أوردت تقارير أن المتسوقين يشترون سلعاً يومية تنتجها كبريات العلامات التجارية بدءاً من "آمازون" وصولاً إلى "فيرساتشي"، من دون أن يدركوا أنهم يتورطون بشكلٍ غير مباشر في تدمير الغابات الاستوائية.
وبحسب دراسة أجرتها وكالة "فوريست 500" وصدرت عن مجموعة "غلوبال كانوبي"، تسهم منتجات كالأغذية وسلع الموضة التي تأتي كلها من زيت النخيل والصويا واللحم البقري والجلد والأخشاب ولب الورق والأوراق، في تسريع التصحر العالمي وتفاقم أزمة المناخ.
وتزامناً مع ذلك، أفاد تقرير منفصل بأن أزمات المناخ والطبيعة ستكلف العالم مليارات الدولارات سنوياً وستكون المملكة المتحدة على لائحة الدول الأكثر تضرراً إذ سيخسر اقتصادها 16 مليار جنيه استرليني (20,7 مليار دولار) كحد أدنى، في 2050.
وعلى نطاقٍ عالمي، توقعت الحسابات أنه من شأن الحصيلة الناتجة من ارتفاع أسعار السلع الغذائية والجفاف ونقص السلع الأساسية والفيضانات الكبيرة والتآكل الساحلي، أن تضيف كلها حوالى 8 تريليونات جنيه استرليني (10.3 تريليون دولار) من الخسائر مع بلوغ عام 2050.
وحددت وثيقة أصدرتها وكالة "فوريست 500" بشأن موضوع التصحر، الشركات الكبرى صاحبة العلامات التجارية العالمية بوصفها "متواطئة" في عملية التدمير.
وشملت تلك العلامات عملاق التسوق عبر الإنترنت "آمازون" وسلسلة متاجر "سبار" وشركة "كابري القابضة" التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، وتنضوي تحت لوائها علامات تجارية شهيرة على غرار "فيرساتشي" و"جيمي شو" و"مايكل كورس".
ويجري اقتطاع مساحاتٍ شاسعة من الغابات الاستوائية سنوياً للحصول على السلع التي تُستخدم في إنتاج ملايين السلع اليومية. ويجري التخلص من الأشجار المحلية المعمرة لاستبدالها بأشجار النخيل والصويا التي تُستخدم في إطعام الحيوانات المنتجة للحوم، ضمن المزارع الصناعية الواسعة في أنحاء العالم كله.
في المقابل، كشفت "غلوبال كانوبي" أنه من بين الشركات العالمية الرائدة التي تتاجر بالسلع، لم تقدم نصفها تقريباً (242 من أصل 500) أي وعودٍ علنية بوضع حد للتصحر.
كذلك ألقت تلك المؤسسة اللوم على المؤسسات المالية الداعمة لتلك العلامات التجارية التي تضم متاجر الموضة الأوروبية وعمالقة الطعام في الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وشركات المفروشات.
وفي هذا السياق، اعتبرت سارة روجرسون مؤلفة التقرير أن "السلع التي تشكل خطراً على الغابات موجودة في معظم الأطعمة التي نتناولها، بدءاً من اللحوم في الوجبات الجاهزة والـ"برغر" إلى زيت النخيل في البسكويت، مروراً بالصويا الذي يشكل مكوناً خفياً في منتجات الدواجن والألبان". وتابعت "كثير من الأشخاص سيُصدمون لمعرفتهم بعدد العلامات التجارية المألوفة في سلة مشترياتهم التي تسهم في تدمير [غابات] الأمازون وغيرها من الغابات الاستوائية".
وأظهرت الأرقام أنه كمعدلٍ وسطي، فُقِدَتْ سنوياً مساحة من الغابات الاستوائية التي تزيد على مساحة هولندا بين عامي 2014 و2018 مع زوال الغابات جراء العمليات الزراعية، ما أدى إلى صدور انبعاثات غازات دفيئة عنها أكثر مما تصدره دول الاتحاد الأوروبي مجتمعةً.
وفي البرازيل، شكل زوال الغابات السبب الرئيسي في اندلاع عشرات آلاف الحرائق في الأمازون، ما ألحق ضرراً بالأراضي والتنوع البيولوجي خلال الصيف الماضي.
