رصد العلماء عدد "غير مسبوق" من الحيتان الزرقاء حول المياه الساحلية في جزيرة جورجيا الجنوبية القريبة من القارة القطبية الجنوبية (انتاركتيكا).
وكان مسح أُجري عام 2018 في المنطقة، قد تمخض عن تسجيل حوتين فقط من هذا الصنف المهدد بالانقراض وهو الحيوان الأكبر حجماً الذي يعيش حالياً على كوكبنا. بيد أنّ مسحاً شمل منطقة أوسع هذا العام أسفر عن 36 مشاهدة استثنائية منفصلة لحيتان زرقاء بلغ عددها الإجمالي 55 حوتاً تعرّف عليها العلماء.
وقال فريق البحث الذي تقوده " البعثة البريطانية لمسح القطب الجنوبي" إنّ " ذلك العدد من المشاهدات غير مسبوق بالنسبة إلى هذا الصنف النادر، ما يدلّ على أنّ مياه جورجيا الجنوبية تبقى منطقة تغذية جاذبة خلال الصيف لهذا الصنف النادر وغير المعروف كثيراً".
يُشار إلى أن أعداد الحوت الأزرق نفقت بشكلٍ كبير خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ممّا أدّى إلى تراجع عديدها بحوالي 97% بحسب بعض التقديرات.
وفي هذا السياق، أعلنت "البعثة البريطانية لمسح القطب الجنوبي" أنّ المستكشف النروجي وصائد الحيتان كارل لارسن، قد دُهش للغاية حين زار جزيرة جورجيا الجنوبية للمرة الأولى لوجود عدد كبير من الحيتان هناك وقال "شاهدتها بالمئات والآلاف" وتقدّم على الفور للحصول على ترخيصٍ لإنشاء محطّة لصيد الحيتان في المنطقة.
يُذكر أنّ جورجيا الجنوبية أصبحت مركزاً رئيساً لصيد الحيتان قضى فيه الكثير من هذه الحيوانات، بما فيها أنواع معرّضة للانقراض كالحوت الأزرق والمحدّب والزعنفي. ولكن التراجع الهائل في أعداد الحيتان جعل صناعة صيدها غير مربحة في جورجيا الجنوبية أوائل القرن العشرين.
وأفاد "صندوق التراث في جورجيا الجنوبية"، بأن أكبر حوت معروف على الإطلاق قد عولج في محطة غريتفيكن لصيد الحيتان في الجزيرة، وهو كان حوتاً أزرق اصطيد عام 1912 وبلغ طوله 33,58 متراً (110 أقدام).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكن، منذ غادر صيّادوها وفُرضت أنظمة دولية صارمة على صيدها، أخذت الحيتان تعود مجدداً، فيما يقول الباحثون إنّ البحار ما زالت تملك القدرة على استيعاب أعداداً كبيرة منها.
في هذه الأثناء، قالت الدكتورة جينيفر جاكسون قائدة المشروع وعالمة الحيتان في البعثة البريطانية، لصحيفة "اندبندنت" إنّ المسح حقّق سابقة فريدة ومكّن العلماء من فهم أفضل لتعافي أعداد الحيتان بعد قرونٍ من الصيد.
وأضافت بأنّ "الباحثين شعروا بالحماس الشديد... فثمة دلائل على أنّ الحيتان الزرقاء تعود إلى مناطق تغذيتها القديمة في جورجيا الجنوبية، ممّا يعني أنّها ما زالت تشكّل منطقة تزخر بالقوت الوفير لكي تتمكن هذه الحيوانات من العيش.. وبالنسبة إلى عدد من المحيطات الأخرى في كوكبنا، لا يزال المحيط الجنوبي بكراً وما زال يتمتع بالقدرة على استيعاب عدد كبير من الحيتان."
واعتبرت جاكسون أنّه خلال الرحلات، التي تعتبر أوّل مسحٍ للحيتان يجري على الجانب الجنوبي من الجزيرة، كان الفريق محظوظاً بوجود خبيرة الحوت الأزرق الأنتاركتيكي بولا أولسن التي تحتفظ بأكبر سجل للبيانات المصوّرة التي تساعد في التعرّف على ذلك الصنف من الحيتان وتجري حالياً تحليلاً جديداً حول وفرة هذه الحيوانات. وفي هذا السياق، قالت أولسن "بالنظر إلى كونها الرحلة الأولى خلال عقود لمسح الحيتان (في كافة أنحاء الجزيرة) شعرنا بالفعل أننا مستكشفون".
وخلُصت دراسة أجريت عام 2015، إلى أنه على الرغم من كون الإنسان مارس صيد الحيتان لقرونٍ عديدة، فإن الصيد لأغراض تجارية وصناعية لم ينطلق حتى بداية القرن العشرين. ومنذ ذلك الوقت، ترك هذا الأمر أثراً هائلاً على عددها. ففي القرن العشرين وحده، قُضي على حوالي ثلاثة ملايين حوتاً كانت تعيش في المحيطات، في أضخم عملية قتلٍ لأيّ حيوان، من حيث الكتلة الإحيائية الإجمالية، في التاريخ البشري.
ويُذكر أنّ "اللجنة العلمية للبعثة الدولية لصيد الحيتان" ستجري العام المقبل دراسة تقييمية جديدة لكيفية تعافي الحوت الأزرق في أنتاركتيكا وذلك بغرض اكتشاف مدى تعافيه من الصيد والاستغلال.
© The Independent