قبل نحو شهر من موعد استحقاق سندات يوروبوندز، في 9 مارس (آذار) 2020، وهي ديون بالعملة الأجنبية تقدر بنحو 1.2 مليار دولار، انفجر السجال في لبنان في شأن إذا ما كان من الأفضل سداد السندات أو الامتناع عن ذلك والشروع في عملية التفاوض مع الجهات الدائنة بهدف إعادة هيكلة الديون وخفض الفوائد.
وبعد يومين من نيل حكومة الرئيس حسان دياب الثقة من مجلس النواب، في 11 فبراير (شباط)، أعلن وزير المالية اللبناني غازي وزني أن البلاد تبحث خيارات للتعامل مع استحقاقات السندات الدولية الوشيكة بما في ذلك إذا كانت ستفي بالمدفوعات أم لا.
يأتي ذلك بعد تردد معلومات تفيد بأن الحكومة تميل إلى التفاوض على إعادة هيكلة الديون.
وكشف وزني بعد اجتماع اقتصادي مالي عُقد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الخميس 13 فبراير(شباط)، أن المجتمعين درسوا كل خيار بعمق. وسنستمر بالبحث في المرحلة المقبلة حتى نأخذ هذا القرار.
وقال إن القرار "غير سهل" و"مهم كثيراً" بالنسبة إلى البلد والمودعين والمصارف والقطاع الاقتصادي والعلاقات الخارجية.
ويرى اقتصاديون وسياسيون أن سداد لبنان سندات اليوروبوندز تحت شعار الحفاظ على سمعة لبنان في الخارج وكي لا يتدنى تصنيفه الاقتصادي، سيكون على حساب القدرات المالية للبنان والتي ستتقلص إذا ما سُددت السندات. ما يؤثر في قدرة لبنان على استيراد السلع بالعملة الأجنبية ويهدد أموال المودعين في المصارف.
وأعلنت جمعية المصارف في لبنان أنها مع سداد تلك السندات، علماً أن المصارف اللبنانية تمتلك جزءاً من تلك السندات، ويتردد منذ فترة أنها باعت منها لمستثمرين في الخارج، مطمئنة إلى أن لبنان سيسددها، ما يؤمن أرباحاً لها وللمستثمرين. لذا، هي الآن حريصة على سداد لبنان السندات. وهذا ما تعارضه الانتفاضة الشعبية وعدد من القوى السياسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الإطار ذاته، أعلن وزير المالية أن الحكومة ستصدر تعميماً خلال الأيام القليلة المقبلة بخصوص تنظيم القيود غير الرسمية على حركة رؤوس الأموال المفروضة من المصارف التجارية، وذلك من أجل "التعاطي الواضح بين العملاء والمصارف" وحماية المودعين.
وتحد المصارف بشكل كبير من إمكانية سحب المودعين مدخراتهم بالعملات الأجنبية وتوقف أغلبية التحويلات إلى الخارج منذ أكتوبر (تشرين الأول) في مسعى لمنع نزوح الأموال.
وأكد وزني أن المصارف لن يكون بإمكانها بعد ذلك التعامل مع المودعين بطريقة غير قانونية وغير واضحة.
وطلب لبنان يوم الأربعاء رسمياً مساعدة فنية من صندوق النقد الدولي لدعم اقتصاده.
وبلغت الأزمة المالية، الأسوأ من كل ما عرفه لبنان خلال سنوات حربه الأهلية بين 1975 و1990، ذروتها العام الماضي بعدما أدى تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال إلى أزمة سيولة، بينما اندلعت تظاهرات ضد النخب الحاكمة.
وفي سياق متصل، طلب الرئيس عون من الوزراء البدء بإعداد مشروع موازنة 2021.
وأصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قراراً يطلب من المصارف العاملة في لبنان التقيّد بالحدّ الأقصى لمعدل الفائدة الدائنة على الودائع التي تتلقاها أو تقوم بتجديدها بعد تاريخ 13 فبراير.
اعتداء على صحافي
وأمنياً، تعرض الصحافي الاقتصادي الناشط في الانتفاضة الشعبية محمد زبيب لاعتداء بالضرب، من ثلاثة مجهولين، إثر خروجه من الجامعة الأميركية في بيروت، الأربعاء 12 فبراير.
واعتبر زبيب خلال وقفة تضامنية معه نظمها "تجمع نقابة الصحافة البديلة" أمام مصرف لبنان، أن "ما يحصل هو مواجهة فتحناها ولن تنتهي إلا بإنتصار الشعب واسترجاع ما نهبوه منه".
أضاف أن "المعركة مع الطبقة الحاكمة محددة، ويجب أن تسقط لنحيا، وكل دولار يدفع اليوم لخدمة الدين، يدفع من ودائع الناس ومن القمح والادوية وكل شيء نحتاج إليه".
ورأى ان "المطلوب موقف واضح من السلطة التي لا نعتبرها شرعية، بأن تتوقف من سداد الديون"، مشدداً على أن "هؤلاء المديونين حققوا ارباحا طائلة على حساب افقار شباب وشابات المجتمع، واليوم هناك اثبات امام الشعب اللبناني بأن الامور ليست على ما يرام"، معتبراً "أنه عندما يذهب المواطن ليأخذ وديعته ولا يعطيه اياها المصرف، في الوقت الذي يوجد هناك شخص أوليغارشي يحول امواله الى الخارج، فهذه جريمة كبيرة".
وعن الاعتداء عليه قال "لا يهمني من هم هؤلاء الشباب الذي يمكن تسميتهم ببلطجية أو مرتزقة، ما يهمني اننا في مواجهة طبقة أوليغارشية رثة، افقرت المجتمع اللبناني، وتمارس كل اشكال العنف والارهاب تجاه هذا المجتمع، وبالتالي إذا كان المقصود هو توجيه رسالة لي أو للمشاركين في هذه الانتفاضة من خلال استهداف يطال اشخاصا معينين، نقول لهم إن هذه الرسائل "بلوها واشربوا ماءها"، لاننا لا نخاف ولن نخاف، وما بدأنا به منذ زمن سنكمل به، والشعب اللبناني اليوم يمارس حقه بالتعبير عن مصالحه، وسيحقق مصالحه بكل بساطة من دون اي تطلع الى اي شكل من اشكال الارهاب الذي نواجهه".
وأكد انحيازه إلى "النقابة البديلة" مهاجماً نقابة "محرري الصحافة في لبنان"، التي تنتمي إلى قوى السلطة، وفق تعبيره.