فضلاً عن ذلك، وجد تقرير "فوريست 500" أن 140 شركة و102 مؤسسة مالية لم تلتزم بشكلٍ علني بالعمل على تجنب التصحر في سلسلة إمداداتها أو الشركات التي تمولها.
واعتبر التقرير أن معظم المؤسسات التي تمول شركات "لا تقر على الأرجح بالخطر من أن استثماراتها تؤدي إلى التصحر وتسهم في التغير المناخي"، وأكبرها "بلاك روك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت روجرسون أن "عدداً من العلامات التجارية العالمية الشهيرة متواطئة في تدمير الغابات الاستوائية، ما يقوض قدرتنا على مواجهة التغيير المناخي العالمي. إنها تغمض عيونها وتتجاهل التصحر الذي يسببه الطلب المتزايد على السلع التي تستخدمها، وتخفق أيضاً في الاعتراف علناً بمسؤولياتها في وجوب التحرك". وكشفت الدراسة أن أكثر من 80 شركة أزالت هذه الالتزامات أو خفضت تقاريرها في هذا الإطار.
واعتبرت روجرسون أن "بعض الشركات أظهرت قيادةً حقيقية وصادقة، لكن النمو العام جاء بطيئاً بشكلٍ كبير، ما يسلط الضوء على أنه لا يمكن التعويل على الالتزام الطوعي من قبل القطاع الخاص للدفع بعملية التغيير قدماً". وأظهرت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي أن الخسائر التي لحقت بالغابات المطرية في الجهة البرازيلية من الأمازون تضاعفت في يناير (كانون الثاني) بالمقارنة مع العام الماضي.
في غضون ذلك، احتسب تقرير صادر عن "الصندوق العالمي للبيئة" بأن ثمن الأزمات التي عصفت بالمناخ والتنوع البيولوجي سيبلغ عتبة 8 تريليونات جنيه استرليني، ما يوازي اقتصادات المملكة المتحدة وفرنسا والهند والبرازيل مجتمعةً.
وأورد التقرير أن الخسائر التي ستلحق بالمملكة المتحدة ستكون الثالثة في لائحة الأكثر تضرراً بعد الولايات المتحدة واليابان، وستبلغ 16 مليار جنيه استرليني على الأقل في 2050، ما يعادل تقريباً الإنفاق على خدمات الشرطة والإطفاء في إنجلترا وويلز.
وستنتج الخسائر الرئيسية من فقدان الحماية الساحلية الطبيعية، ما يؤدي إلى الفيضانات والتآكل فضلاً عن التراجع في مخزون الأسماك.
كما كشفت الدراسة أرقاماً متحفظة وقابلة للتغيير طاولت التكاليف السنوية العالمية خلال 30 عاماً. وتشمل الأرقام 25 مليار جنيه استرليني (32.4 مليار دولار) للحماية الساحلية و98 مليار جنيه استرليني (127 مليار دولار) لتخزين الكربون و14 مليار جنيه استرليني (18 مليار دولار) لإمدادات المياه في ري المزروعات و12 مليار جنيه استرليني (15.5 مليار دولار) لعمليات التلقيح بواسطة المُلَقّحات البريّة الطبيعيّة. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الخشب والقطن والبذور الزيتية والفاكهة والخضار، لأن الزراعة ستكون أكثر المتضررين جراء الخسائر التي تلحق بالطبيعة.
واعتبر "الصندوق العالمي للبيئة" أنه "بهدف الدفع بالاستثمارات الرامية إلى إصلاح الطبيعة بالحجم والوتيرة اللازمين، نحتاج بشكلٍ فوري إلى تغيير أنظمتنا الاقتصادية والمالية".
ورداً على ذلك، أشارت شركة "بلاك روك" إلى بيانٍ سابق أعلنت فيه أنها تكثف التزامها مع الشركات في إطار الاستدامة. وأضافت "نحن نطلب من الشركات الكشف عن المبادرات وأنظمة السلوك التي طُوّرَت خارجياً، على غرار التزام الشركات بسلسلات التوريد الخالية من التصحّر، وتعهدها إصدار تقارير بشأن النتائج".
تجدر الإشارة إلى أن "الاندبندنت" تواصلت مع "آمازون" و"سبار" و"كابري هولدينغ" للحصول على آرائها في هذه المسألة.
© The Independent