منعت احتجاجات طلابية، لوّحت باستخدام العنف، إقامة محاضرة علمية للبروفيسور في علم الكمبيوتر والروائي، حبيب عبد الرب سروري، بإحدى الجامعات التركية، نفّذها طلاب يمنيون موالون لحزب الإصلاح الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بحجة "أنه ملحد".
وكان مقرراً أن يُلقي الروائي اليمني محاضرة بعنوان "النهضة المعرفية في الزمن الرقمي"، بإحدى الجامعات التركية، بناءً على دعوة وُجهت إليه من قِبل اتحاد الطلاب اليمنيين بتركيا، ضمن فعاليات خاصة أقاموها، قبل أن يُفاجأ بمنعه من قِبل جموع الطلاب المنتمين إلى حزب الإصلاح، والتهديد باستخدام العنف في حال أقيمت المحاضرة العلمية.
سروري ملحداً
وقال الطالب محمد العليمي، "حبيب سروري قَدِم من فرنسا بعد دعوة وجهها إليه اتحاد الطلاب اليمنيين بتركيا".
وفي منشور له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أوضح العليمي أن "أول ما فعله التيار التابع إلى حزب الإصلاح داخل الاتحاد أنه ضغط على اللجنة الإدارية لرفض قبول سروري، بعد أن وافقت وجرت دعوته ورُتبت جميع الإجراءات، بحجة أنه ملحد".
وأضاف، "عندما رفضت اللجنة الإدارية تنفيذ الضغوط جرى إيقاف الدعم المخصص لها من جهات معينة لإقامة الفعالية، وكان مبلغها بحدود 10 آلاف دولار، ومُورست ضغوط واسعة على الطلاب الذين وجهوا الدعوة إلى البروفيسور".
واستطرد العليمي، "هُددت اللجنة أيضاً بأنه سيُجرى إيقاف الحفل، وإفشاله، وقالوا لهم بالحرف الواحد إنهم لا يضمنون ماذا سيحدث داخل القاعة. هذه إشارة إلى أن بعض الحاضرين سيرتكبون تصرفات حمقاء في أثناء محاضرة سروري".
تصويت للمضمون
وفي تفسيره عن ردة فعل باقي الطلاب وموقفهم من منع إقامة المحاضرة، قال "عندما عجزت الهيئة الإدارية عن حل المشكلة، أحالت القضية إلى المؤتمر العام (الخاص بطلاب اليمن في تركيا، الذي يشكّل المنتمون إلى الإصلاح غالبية ساحقة فيه)، وعدد أعضائه 235، صوّت نحو 66 في المئة على عدم حضور سروري، وصوّت نحو 15 في المئة على حضوره، وامتنع آخرون عن التصويت".
تهم بالكفر
وفي موقف يذكّر بالممارسات التي ينتهجها حزب الإصلاح ضد كل من يخالفه الرأي منذ ظهوره في اليمن عام 1990 على يد الزعيم القبلي الراحل عبدالله حسين الأحمر، واتهامهم لكثيرين بالكفر، أفاد العليمي "أعضاء الاتحاد الرافضون مجيء سروري لم يكتفوا بهذا الموقف، بل يتداولون حديثاً أن هناك تياراً داخل الاتحاد يعمل على نشر أفكار إلحادية في أوساط الطلاب. هذه تهم واضحة للذين حاولوا استضافة سروري".
ويختتم حديثه بخشيته من هذه الممارسات، بقوله "ستكون مهمة المؤمنين الصغار في الفترة المقبلة هي تخليص الاتحاد من تيار الملحدين المتخفي حسب ما يزعمون".
موجة غضب
وأثارت الحادثة موجة غضب من قِبل قطاع الكتّاب والمثقفين اليمنيين، الذين استنكروا هذه الممارسات التي وصفوها بـ"الظلامية القمعية"، كسلوك تمارسه جماعات الدين السياسي.
وقال الكاتب الصحافي سامي الكاف، في منشور له على حسابه في "فيسبوك"، "ملتقى طلابي يمني في تركيا يمنع الروائي حبيب سروري من الحضور، لإلقاء محاضرة عن "النهضة المعرفية في الزمن الرقمي".
وتساءل الكاف، "هل هناك فرق بين هؤلاء وجماعة الحوثي في رفض وقمع الآخر والعداء للصوت المدني الإنساني؟".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما قال الإعلامي اليمني أكرم الفهد، "اتحاد الطلاب اليمنيين بتركيا منع الأديب اليمني حبيب سروري من إلقاء كلمة، بحجة أنه ملحد، وينشر الإلحاد بأوساط الطلاب".
وأضاف، "والله لو رئيس الاتحاد الزنداني ما يقول هكذا (في إشارة ساخرة لرئيس شورى الإصلاح سابقاً المتشدد عبد المجيد الزنداني) الأدلجة مشكلة عابرة الحدود والقارات".
وفي تعليق له على منعه، ذكر البروفيسور سروري، في منشور على "فيسبوك"، أنه مُنِع من إلقاء محاضرة في مؤتمر اتحاد طلاب اليمن في تركيا، إذ سبق لمنظمي المؤتمر توجيه دعوة إليه للحضور من باريس إلى مدينة إزمير التركية، التي سيقام فيها المؤتمر، قبل أن يفاجأ بعد وصوله إلى إسطنبول بطلب المنظمين عدم حضوره.
