تواصل البورصات الأميركية خسائرها الحادة بسبب مخاوف المستثمرين من تأثيرات سلبية على اقتصادات العالم بسبب فيروس كورونا، الذي لا يبدو أن هناك حلولاً قصيرة الأجل لوقف انتشاره.
ومنذ افتتاح يوم أمس، شهدت البورصات الأميركية انهيارات سريعة للمؤشرات، حيث هوى مؤشر "داو جونز" الصناعي، الذي يقيس الشركات الصناعية، بأكثر من 800 نقطة بعد دقائق من بدء التداولات.
ونزل المؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عن متوسط أداء 50 يوماً، في حين نزل مؤشر الأسهم القيادية "داو" عن متوسط 100 يوم، بحسب بيانات "رويترز"، ويعتبر هذان المستويان مهمين لقوة الدفع وجذب المستثمرين.
إغلاق كارثي
وكان الإغلاق كارثياً أيضا، حيث تراجع مؤشر "داو جونز" 1029.5 نقطة بما يعادل 3.55 في المئة إلى 27962.91 نقطة، وهبط مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بمقدار 111.8 نقطة أو 3.55 في المئة ليسجل 3225.95 نقطة، بينما انخفض مؤشر "ناسداك" 355.31 نقطة أو 3.71 في المئة إلى 9221.28 نقطة.
ويتخوف المستثمرون من حالة عدم اليقين التي ستؤدي بالشركات الصناعية والتكنولوجية إلى تكبد خسائر في عملياتها لدى بكين، وتراجع في إيراداتها من السوق الصينية، حيث ينتشر الفيروس بقوة، خصوصاً أن معظم الشركات التكنولوجية تصنّع في الصين.
تقليل من الأثر
لكن الحكومة الأميركية تحاول دائماً التقليل من حدة الفيروس وتأثيره على الاقتصاد والتجارة البينية مع الصين، إذ قال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إنه "لا يتوقع أن يكون لفيروس كورونا تأثير مهم على اتفاق المرحلة واحد التجاري بين الولايات المتحدة والصين". لكنه أضاف أن "الوضع قد يتغير مع ورود المزيد من البيانات خلال الأسابيع المقبلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر منوتشين في مقابلة مع "رويترز" من القفز إلى استنتاجات بشأن أثر ما وصفه بـ"مأساة إنسانية" على الاقتصاد العالمي أو قرارات الشركات حيال سلاسل التوريد، وقال إن "من السابق لأوانه معرفة ذلك بكل بساطة".
وتابع "الصين تركز في الوقت الحالي على الفيروس، ولكن واشنطن لا زالت تتوقع أن تفي بكين بالتزاماتها بشراء المزيد من السلع والخدمات الأميركية بموجب الاتفاق".
وكانت واشنطن وبكين توصلتا إلى اتفاق للتجارة البينية، عرف باسم "اتفاق المرحلة 1"، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنهى أشهراً من الحرب التجارية ورفع الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم. وما إن انتهت هذه الحرب، حتى بدأت تلوح في الأفق أزمة اقتصادية جديدة متعلقة بفيروس كورونا.
مليارات تطير
وأدت الأزمة الجديدة إلى محو نحو 474 مليار دولار من قيمة أسواق الأسهم الأوروبية، أمس الاثنين، بحسب بيانات "رويترز".
وتراجعت الأسهم في ميلانو 5.4 في المئة لتشهد أسوأ يوم لها منذ منتصف 2016، مع إعلان إيطاليا عن أكبر تفشٍ للفيروس في أوروبا بست وفيات في الأقل وأكثر من 200 إصابة، وهو ما سينال على الأرجح من اقتصاد البلاد المأزوم بالفعل.
ونزل مؤشر ستوكس 600 الأوروبي 3.8 في المئة إلى 411.86 نقطة، مسجلاً أكبر انخفاض ليوم واحد بالنسبة المئوية منذ تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) 2016.
وانخفضت الأسهم الألمانية أربعة في المئة، رغم مسح من معهد "إيفو" أظهر ارتفاع ثقة الشركات على غير المتوقع في فبراير (شباط).
ضربة للصناعات الأوروبية
وانتقلت المأساة إلى الصناعات الأوروبية التي تصدر للصين، حيث قال اتحاد الصناعات الألمانية (بي.دي.آي)، أمس الاثنين، إن قطاعات صناعية عديدة في ألمانيا تتوقع نقصاً في الإمدادات من منطقة الشرق الأقصى في الأسابيع المقبلة بسبب تفشي فيروس كورونا في الصين.
وأضاف الاتحاد، في بيان، أن "القطاعات التي ستتأثر بهذا التفشي تتضمن الهندسة والسيارات ومستحضرات الأدوية وصناعة الورق".
وأوضح أن "الشركات الألمانية في الصين التي يزيد عددها على خمسة آلاف مقيدة بشدة حالياً في ما يتعلق بالمشتريات والإنتاج والمبيعات".
النفط إلى انهيار
وامتدّ التأثير من الأسهم إلى النفط، حيث تنسحب كل أزمة في الصناعات على النفط بشكل رئيس، فقد هوت أسعار النفط نحو أربعة في المئة، أمس الاثنين.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 2.20 دولار، بما يعادل 3.8 في المئة، ليتحدد سعر التسوية عند 56.30 دولار للبرميل. ونزلت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 1.95 دولار أو 3.7 في المئة، لتغلق على 51.43 دولار للبرميل.
الذهب الناجي الأكبر
وما زال الذهب هو نجم كل هذه الأحداث، إذ هو الأكثر استفادة من حالة التشاؤم في أسواق الأسهم والنفط، حيث يتخذ معظم المستثمرين من المعدن النفيس حالياً مراكز يحتاطون من خلالها من أي مخاطر غير محسوبة مستقبلاً.
وارتفع الذهب أكثر من اثنين في المئة، أمس الاثنين، ليسجل أعلى مستوى منذ فبراير 2013.
وارتفع المعدن الأصفر في المعاملات الفورية 1.2 في المئة إلى 1663.06 دولار للأوقية (الأونصة). وفي التعاملات الآجلة في الولايات المتحدة، ارتفع واحداً في المئة إلى 1665 دولاراً.