قدّر الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، إجمالي الخسائر بالإيرادات العالمية لشركات الطيران بسبب تفشي فيروس كورونا بنحو 29.3 مليار دولار، أي انخفاض إيرادات الركاب بنسبة 5 في المئة مقارنةً بتوقعات الاتحاد الدولي للنقل الجوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ويمثل ذلك تراجعاً بالطلب العالمي بنسبة 4.7 في المئة.
توقعات "إياتا" تزامنت مع إعلان ظهور أول إصابة بالمرض في أميركا اللاتينية في وقت دعا فيه مسؤول بمنظمة الصحة العالمية، العالم للاستعداد لانتشار أكبر للفيروس الخبيث.
وتوقّعت "إياتا" أن تسجّل شركات الطيران خارج منطقة آسيا والمحيط الهادئ خسائر بقيمة 1.5 مليار دولار، وذلك على افتراض أن تراجع مستويات الطلب سيكون مقتصراً على الأسواق المرتبطة بالصين.
تراجع الطلب على السفر في مختلف مناطق العالم ربما يدفع شركات الطيران إلى اتخاذ قرارات صعبة لخفض الطاقة الإنتاجية، وفي بعض الحالات ربما يساعد انخفاض تكاليف الوقود في تعويض بعض العائدات المفقودة، لكن مما لا شكّ فيه سيكون لـ(كورونا) تداعيات سلبية للغاية على شركات الطيران.
شركات الطيران وتعليق الرحلات
تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي، جاءت بالتزامن مع التحذيرات المتزايدة حول الفيروس السريع الانتشار، الذي دفع كثيراً من شركات الطيران في العالم إلى تعليق رحلاتها للدول التي سجّلت إصابات مرتفعة بالمرض بين سكانها.
وكشف الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" عن نتائج تقييمه الأولي لتأثير تفشي فيروس كورونا الجديد (COVID-19) في مستويات الطلب والإيرادات لقطاع الطيران، التي تشير إلى احتمال تسجيل تراجع بمستويات الطلب على الرحلات الجوية بنسبة 13 في المئة خلال العام الحالي بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وعلى عكس التوقعات الإيجابية، التي كانت تشير إلى نمو شركات الطيران بالمنطقة بنسبة 4.8 في المئة، سيشهد القطاع انكماشاً بالطلب بنسبة 8.2 في المئة طوال العام مقارنة بعام 2019.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالتالي، ستتكبد شركات الطيران بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ خسارة كبيرة في الإيرادات بقيمة 27.8 مليار دولار أميركي خلال عام 2020، وسيكون لشركات الطيران المُسجّلة في الصين النصيب الأكبر من هذه الخسارة، إذ بلغت خسائر شركات الطيران الصينية المحلية 12.8 مليار دولار.
وكان الاتحاد الدولي للنقل الجوي توقّع في شهر ديسمبر (كانون الأول) تسجيل زيادة بإيرادات الركاب لكل كيلومتر بنسبة 4.1 في المئة، إلا أنّ تفشي الفيروس وما رافقه من خسائر لم يتوقفا فقط عند إيقاف النمو الذي كان متوقعاً لهذا العام، بل تسببا بانكماش مستويات الطلب العالمي على الرحلات الجوية بنسبة 0.6 في المئة لعام 2020.
وتستند هذه التقديرات إلى أن تأثير فيروس كورونا الجديد في مستويات الطلب سيكون مشابهاً للتأثير الذي أحدثه فيروس السارس في عام 2003، إذ شهد الطلب حينها انخفاضاً حاداً مدة ستة أشهر، تلاه انتعاش مطرد بذات المستوى، وأدّى تفشي فيروس السارس آنذاك إلى انخفاض بنسبة 5.1 في المئة في إيرادات الركاب لكل كيلومتر لشركات الطيران في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
تأثيرات أكبر في شركات الطيران
ونظراً إلى طبيعة التأثير المتوقع لتفشي فيروس كورونا الجديد، فمن المتوقع أيضاً أنّ حالة الطوارئ الصحية العامة المرافقة له ستبقى حالياً ضمن الصين، لكن في حال انتشار الفيروس على نطاق أوسع ووصوله إلى أسواق آسيا والمحيط الهادئ، ستكون التأثيرات أكبر في شركات الطيران بالمناطق الأخرى.
