بعد خيبة الأمل التي مُني بها الشارع الليبي، عقب فشل مجلس الأمن في إصدار قرار ملزم يمنح مقررات مؤتمر برلين صفة أكثر إلزامية ويعزز فرص الحل السلمي، أحيا المبعوث الأممي في ليبيا غسان سلامة بعض آمالهم، بإعلانه إحراز اللجنة العسكرية المشتركة تقدماً في الاجتماعات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف.
سلامة يواصل التفاؤل
وقال سلامة في مؤتمر صحافي مساء الخميس، "ناقشنا أموراً فنية عدّة بشأن تحويل الهدنة إلى اتفاقية دائمة"، مشيراً إلى أن "اللجنة ستراقب وقف إطلاق النار برعاية دولية إذا تم الاتفاق عليه".
وأضاف "نركز في المحادثات العسكرية على التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار"، موضحاً أن اللجنة تبحث "تطهير المناطق التي كانت ساحة حرب إضافةً إلى عودة النازحين والتعامل مع الفصائل المسلحة".
ونفى سلامة طرح مسألة النفط الليبي على طاولة حوار اللجنة العسكرية في جنيف، معتبراً أن "هذا شق اقتصادي منفصل مسؤولة عنه جهات أخرى"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه "دعا قبائل شرق وجنوب ليبيا إلى تحديد مطالبها بعد وقف تصدير النفط".
هجوم جديد على تركيا
وهاجم سلامة أطرافاً دولية شاركت في مؤتمر برلين وأخلّت بتعهداتها بعدم إرسال أسلحة إلى ليبيا، في إشارة جديدة إلى تركيا. وقال "لدينا أدلة على وصول مقاتلين أجانب إلى ليبيا بعد مؤتمر برلين".
وهذا ما أشارت إليه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في تصريح لها بعد اجتماع مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا، بحثا خلاله عدداً من القضايا والملفات المشتركة، وعلى رأسها مستجدات الأزمة الليبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعت ميركل خلال اللقاء إلى التعاون في معالجة الأزمة من دون فرض حل عليها، قائلةً "ليبيا لسوء الحظ، ليست مشكلة أفريقية فحسب، بل تهمّ عدداً كبيراً من القوى الدولية والإقليمية، من روسيا إلى الدول العربية وتركيا وأيضاً الدول الأوروبية"، ومضيفةً "لقد رأينا كثيرين ممن لديهم مصلحة خاصة في ليبيا، ولا يريدون التنازل عنها على الرغم مما اتُفق عليه في مؤتمر برلين".
وعلّق الصحافي الليبي معتز الفيتوري على الممارسات التي تصر تركيا من خلالها على مخالفة اتفاقات مؤتمر جنيف، قائلاً "واضح جداً أن أنقرة تعمل على إفشال المحادثات الأمنية والسياسية في جنيف، لأنها ترى فيها خطراً على مصالحها، وتحديداً خطراً على اتفاقيتها الموقعة مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، التي تمنحها امتيازات في المتوسط، لم تكن تحلم بها".
وأوضح "تركيا باستمرارها في إرسال السلاح والمرتزقة تسعى إلى إغضاب الجيش ودفعه إلى الانسحاب من المباحثات، احتجاجاً على ممارساتها. بالتالي، تضرب عصفورين بحجر: تُفشل المباحثات وتتهم الجيش بإفشالها".
مراقبة أوروبية للهدنة؟
وفي تصريح يشير إلى تعزيز التوقعات بأن قوة أوروبية محتملة هي من ستتولى الإشراف على الوقف الدائم لإطلاق النار، إذا اتفق الطرفان عليه، أعرب بيتر ستانو، المتحدث باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن أمله بـ "قرب توافق الدول الأوروبية حول شكل وآليات وطرق مراقبة تنفيذ قرار الأمم المتحدة الخاص بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا".
وتابع ستانو أنه "من المنتظر أن يتبلور الأمر أكثر خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد، المقرر في 17 فبراير (شباط) في العاصمة البلجيكية بروكسل"، شارحاً أنّ العملية المقبلة قد تكون "نسخة معدّلة" من عملية صوفيا التي أُقرّت عام 2015.
عراقيل في المسار السياسي
بعيداً من المسار الأمني، تفاقمت الخلافات حول اللجنة التي يُفترض تشكيلها من مجلس النواب الليبي لتمثله في المسار السياسي لحوار جنيف، إذ أعلن عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي أن "أعضاء المجلس اتفقوا على تشكيل لجنة الحوار المشارِكة في لقاءات جنيف، وعدم تخصيص أي مقاعد للنواب الذين يعقدون جلساتهم في طرابلس"، وهذا مناقض لما يطلبه ويصر عليه الطرف الآخر، ممثلاً بمجلسي الرئاسي والدولة وما تطرحه البعثة الأممية في ليبيا، المشرفة على الحوار.
وقال الدرسي إن "مجلس النواب أسقط عضوية البرلمانيين، الذين يعقدون جلساتهم في العاصمة طرابلس. بالتالي، لا يحق لهم المشاركة في حوار جنيف".
وكان مجلس النواب الموازي في طرابلس قد طرح خمسة أسماء لتمثيله في حوار جنيف، ضمن الوفد البرلماني المكوّن من 13 عضواً. لكن مجلس النواب في بنغازي رفض الأسماء الخمسة، مهدّداً بمقاطعة محادثات المسار السياسي، إذا حاولت بعثة الأمم المتحدة فرض هذا الطرح عليه، ما أطلق مخاوف حول مستقبل الحوار برمته على خلفية هذه المعضلة الجديدة في الأزمة الليبية.