دان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التدخلات الإيرانية في العراق ولبنان وسوريا"، مشدداً على "ان إيران تخنق العراقيين واللبنانيين وتستغل الشباب العراقي واللبناني لمصالحها وتنتهك سيادة العراق ولبنان".
وأكد أن "الولايات المتحدة تحمي مضيق هرمز وتضمن أمن الخليج".
وعدد بومبيو، أمام مؤتمر ميونخ للأمن، السبت 15 فبراير (شباط)، الإنجازات الأمنية والعسكرية لبلاده في مواجهة الإرهاب واطماع إيران.
وإذ أعلن أن الولايات المتحدة عملت "بشكل حثيث لمنع داعش من الحصول على ملاذات آمنة"، نوّه إلى أن بلاده حاربت "داعش" وافكاره المتطرفة ونجحت في التخلص من أبو بكر البغدادي".
ورفض انتقادات الرئيس الألماني ومسؤولين أوروبيين آخرين بشأن سياسة الانطواء وأنانية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكداً أنها "لا تعكس الواقع".
الرد الفرنسي
ورداً على بومبيو، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "هناك ضعفاً للغرب". وأضاف "هناك سياسة أميركية بدأت قبل أعوام وليس في ظل الإدارة الحالية، تشمل نوعاً من الانكفاء ومراجعة لعلاقتها مع أوروبا".
وأشار إلى أن روسيا "ستواصل محاولة زعزعة استقرار" الديمقراطيات الغربية عن طريق التلاعب بشبكات التواصل الاجتماعي أو عمليات معلوماتية.
وأضاف "أعتقد أن روسيا ستواصل محاولة زعزعة الاستقرار، إما عبر أطراف فاعلة خاصة أو عبر خدمات مباشرة، أو عبر وكلاء"، معتبراً أنها "طرف فاعل وعدواني للغاية" في هذا المجال.
أميركا أولاً
وكان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير صرح، الجمعة، أن شعار نظيره ترمب "أميركا أولاً" هز النظام العالمي وأجج انعدام الأمن في عالم غير مستقر.
وقال شتاينماير، في افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن، وهو التجمع السنوي الذي يناقش تحديات الأمن العالمية، "نشهد اليوم زخماً مدمراً متزايداً في السياسات الدولية". وأضاف "كل عام نبتعد أكثر وأكثر عن هدفنا المتعلق بخلق عالم أكثر سلماً من خلال التعاون الدولي".
وخصّ بالذكر الولايات المتحدة "أقرب شركاء" أوروبا لتراجعها عن المسرح المتعدد الأطراف في وقت تتفاقم التوترات بين قوى عسكرية كبرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي إشارة إلى شعاري "لنُعد العظمة إلى أميركا" و"أميركا أولاً"، قال شتاينماير إن الإدارة الأميركية الحالية تصدر إشارات إلى أن على كل دولة التصرف في سبيل مصالحها الخاصة فحسب، وهو نهج يميل إلى إفادة الأقوياء فقط. وأضاف "وكأن الجميع تكون أمورهم بخير إذا فكّر كل شخص في نفسه فقط".
ورد بومبيو بالتأكيد أن بلاده أسهمت في تعزيز حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا، بالقرب من الحدود مع روسيا، وأنها قادت الجهود للقضاء على دولة تنظيم "داعش".
وأعلن أن بلاده ستموّل مشاريع في قطاع الطاقة تبلغ قيمتها مليار دولار في دول شرق ووسط أوروبا لتعزيز استقلالية قطاع الطاقة في مواجهة روسيا.
وسأل "هل ترفض الولايات المتحدة الأسرة الدولية؟"، موضحاً أن "الغرب في طريقه إلى النصر". وأضاف "نحن في طريقنا إلى الانتصار ونفعل ذلك معاً"، وذلك رداً على المشككين في تماسك المعسكر الغربي والعلاقات بين جانبي الأطلسي.
وتابع أن "الغرب لديه مستقبل أفضل من البدائل غير الليبرالية"، مديناً تطور دول مثل روسيا والصين وإيران.
وبعد وقت قصير من انتقاد بومبيو سياسة الصين الخارجية وقوله إنها تسعى لتكوين "امبراطورية"، وصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي انتقاد الولايات المتحدة لبلاده "بالأكاذيب".
وقال وانغ أثناء مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا "كل هذه الاتهامات ضد الصين أكاذيب لا تستند إلى حقائق".
صبر واشنطن تجاه بغداد
في سياق متصل، قلّصت الولايات المتحدة الأميركية فترة الاستثناء من العقوبات المرتبطة بتعامل العراق مع إيران وتأخير السماح بإرسال دفعات نقدية حيوية.