وقال، "كان يُفترض أن أذهب هذا الصباح لإزمير، انطلاقاً من اسطنبول، للملتقى الطلابي الذي دُعيت إليه لإلقاء محاضرة علمية، بعنوان (النهضة المعرفية في الزمن الرقمي)".
وتابع، "حدث انشقاق بين أعضاء الملتقى، الغالبية، كما يبدو، لا تريد سماع المحاضرة، ولا حضوري اللقاء. أحد طلاب الملتقى مثلاً (من مجموعة عشاق التكفيري المصري وجدي غنيم، المطرود من جميع الدول العربية) كتب تعليقاً غريباً، لا يخلو من التهديد المغلّف، حول منشور في صفحتي، كتبته قبل أيام".
رسائل تهديد
ويؤكد سروري، "وصلتني رسائل تهديدية أخرى بأكثر من طريقة، كي لا أذهب إلى الملتقى".
ويتطرق الروائي سروري إلى منشور له على "فيسبوك" قبل إقامة المحاضرة رأى ناشطو الإصلاح أنه سبب كافٍ لمنعه من إقامة المحاضرة، وقال: "في منشوري، الذي أثار حفيظتهم، كان هناك مقترحان لا غير: الهدف الثالث للكيان الطلابي النقابي اليمني، حسب أدبياتهم: تعميق الروح اليمنية والقومية والإسلامية، واقترحت تبديل كلمة (الإسلامية) بـ(الإنسانية)، لأنها في غير موقعها هنا، بل مضر لها، وهي تلغي البعد الإنساني الذي يأتي مباشرة بعد البُعدين اليمني والعربي".
وأضاف "انتقدتُ أيضاً الحديث عن أن كيانهم الطلابي لسان حال (الإسلام السوي)، لأن كل الحروب والخرائب طوال التاريخ جاءت لأن مجموعة دينية أو أيديولوجية تعلن نفسها الناطقة الرسمية (السوية). هذا كل ما في الأمر، وهي ملاحظات بديهية أولية وضرورية جداً".
الاختلاف عن الحوثي
ويستطرد "قام الملتقى مساء أمس الخميس بالتصويت حول: هل يُسمح لي بإلقاء المحاضرة أم لا؟ مع معرفتهم بأنها علمية خالصة! وكانت نتيجة التصويت لا".
سروري أشار إلى أن "هذا التدهور والانغلاق والعداء الصارخ للمحاضرات العلمية والخطاب المدني أمر عجيب لم يتوقّعه من طلاب يُفترض أن يكونوا طليعيين، لكنهم صاروا أكثر انغلاقاً وتطرفاً من أي وقت مضى".
واختتم، "سؤال سيظل يلاحقني طويلاً: هل هناك فرق بين هؤلاء وجماعة الحوثي في رفض وقمع الآخر، والعداء للصوت المدني الإنساني؟".
وحبيب عبد الرب سروري، هو بروفيسور في علوم الكمبيوتر وروائي يمني، صدرت له عدة روايات أبرزها: "ابنة سوسولوف"، و"طائر الخراب"، و"الملكة المغدورة"، و"وحي"، و"أروى" وغيرها، ويقيم في فرنسا منذ سنوات.
نحن نتحدث باسم الدين
وفي تعليق لقيادي في الهيئة الإدارية لاتحاد طلاب اليمن في تركيا التي يسيطر عليه الموالون لحزب الإصلاح، قال محمد الغولي مخاطباً السروري "أنت رجل غير مرحب به لدينا، وهذا صوت السواد الأعظم من الطلاب، وأفكارك احتفظ بها لك ولمن يتابعك، فنحن في غنى عنها".
وأضاف الغولي، في تعليق على منشور السروري في فيسبوك، "بالنسبة للدعوة: إدارة الملتقى ارتكبت خطأ بتوجيه دعوة إليك بروفيسور، وهي في وضع سيء الآن نتيجة الرفض الكبير لهذه الدعوة، وكذلك تقبع تحت ضغط اللجنة الرقابية لرفضك، فقدم الاعتذار ولا تتسبب بإحراجهم، ويرجى عدم إحراج نفسك بالمجيء، لأنك تعلم جيداً رفضنا ورفض أغلب الشباب في الملتقى لتواجدك، خاصة بعد منشورك هذا الذي انتقد أفكارنا ووصفها بما نكرة، وكذلك انتقادك للائحة اتحادنا بهذا الشكل المشين".
وبلهجة أشبه ما تكون بلغة الوصاية استطرد "لسنا هنا نتحدث عن أي إيديولوجية بل عن دين إلهي ومعتقد يجمع مليار ونصف المليار مسلم، ونحن لا نقبل الإساءة البتة".
وتابع "وأما من أيدك أو رحب بك فهم يمثلون نسبة قليلة، فعليك الاعتذار إزاء هذا الكلام، وعدم المجيء".
واختتم حديثه بعبارة أشبه ما تكون بالتهديد المبطن قال "الحليم تكفيه الإشارة سيد حبيب".