ومع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه تقدير حجم خسائر الإيرادات وتأثيرها في الصعيد العالمي، إذ لم يُعرف حتى الآن إلى أي مستوى سيصل تفشي الفيروس، وما إذا كان سيتبع مسار تفشي وتأثير فيروس السارس أم لا.
وبدورها تسعى الحكومات لتطبيق سياسات مالية ونقدية من شأنها التخفيف من آثاره السلبية في الاقتصاد، كما ربما يستفيد بعض شركات الطيران من انخفاض أسعار الوقود، إلا أنّ ذلك يتوقف على كيفية تغطيتها تكاليف الوقود.
وتعليقاً على ذلك، قال ألكساندر دو جونياك، المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي، "يمر قطاع الطيران العالمي حالياً بفترة عصيبة، إذ يعد إيقاف انتشار فيروس كورونا الجديد من أهم القضايا التي يهتم بها القطاع في الوقت الراهن. وتحرص شركات الطيران على تطبيق توجيهات وإرشادات منظمة الصحة العالمية والجهات الأخرى ذات الصلة للحفاظ على سلامة الركاب، والإبقاء على نشاط حركة النقل الجوي التي تربط العالم، واحتواء انتشار الفيروس".
وأضاف دو جونياك، "سيؤثر هذا الانخفاض الحاد في مستويات الطلب بسبب تفشي الفيروس سلباً، وبشكل كبير على الأداء المالي لشركات الطيران، لا سيما الشركات المرتبطة بشكل مباشر بالسوق الصينية، إذ نتوقّع أن حركة السفر العالمية ستتراجع بنسبة 4.7 في المئة نتيجة انتشار الفيروس، وخسائر في إيرادات الركاب تصل إلى 29.3 مليار دولار. وهذا لا يلغي توقعاتنا السابقة الإيجابية لنمو القطاع فقط، بل سيؤدي إلى تسجيل أول انخفاض لمستويات الطلب منذ تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2008 - 2009".
وتابع دو جونياك، "تجد شركات الطيران نفسها مُرغمةً على اتخاذ قرارات صعبة بخصوص خفض سعة وعدد الرحلات الجوية إلى بعض الوجهات. وعلى الرغم من أن انخفاض تكاليف الوقود سيساعد على تعويض خسارة بعض الإيرادات، فإنّ شركات الطيران ستضطر إلى مواجهة كثير من التحديدات خلال العام الحالي".
إلغاء مزيد من الرحلات الجوية بالعالم
وفي الصين وحدها جرى إلغاء ما يقرب من 238,939 رحلة طيران بالصين، كما ألغى كثيرٌ من دول العالم رحلاتها مع الصين، وأوقفت دولٌ محاذية الحدود الصينية جميع رحلاتها مع الجار الصين.
من جانب آخر تراجعت الحجوزات عبر طيران (إيزي جت) بنحو 18 في المئة مع تنامي الوعي بضرورة تجنّب السفر في ظل الانتشار السريع لفيروس كورونا.
ضربة لقطاع الفنادق
من ناحية أخرى تعرّض قطاع الفنادق بالعالم إلى ضربة موجعة بسبب (كورونا) مع إلغاء مئات الآلاف من المسافرين لرحلاتهم وحجوزاتهم في فنادق بمدن وجزر سياحية بالعالم.
ففي إسبانيا ذكرت وسائل الإعلام المحلية، أنّ السلطات الصحية بجزيرة تناريف، التي تُعد كبرى جزر الكناري، أمرت بوضع أحد الفنادق في الحجر الصحي، ومنعت خروج أو تحرّك نزلائه وطاقمه الذين يفوق عددهم ألف شخص بعد اكتشاف وجود طبيب إيطالي مصاب بالمرض، الأمر الذي يثير شكوكاً من احتمالية نقله العدوى إلى نزلاء آخرين بالفندق.
وحذّر خبير بمنظمة الصحة العالمية، من أن البلدان خارج الصين "ببساطة ليست جاهزة" للوباء. وتلك التحذيرات تزامنت مع انتشار الفيروس في أجزاء من آسيا وأوروبا والشرق الأوسط بالأيام الأخيرة، مع ارتفاع عدد القتلى في إيران، وتجاوز عدد الإصابات في كوريا الجنوبية 1200 حالة، كما أعلنت النمسا وكرواتيا وسويسرا ظهور حالات مصابة بفيروس كورونا.