارة، قال نتنياهو إن إسرائيل وأوغندا تبحثان إمكانية إقامة رحلات جوية مباشرة وتوثيق التعاون بينهما في مجال الأمن الإلكتروني. أضاف "إسرائيل بدأت العودة إلى أفريقيا وأفريقيا بدأت العودة إلى إسرائيل بشكل كبير".
استنكار فلسطيني
وفي الرد الفلسطيني الأول، دان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لقاء البرهان ونتنياهو في أوغندا، واصفاً إياه بـ "الطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني".
ورأى عريقات، في بيان، أن اللقاء "خروج صارخ عن مبادرة السلام العربية في وقت تحاول فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصفية القضية الفلسطينية وضمّ القدس بالمسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، وضمّ أراضي دولة فلسطين المحتلة، كما حدث في ضمّ الجولان العربي السوري المحتل".
كما استنكر عريقات إعلان نوايا أوغندا بنقل سفارتها إلى القدس، داعياً دول الاتحاد الأفريقي إلى المحافظة على قرارات قممها وثوابتها السياسية تجاه الصراع الفلسطيني والإسرائيلي، الذي يستند إلى "القانون الدولي والشرعية الدولية وبما يضمن تجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967".