وكانت الولايات المتحدة قرّرت في اللحظة الأخيرة هذا الأسبوع السماح للعراق بمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران. لكن، يبدو أنّ صبر واشنطن بدأ النفاد، إذ إنّ مدة الإعفاء تقلّصت من 90 و120 يوماً، إلى 45 فقط.
ويعتبر الباحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية شمال العراق أحمد طبقجلي لوكالة الصحافة الفرنسية، "هذه بداية الموت بألف طعنة". وأضاف "كلّما تقلّصت مدة الاستثناء أصبحنا أقل قدرة على تحمل نتيجة أي خطأ نرتكبه".
ويقف العراق عند مفترق طرق. فرئيس وزرائه المكلف محمد علاوي يواجه صعوبات في تشكيل حكومة جديدة، بينما تتواصل التظاهرات المناهضة للسلطة في مدن عدة، وسط صراع أميركي - إيراني تحوّل إلى مواجهة دامية على أرض العراق الشهر الماضي.
وتتمتّع إيران بنفوذ سياسي وعسكري كبيرين في العراق، لكن الولايات المتحدة تمسك بورقة الاقتصاد.
ويقوم المصرف المركزي العراقي شهرياً بنقل ما بين مليار وملياري دولار نقداً من حسابه في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، حيث تتدفّق إيراداته من النفط، لسداد ثمن معاملات رسمية وتجارية.
لكن الدفعة التي كان من المفترض أن تصل في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، تأخّرت لأسبوعين بحسب مسؤول عراقي ومصدر في قطاع النفط، مشيرين إلى "أسباب سياسية" وراء قرار البيت الأبيض تأخير السماح بخروج الأموال.
وقال المسؤول العراقي "نحن نسير على حافة السكين".
كانت هذه أول إشارة إلى أن واشنطن قد تنفّذ تهديداً أصدرته في يناير بشأن منع وصول العراقيين لأموالهم في حال طردت بغداد القوات الأميركية المتمركزة في العراق والتي يبلغ قوامها نحو 5200 جندي.
وجاء ذلك بعدما صوّت البرلمان العراقي على إنهاء وجود القوات الأجنبية بسبب السخط على غارة أميركية أودت بحياة قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني ورئيس هيئة الحشد الشعبي التي تضم فصائل شيعية عراقية أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد.
وبحثت واشنطن على مدى أشهر مسألة حظر الأموال للضغط على العراق، وفقاً لدبلوماسي أميركي كان وصف هذه الخطوة العام الماضي بـ"الخيار النووي".
وبينما وصلت دفعة شهر فبراير (شباط) في موعدها، يتوقع مسؤولون عراقيون أن تبدأ الولايات المتحدة تحديد حجم الأموال التي يمكن للعراق سحبها.
وحرمان العراق من الأموال قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، خصوصاً أنّ اقتصاده يعتمد بشكل شبه كامل على صادرات النفط المدفوعة بالدولار.
وفي حال انتهت مدة الاستثناء من العقوبات المتعلّقة بالتعامل مع إيران من دون تجديدها، فذلك يعني أنّه سيتوجب على العراق وقف استيراد الغاز والكهرباء من طهران، أو الاستمرار بالتعامل مع طهران ومواجهة احتمال التعرّض لعقوبات أميركية.
ويعاني العراق من عجز في الكهرباء، ما يؤدي إلى انقطاعها على فترات متفاوتة قد تصل إلى 20 ساعة في بعض مناطقه.
وربطت واشنطن الضغوط بمسائل أخرى من بينها نحو 20 هجوماً صاروخياً تعرّضت لها السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تضم قوات أميركية في العراق منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وذكر مسؤول عراقي أن بومبيو "صرخ" في رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي خلال مكالمة هاتفية الشهر الماضي. وأوضح المسؤول "قال له أن ينسى مسألة تجديد الاستثناء في حال تواصلت الهجمات".
وفي مؤشر إضافي على تراجع العلاقات بين واشنطن وبغداد، لم يلتق بومبيو وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، لكنه اجتمع برئيس وزراء إقليم كردستان منصور بارزاني، الذي التقى كذلك وزيري الطاقة والدفاع الأميركيين.
كذلك، الولايات المتحدة مستاءة من التباطؤ العراقي في توقيع عقود مع شركات أميركية كبرى متخصّصة بقطاع الطاقة، بهدف تسريع فك الارتباط بإيران في هذا المجال.
وقبل أسابيع من انتهاء فترة الاستثناء الأخيرة، أفاد مسؤول أميركي أنّ العراقيين "رفضوا باستمرار الاتفاقات مع جنرال إلكتريك واكسون".
واعتبر أنّ المسؤولين العراقيين "يختارون أن يعتمدوا على الإيرانيين، مانحين طهران موقعاً مؤثراً في اقتصادهم وبنيتهم التحتية".