كشفت دراسة جديدة عن أنّ واحداً من كل خمسة أشخاص كان ليعيش في وضع مالي أفضل لو لم يدرس في الجامعة.
ولا يكاد أي من الرجال الذين درسوا الفنون الإبداعية يحقّق مكاسب مالية من شهادته خلال حياته كلها، حسبما ذكر تقرير أصدره "معهد الدراسات المالية".
ويزيد دخل الخريّجين بحوالى 130 ألف جنيه استرليني على امتداد حياتهم المهنيّة عمّا كانوا سيكسبونه لو لم يدرسوا في الجامعة، بينما تقدّر زيادة الدخل في حالة الخريجات بنحو 100 ألف جنيه، وفق التقرير.
لكن الدراسة تقدّر أنّ شخصاً واحداً بين كل خمسة ممّن درسوا في الجامعة، أي ما يعادل 70 ألفاً في كل سنة أكاديمية، هو أسوأ حالاً من الناحية المادية مقارنة بأقرانه الذين لم يتلقّوا تعليماً عالياً.
ويذكر التقرير الذي أُعدّ بناء على طلب وزارة التربية، أن نحو 15 في المئة من النساء وربع الرجال، يعتبرون أن المكاسب المالية التي يحصلون عليها بفضل شهادات المرحلة الجامعية الأولى خلال حياتهم كلها، سلبيّة.
ووجد التقرير فجوة واضحة بين الجنسين من حيث الدخل تطال الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 سنة. ويزيد متوسّط دخل الرجال الذين يحملون شهادات جامعية بـ15 ألف جنيه استرليني في العقد الثالث من العمر، مقارنةً بـ5 آلاف فقط للنساء.
وأشار معدو الدراسة إلى احتمال أن يعود سبب هذا الفارق إلى أنّ النساء يأخذن إجازة من العمل لتأسيس عائلة. وتفيد نتائجها بأنّ النساء لا يحققن أيّ منفعة ماليّة واضحة من الدراسة في جامعة عريقة ضمن "مجموعة راسل" بدلاً من جامعة أخرى لديها تفرض شروط دخول أقلّ صرامة.
لكن يمكن للذكور الذين ينجحون في الحصول على مقعد في جامعة ذات شروط دخول صعبة أن يتوقعوا عوائد مالية أعلى بكثير ممّا يحصل عليه خريجو الجامعات التي تفرض شروطاً أقل صعوبة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولموضوع الدراسة أثر ضخم في الدخل. فطالبات الفنون الإبداعية واللغات لا يحصلن تقريباً على أيّ زيادة مالية، بينما تنال طالبات القانون أو الاقتصاد أو الطب مبلغاً وسطياً يقدر بـ 250 ألف جنيه استرليني. في المقابل، يكسب طلاب الطب أو الاقتصاد حوالى نصف مليون جنيه استرليني وسطياً، لكن طلّاب الفنون الإبداعية الرجال يواجهون عوائد مالية سلبية حسبما تُظهر البيانات.
وقال جاك بريتون، المدير المساعد في "معهد الدراسات المالية" الذي شارك في إعداد التقرير "لدى واحد من بين كل خمسة، عوائد مالية سلبية. فهم يخسرون بسبب ذهابهم إلى الجامعة. وهذا يعود في معظم الأحيان إلى أنّهم يجنون أقل ممّا كانوا ليكسبوه لو لم يذهبوا إليها". وأضاف لا يكاد أي من الرجال الذين يحملون شهادات في الفنون الإبداعية يحقّق مكاسب مالية إضافية بفضل ذهابه إلى الجامعة.
واستند البحث إلى مجموعة بيانات "النتائج التعليمية الطولانية" الصادرة عن "مكتب الطلاب"، أي الجهة المنظّمة للتعليم العالي، وهي بيانات تقارن سجلات الدراسة ببيانات الضرائب والإعانات المالية، ما يساعد في إظهار ما إذا كان الخريجون يعملون وكم يتقاضون. وهي تحسب كلّ الذين بدأوا الدراسة لنيل شهادات جامعية بدلاً من الذين تخرّجوا من الجامعة.
ووجدت الدراسة أنّ الاقتصاد والطب يعودان بمكاسب مالية أفضل على الخزينة العامة. وكسبت الحكومة بفضل النساء اللواتي درسن في هذه المجالات 200 ألف جنيه إضافي قبل التقاعد، مقابل 500 ألف جنيه كسبتها من الرجال. لكن جميع طلّاب الفنون الإبداعية بغض النظر عن جنسهم، يمثلون تكلفة صافية على الخزينة، لا زيادة فيها.
وذكر بين والتمان، وهو خبير اقتصادي لدى "معهد الدراسات المالية"، أسهم في إعداد التقرير أن "الحكومة تتكبّد خسارة إجماليّة بتمويلها نصف الخرّيجين تقريباً. وتتركّز الخسائر في أوساط من يدرسون مواضيع معينة... والخسائر ضخمة في حال الفنون الإبداعية مثلاً. ليس من الضروري أن يعني هذا أنّ الحكومة تسيء توزيع التمويل، لكّنه من المهمّ أن نعي التكلفة التي تتحمّلها".
من جانبها، قالت وزيرة الجامعات ميشيل دونلان "يؤكد هذا البحث من خلال تحديد أثر التعليم العالي في حياة الأفراد أنّ قطاعنا الجامعيّ رائد عالمياً... وعندما تضيف إليه التجارب التي لا يمكن احتسابها، والصداقات التي ترافقها، ترى أنه ليس غريباً أنّ جامعاتنا تجذب الطلّاب من أنحاء العالم كافة... لكنّ هذه المكانة المرموقة تقوم على جودة النوعية، ومهمتي تقتضي العمل مع منظّم القطاع لحمايتها، وفي الوقت ذاته، لضمان حصول الطلاب ودافعي الضرائب على القيمة التي ينتظرونها مقابل استثمارهم".
وقالت نيكولا داندريدج، الرئيسة التنفيذية لـ"معهد الدراسات المالية"، إنه "كما يبيّن هذا البحث، قد يؤمّن التعليم العالي مكاسب مالية واضحة للخرّيجين... من الضرورة بمكان أن تتوفر للطلاب معلومات واضحة وواقعيّة عن مواضيع دراستهم ومكانها، وتُعتبر البيانات حول المداخيل المرتقبة جزءًا مهمّاً من هذه الصورة".
أما جو غرايدي، وهو الأمين العام لـ"نقابة الجامعات والكليات" فاعتبر أنّ "التعليم الجامعي يوفّر دفعة مالية إضافية واضحة بالنسبة إلى الخريجين، لكنه من المهم جداً أن ندرك أنّ التعليم يتعلّق بأمور أكبر بكثير من المكسب المالي فحسب... والتركيز على الدخل المادي في المستقبل بعد التخرج من الجامعة من شأنه أن يتسبب في إغفال المنافع الأشمل التي يحققها الأفراد والمجتمع من التعليم".
وعلّق أليستير جارفيس، الرئيس التنفيذي لهيئة "الجامعات البريطانية"، قائلاً "إنّ الدلائل واضحة وتشير إلى أنّ الحصول على شهادة جامعية من القطاع الجامعي البريطاني الرائد عالمياً ما زال يؤدي إلى زيادة مهمة في راتب الخرّيج وفرصه المهنية... ويقدّم هؤلاء الخرّيجون، بمن فيهم من يعملون في قطاعات تُعتبر رواتبها قليلة نسبياً، مساهمات حيويّة للاقتصاد الأوسع وللمجتمع ككلّ".
© The Independent