رفضت الحكومة البريطانيّة تفسير الأسباب التي تجعل تقديراتها بشأن تكلفة الوصول إلى صافي صفر من انبعاثات غازات الدفيئة أعلى بنسبة 40 في المئة مقارنة مع توقعات أعدّتها مجموعة من الخبراء المستقلّين.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قبل أن يُعلن الوزراء في حكومة المملكة المتحدة هدف تصفير الانبعاثات المرسوم لعام 2050، حذَّر فيليب هاموند، وزير الماليّة الأسبق، في رسالة مسرَّبة، تيريزا ماي رئيسة الوزراء آنذاك، من أنّ "تكلفة الانتقال إلى اقتصاد خالٍ من الكربون ستتجاوز على الأرجح تريليون جنيه إسترلينيّ بدرجة كبيرة" سنويّاً.
وعلى ما يبدو، كان ذلك الرقم يستند إلى تقديرات تبلغ 70 مليار جنيه إسترلينيّ سنوياً قدّمتها وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجيّة الصناعيّة (بي. إي. آي. أس).
وأقرّ هاموند بأنّ ذلك الرقم أعلى بنسبة 40 في المئة من التكلفة السنويّة البالغة 50 مليار جنيه إسترلينيّ التي احتسبتها "لجنة تغيّر المناخ" المستقلّة (سي. سي. سي).
ومع ذلك، على خلاف "لجنة تغيّر المناخ"، لم تنشر وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجيّة الصناعيّة تحليلها في هذا الشأن، أو توضح كيف توصّلت إلى ذلك المبلغ الذي يفوق بأشواط رقم تلك المجموعة الاستشاريّة المستقلّة.
وفي تطوِّر متصل، رُفض طلب بشأن الإيضاحات قدّمته مجلة "نيو ساينتست" إلى الوزارة بموجب حق الحصول على المعلومات، وفي الأسبوع الحالي أيّد طلب استئناف أشرف عليه "مكتب مفوض المعلومات" البريطانيّ (آي. سي. أو) حقَّ الوزارة في عدم تقديم تفسيرات بشأن تقديراتها البالغة 70 مليار جنيه إسترلينيّ.
وفقاً لـ"نيو ساينست"، علم "مكتب مفوض المعلومات" من الوزارة المذكورة أنّ إصدار الأدلة يمكن أن يضرّ بفهم الجمهور للمسألة بسبب "الافتقار إلى السياق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً للوزارة المسؤولة، "يُخشى صرف النقاش العام عن القضية البيئيّة الجوهريّة المتعلِّقة بتغيّر المناخ في حال الدخول في نقاشات حول التقديرات موضوعة في غير سياقها الصحيح".
غير أنّ رفض تقديم أدلة تشرح تلك القفزة الكبيرة في التكلفة الاقتصاديّة لـبلوغ هدف تصفير الانبعاثات في حلول 2050 الملزم قانوناً، يترك عامة الناس والشركات والمؤسسات في جهل بهذه السياسة، ولا يمنحهم الوقت اللازم للاستعداد لها والتكيّف معها.
وفي رسالته، يوضح هاموند دعمه للمشروع، بيد أنّه يشير في المقابل إلى أنّ التكلفة الكبيرة لسياسة الاحتباس الحراريّ قد تحول دون وصول الأموال إلى قطاعات أخرى.
وكتب قائلاً، "التحدِّي المتمثِّل في الانتقال إلى اقتصاد من دون كربون أمر غير مسبوق في حجمه وتعقيده. سيحمل المشروع آثاراً عميقة وبعيدة الأمد على القطاعات الاقتصاديّة كافة في بريطانيا، وسيعطِّل نماذج الأعمال الموجودة، كما سيحدث تحوّلات في أسس اقتصادنا الحديث".
ولكن، أمّا وقد سُرِّبت الرسالة، فيبدو أنّ الوزارة الآن قد تعيد النظر في الرقم المرصود.
وفي سياق متصل، قال متحدِّث باسم الوزارة لصحيفة "الاندبندنت"، "إنّ تحديد هدف تصفير الانبعاثات يمثِّل الخطوة الصائبة التي ينبغي القيام بها، ونحن نوافق على التحليل الدقيق والمفصَّل الذي أجراه مستشارونا المستقلِّون، أيّ "لجنة تغير المناخ". في المقابل، ثمة عدد من الأرقام الأخرى التي لا تأخذ الفوائد في الحسبان، أو لا تحتسب تكاليف عدم القيام بذلك".
وفي الواقع، تكاليف تحقيق هدف تصفير الانبعاثات آخذة في الانخفاض. فمنذ عام 2008، تدنّت التكلفة المتوقّعة بشكل كبير بسبب أوجه التقدّم التي شهدها مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء الصديقة للبيئة. كذلك نتوقَّع أن تستمرّ هذه التكاليف في التراجع".
وفي العام الماضي، أعلنت وزارة المالية البريطانيّة أنّها ستنشر مراجعة رسميّة لتكلفة تصفير الانبعاثات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وستتولّى المراجعة "تقييم السبل التي تمكّن المملكة المتحدة من زيادة فرص النمو الاقتصاديّ من خلال تحولّها إلى الاقتصاد الأخضر" الذي يراعي الاعتبارات البيئيّة، وسوف تستضيف البلاد مؤتمر "الأمم المتحدة" حول تغيّر المناخ في وقت لاحق من الشهر نفسه.
© The Independent