أطلقت هتافات رافضة لـ "النازيين" خلال احتجاجاتٍ انطلقت في ألمانيا استنكاراً لمقتل الأشخاص التسعة الذين قضوا على يد أحد المتطرّفين اليمينيّين، وسط مطالباتٍ لحكومة البلاد بالقضاء على التطرّف اليميني المعادي للأجانب. وقد تجمّع عشرات الآلاف من الناس في مدن في جميع أنحاء ألمانيا يوم الخميس الماضي احياء لذكرى ضحايا الهجوم.
وكان رجل ألماني يبلغ من العمر 43 عاماً، عُرف في وقت لاحق أنه توباياس راثجين، قد فتح النار وقتل تسعة أشخاص جميعهم من أصول مهاجرة في ضاحية هاناو القريبة من مدينة فرانكفورت غرب ألمانيا، قبل أن يجهز على والدته ويطلق النار على نفسه. وتبيّن لاحقاً أن راثجين كان قد نشر بياناً يتبنّى فيه آراء اليمين المتطرّف ومسألة تحسين النسل الصافي المرتبطة بالعداء النازي لليهود، ويظهر عقلية شديدة العنصرية.
واعتبر وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، في مؤتمرٍ صحافي عقده يوم الجمعة الفائت، أن مستوى التهديد الذي يشكّله التطرّف اليميني والمعاداة للسامية والعنصرية، أصبح "مرتفعاً للغاية" في ألمانيا. وأضاف قائلاً "سنكثّف وجود الشرطة وانتشارها في جميع أنحاء البلاد، ولاسيما حول المساجد".
وفيما شوهدت حشودٌ كبيرة من المحتجّين تتجمع في مدينة فرانكفورت وعند بوابة براندنبورغ في برلين يوم الخميس الماضي، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن الهجوم كشف عن "سمّ" متجذّر في البلاد.
وفي المقابل خاطب الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، المشيّعين خلال الوقفة الاحتجاجية الرئيسية في ضاحية هاناو، مؤكّداً إدانته لما سمّاه "عملاً إرهابياً وحشيا". وأكد لجمهور المحتشدين الذين أطلقوا هتافاتٍ عالية منها "اخرجوا النازييّن"، قائلاً "إننا نقف معاً ونريد أن نعيش معاً ونحن نظهر ذلك مراراً وتكراراً، وهذه هي أقوى وسيلة لمحاربة الكراهية".
وفي سياق متّصل، صدحت الهتافات المندّدة بالتطرّف مرّةً أخرى خلال مباراةٍ لكرة القدم لفريق "أينتراخت فرانكفورت" يوم الخميس الفائت، بعدما امتنع أشخاص عن الوقوف دقيقة صمت تضامناً مع الضحايا.
وكان الهجوم قد جاء وسط مخاوف متزايدة بشأن تنامي التطرّف اليميني وصعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" AfD المناهض للمهاجرين، والذي يُعدّ الآن ثالث أكبر حزب في البرلمان الألماني.
ووجّه لارس كلينغبايل الأمين العام لـ "الحزب الديموقراطي الاشتراكي" المنتمي إلى يسار الوسط في ألمانيا، الاتّهام مباشرةً إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" يوم الجمعة الماضي، لتقديمه موادّ أيديولوجية لمتطرّفين على غرار المسلّح المسؤول عن اعتداء ضاحية هاناو.
وقال كلينغبايل لمحطة "إي آر دي" ARD التلفزيونية العامّة، إن "من الصحيح أن شخصاً واحداً قام بإطلاق النار في هاناو بحسب ما يبدو عليه الأمر، لكن كان هناك الكثير من الذين عملوا على تزويده بالذخيرة، ومن المؤكد أن ’حزب البديل من أجل ألمانيا‘ هو أحد هؤلاء".
لكن في المقابل، نفى حزب "البديل من أجل ألمانيا" أي مسؤولية عن هجمات اليمين المتطرّف، كالاعتداء المعادي للسامية على كنيسٍ يهودي وقتل سياسي إقليمي العام الماضي. أما يورغ ميوثن الزعيم المشارك للحزب اليميني المتطرّف، فاختار عدم تحديد الهجوم على أنه تطرّفٌ يميني، وانتقد الأشخاص الذين قاموا بتحليلاتٍ سياسية للحادث.
ونشر ميوثن تغريدةً على حسابه عبر "تويتر" قائلاً "هذا ليس إرهابا يمينياً أو يسارياً. إنه فعل هذيان قام به رجل مجنون". وأضاف أن "أي شكل من أشكال الاستغلال السياسي لهذا العمل الرهيب هو خطأ مثير للسخرية، في وقتٍ على جميع الناس في بلادنا الحداد على الضحايا والوقوف إلى جانب ذويهم".
تقارير إضافية من "آسوشيتد برس"
© The Independent