أجّل البرلمان العراقي، الخميس، جلسة منح الثقة لحكومة محمد توفيق علاوي بسبب عدم اكتمال النصاب إلى يوم السبت المقبل، في حين أن مدة تكليف علاوي القانونية، التي تمتد إلى 30 يوماً، ستنتهي الأحد.
وكان من المنتظر أن يلتئم البرلمان العراقي للتصويت على البرنامج الوزاري وأعضاء الحكومة، خلال جلسة استثنائية تأجّل موعدها أكثر من مرة، بسبب خلافات عميقة في شأن المرشحين لشغل عدد من الحقائب الوزارية.
ولم يسبق أن تعرّضت تشكيلة وزارية مقترحة في العراق منذ عام 2003، للجدل الذي تتعرّض له تشكيلة علاوي، ما تسبب في انسحاب عدد من أعضائها، قبل أن تصل إلى البرلمان لخوض اختبار نيل الثقة.
وما تزال القوة السياسية السنية الرئيسة في البلاد، وهي اتحاد القوى بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والقوة السياسية الكردية الرئيسة، وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، ترفض تأييد حكومة علاوي.
ويعتقد اتحاد القوى أن من حقه ترشيح عدد من أعضاء تشكيلة علاوي، بينما يقول حزب بارزاني إن تشكيل أي حكومة من دون موافقته يُعدُّ انقلاباً على صيغة التوافق السياسي، التي تتطلّب إرضاء الممثلين السياسيين للمكونات الرئيسة الثلاثة، الشيعة والسنة والكرد.
الساعدي يعتذر
أبرز الاعتذارات جاءت من الجنرال العراقي البارز عبد الوهاب الساعدي، الذي أُسندت إليه أهم حقيبة في الحكومة العراقية، وهي وزارة الداخلية، لكنه اعتذر عن توليها، من دون أن يدلي بأي تصريح. وحتى الأشخاص الذين نقلوا اعتذار الساعدي، لم يكشفوا عن الأسباب التي دفعته إلى هذا القرار.
لم تقف خيبات علاوي عند هذا الحد، بل تلقّى ضربة موجعة أخرى، باعتذار خالد بتال، رئيس جامعة الأنبار، عن تولي منصب وزير التخطيط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كتب بتال في رسالة الاعتذار التي وجهها إلى علاوي، "في الوقت الذي أشكر لدولتكم ترشيحنا لحقيبة وزارة التخطيط، فإني أثمّن ذلك باعتزاز"، موضحاً أنه اعتذر عن تولّي حقيبة التخطيط، لأنه "مكلف بمهمة لم تنته بعد، وهي إعادة إعمار جامعة الأنبار التي خرّبتها عصابات داعش".
في ما بعد، ورد أن بتال تعرّض لضغوط سياسية من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ليتقدم بالاعتذار عن هذه المهمة، بسبب الخلاف بين المكوّن السني ورئيس الوزراء المكلف بشأن عدد من الحقائب، لكنّه نفى ذلك في تصريحات صحافية.
بعيداً من جدل الاعتذارات، بدا أن كثيرين من أعضاء التشكيلة الحكومية الجديدة، في أعمار أبعد ما تكون عن الشباب، على الرغم من مؤشرات عدّة أبداها علاوي، إلى نيته ضمّ عدد من النشطاء الذين شاركوا في التحشيد للتظاهرات الواسعة منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، وهي مستمرة حتى الآن.
"حكومة الكهول"
وصف نشطاء وساسة تشكيلة علاوي المقترحة بـ "الكهول"، فيما قال الممثل السياسي لحركة "عصائب أهل الحق" محمود الربيعي إن بعض أعضاء التشكيلة الجديدة ربما يخوضون مباراة اعتزال على المستوى السياسي.
وأضاف "إذا كانت الحكومة لسنة واحدة ولا يحق لمن فيها أن يرشح للانتخابات المقبلة، فمن الطبيعي أن تتحوّل إلى مباراة اعتزالية لكبار السن"، مشيراً إلى أنّ "العراقيين سيدفعون ثمن حضورها ومشاهدتها للتخلص من فوضى الدماء على بوابات الدخول منذ أشهر".
ديمقراطية 100 في المئة
على الرغم من الجدل المحيط باقتراحات علاوي، يعتقد التيار الصدري، الذي يمتلك أكبر كتلة في البرلمان العراقي، أن الحكومة الجديدة هي ديمقراطية بنسبة 100 في المئة.
ويقول حسن الكعبي، وهو الممثل الأبرز للتيار الصدري في رئاسة البرلمان، إذ يشغل منصب النائب الأول للرئيس الحلبوسي، إنّ جلسة التصويت على الحكومة يوم الخميس، ستكون علنية، مشيراً إلى أن حكومة علاوي ديمقراطية مئة في المئة.
واعتبر أن إرسال علاوي بيانه الوزاري والسير الذاتية للمرشحين للمشاركة في حكومته قبل انعقاد جلسة التصويت يمثّل سابقة و"يحصل للمرة الأولى في تاريخ الحكومات العراقية"، مؤكداً أن "أعضاء مجلس النواب جميعهم اطّلعوا على السير الذاتية للمرشحين".
نائب رئيس البرلمان، طالب رئيس الوزراء المكلف ووزراءه بأن يتعهدوا، بعد نيلهم ثقة النواب، بـ "إعادة هيبة الدولة والنظام الديمقراطي وتحقيق مطالب الشعب العراقي والمضي في إجراء انتخابات مبكرة ونزيهة".