حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن مئات الآلاف من الأشخاص يواجهون "مذبحة" على مستوى لم يسبق له مثيل في سوريا، بالتزامن مع تقدم القوات الحكومية في آخر معقل رئيسي للمتمردين في البلاد.
وقد تشرد حوالى 900 ألف شخص منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) بسبب الهجوم الذي تدعمه روسيا ويشنه جيش الرئيس السوري بشار الأسد، تاركاً كثيرين من الناس بلا مأوى ومجبرين على النوم في طقس شديد البرودة.
حذر مارك كَتس، نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، من أنه سيكون هناك "حمام دم" إذا دخلت قوات الأسد في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي البلاد.
ونقل كتس إلى قناة "سكاي نيوز" يوم الخميس الماضي، أن "هناك حوالى مليون شخص نازح يعيشون في المخيمات والملاجئ المؤقتة في تلك المنطقة، وإذا تقدم القصف والغارات الجوية في هذه المنطقة فسنرى حمام دم... سنرى مجزرة على نطاق لم يسبق له مثيل في هذه الحرب بأكملها".
يذكر أن الطائرات الحربية الروسية قصفت مرة أخرى البلدات التي يسيطر عليها المتمردون في شمال غربي البلاد يوم الخميس الماضي، بينما دعمت المدفعية التركية هجمات المتمردين في أماكن أخرى.
وتتقدم الخطوط الأمامية للقتال تجاه المناطق المكتظة بالسكان، وكذلك يؤثر القصف بشكل متزايد في مخيمات النازحين في دواخل تلك المناطق. ويعتقد بوجود ما يزيد على 500 ألف طفل نازح. وتنام العائلات على الطرق وفي بساتين الزيتون، وتحرق القمامة من أجل التدفئة.
وكذلك يأتي التحذير في وقت أخبر مارك لوكوك، مدير الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، مجلسَ الأمن الدولي أن "الكارثة الإنسانية التي تتكشف" في إدلب قد "ناءت بها" الجهود المبذولة لتقديم المساعدات. وأضاف لوكوك، "يتنقل كثيرون سيراً على الأقدام، أو على ظهر الشاحنات في درجات حرارة تحت الصفر وتحت المطر والثلوج... إنهم ينتقلون إلى مناطق تزداد اكتظاظاً يعتقدون أنها ستكون أكثر أماناً. لكن في إدلب، لا يوجد مكان آمن... وأتلقى تقارير يومية عن موت الرضّع وغيرهم من الأطفال الصغار في البرد".
في السياق نفسه، ذكر أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء الماضي إنه "قلق من التدهور السريع للوضع الإنساني" في البلاد. وأضاف، "في هذه الظروف المأساوية، يكون وقف إطلاق النار ضروري، وكذلك يتوجب احترام القانون الإنساني الدولي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في تطوّر متصل، دعا فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، إلى إنهاء القتال وناشد جميع الأطراف "احترام قواعد الحرب". وصرح السيد غراندي بأنه "لا يمكن أن يدفع آلاف الأبرياء ثمن انقسام المجتمع الدولي الذي سيكون عجزه عن إيجاد حل لهذه الأزمة وصمة عار مميتة على ضميرنا الجماعي الدولي... بصفتنا وكالات إنسانية، نسعى جاهدين إلى إنقاذ الأرواح، لكن مساحة تلك الجهود تتقلص. لا يمكن أن تكون المساعدات الإنسانية وحدها حلاً في مواجهة هذه المعاناة".
في ذلك الصدد، يشار إلى أن روسيا التي تدعم حكومة الأسد منعت في سبتمبر (أيلول) 2018 طلب هدنة في شمال غربي سوريا قدمه مجلس الأمن في الأمم المتحدة، لأنه لم يتضمن استثناءً للهجمات العسكرية ضد الجماعات المسلحة المدرجة على القائمة السوداء لتلك المنظمة الأممية.
على الرغم من أن الأمم المتحدة دعت روسيا، وكذلك تركيا التي تدعم قوات المعارضة في سوريا، إلى العمل معاً من أجل وقف التصعيد في البلاد، إلا أن المحادثات بين البلدين في الأيام الأخيرة لم تسفر عن نتائج.
من جهة أخرى، بدا المسؤولون الأتراك أكثر تفاؤلاً يوم الخميس الماضي، إذ صرح أحدهم أن الجولة الأخيرة لم تكن "من دون نتيجة تماماً".
في سياق متصل، أكدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا ودول أخرى عدم نجاعة المفاوضات الثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران، المعروفة باسم "محادثات آستانا"، وقد أدت في أوقات سابقة إلى إنشاء منطقة تصعيد في إدلب.
ومن ناحية أخرى، حثّ كريستوف هويزغن، سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة، روسيا على التوقف عن دعم الحكومة السورية. ووفق كلماته، "إذا أخبرتَ السوريين أنه لم يعد هناك دعم عسكري [روسي] للنظام السوري، فسيتعين عليهم إيقاف الهجوم على سكانهم".
وتذكيراً، وعد السيد الأسد يوم الاثنين الفائت بأن هجوم حكومته لن ينتهي بهزيمة قوات المتمردين في حلب. وفي خطاب متلفز، أورد الرئيس السوري أن "هذا التحرير لا يعني نهاية الحرب، ولا يعني نهاية المخططات أو نهاية الإرهاب أو استسلام الأعداء... لكن هذا يعني أننا نمرغ أنوفهم في التراب كمقدمة للنصر الكامل وقبل هزيمتهم، عاجلاً أم آجلاً".
© The Independent