Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سواحل "لكويرة" تشعل صراعا رباعيا في غرب أفريقيا

اهتمام مغربي باستعادتها وحياد موريتاني لوضعها وترقب جزائري مساند لـ "جبهة البوليساريو"

سواحل مدينة لكويرة ذات بعد اقتصادي وجيوسياسي كبير (الحقوق محفوظة - مواقع التواصل) 

ملخص

الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية لمدينة "لكويرة" تجذب المغرب لاستعادتها، فيما تريد موريتانيا بقاء الوضع كما هو، وبينما تترقب الجزائر الخطوة المقبلة كي تساند جبهة البوليساريو.

عاد الحديث مجدداً حول مدينة "لكويرة" التي تقع في الصحراء أقصى الجنوب المغربي والمتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، لأن وضعها الاستراتيجي يثير اهتماماً متزايداً ويجذب أنظار المتنافسين لاستعادتها وإعادة الحياة لها مجدداً، بعد أن تم إخلاؤها بسبب الحرب بعدما كانت في سبعينيات القرن الماضي مركزاً تجارياً هاماً غرب أفريقيا.

وتقع مدينة "لكويرة" في نهاية امتداد صخري قرب حدود موريتانيا، وتحيط بها مياه المحيط الأطلسي من الشمال والجنوب والغرب، فيما تحدها مدينة أنواذيبو الموريتانية من جهة الشرق.

لا تخضع مدينة "لكويرة" قانونياً لسلطة أي دولة منذ تنازلت عنها موريتانيا عام 1978 ضمن أراضي إقليم الصحراء التي سبق أن تقاسمتها مع المغرب في 1975، وبحسب القانون الدولي فإنها تقع ضمن مناطق الإقليم المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.

أهمية المدينة

بالنسبة للمغرب تعتبر "لكويرة" مدينة تقع بإقليم أوسرد بجهة الداخلة وادي الذهب، وجزء لا يتجزأ من المغرب الممتد من طنجة بأقصى الشمال وصولاً إليها في أقصى الجنوب، أما جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر فتعتبرها جزءاً من أراضي الجمهورية الصحراوية التي تأمل في إقامتها على أراضي إقليم الصحراء، بينما لا تعدو كونها وديعة كُلّفت موريتانيا بحمايتها بعد انتهاء الحرب.

 

 

ولكونها تقع على مقربة من حدودها وعلى بعد 15 كيلومتراً من أنواذيبو أكبر مدينة اقتصادية موريتانية وثاني أكبر المدن بعد العاصمة، فضلت موريتانيا حماية "لكويرة" منعاً لأي صراع قرب مركزها الاقتصادي في انتظار إيجاد حل للنزاع حول الصحراء.

مدينة أشباح

بنى الاستعمار الإسباني مدينة "لكويرة" وحوّلها إلى مركز تجاري مهم في غرب أفريقيا، حيث كانت المدينة تعج بالسكان والمتسوقين من موريتانيا والسنغال ومالي، وتحوّلت في ظرف سنوات قليلة إلى أهم مركز تجاري يتم فيه استيراد البضائع الإسبانية الآتية من جزر الخالدات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان ميناء المدينة معبراً بحرياً للسفن المحملة بالبضائع والمتجهة نحو موانئ غرب أفريقيا، كما امتازت بشواطئها الغنية بعينات من الأسماك النادرة، وكذلك مناخها الرطب، حيث هاجر إليها سنوياً آلاف الطيور فيما جعلها موقعها الاستراتيجي أهم نقطة تمركز للقوات الإسبانية في المنطقة.

عاشت مدينة "لكويرة" أوج ازدهارها في الفترة ما بين 1968 إلى 1976، قبل أن يندلع الصراع حول الصحراء ويذوق سكانها ويلات الهجمات المتكررة من عناصر جبهة البوليساريو الذين كانوا يطمحون لإخضاع هذه المنطقة لسيطرتهم بعد خروج إسبانيا منها.

ومع اشتداد المعارك حول "لكويرة" بوصفها أهم مدينة في المنطقة تأثرت الحركة الاقتصادية، وبدأ سكانها يغادرونها تدريجاً إلى أن أصبحت مدينة عسكرية مع انسحاب موريتانيا من الصحراء إثر الانقلاب العسكري على الرئيس الأسبق المختار ولد داداه عام 1978.

"لكويرة" اليوم عبارة عن مدينة مهجورة خالية تماماً من السكان، لا يوجد فيها سوى بنايات قديمة وأطلال يرجع تاريخها لفترة الاستعمار الإسباني، وتحرسها قوات موريتانية قليلة وتمنع دخول المدنيين لها بحكم وضعها الحالي.

صراع متجدد

منذ الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء وقيام الرباط بطرد عناصر البوليساريو الذين كانوا يقطعون الطريق الدولي بوضع متاريس وفرض إتاوات على سائقي الشاحنات المغاربة، بدأت المغرب سياسة فرض الأمر الواقع ليعود الاهتمام بـ "لكويرة" مجدداً.

في هذا الصدد قال الباحث السياسي يحيى محمد سالم إن "الجدل حول لكويرة عاد بعد الاهتمام المتزايد للرباط بالمنطقة البحرية الجنوبية، وبسبب ما تنشره وسائل إعلام مقربة من الحكومة عن عزم المغرب بسط سيطرته على المدينة كما حدث في منطقة الكركرات التي تشترك معها في نفس الخصوصية من حيث وضعها القانوني كمنطقة غير خاضعة لأية سلطة".

وأضاف سالم أن عودة الحديث عن سعي المغرب للسيطرة على المدينة وبناء ميناء بحري بها أثار حفيظة موريتانيا التي لا ترغب في تغيير وضع المنطقة العازلة بين البلدين وبخاصة ساحل "لكويرة" لما تمثله من تهديد جيوسياسي اقتصادي، وكذلك قربها من عاصمتها الاقتصادية ومنافذها البحرية الأكثر حيوية، موضحاً أن أي استثمار في المنطقة سيشكل منافسة قوية لميناء نواذيبو الموريتاني.

 

 

ويرى الباحث السياسي أن ما أثير لا يعدو كونه جس نبض غير رسمي لكنه ليس عبثياً، وأنه ربما جاء بهدف معرفة ردود الفعل في حال أقدم المغرب على هذه الخطوة في استمرار لمسلسل انتصاراته الدبلوماسية الأخيرة في الصحراء، لافتاً إلى أن الرباط لن تخاطر بعلاقاتها مع موريتانيا، المنفذ البري الوحيد له مع أفريقيا، من أجل استرداد أراض عليها نزاع وبناء ميناء قريب من أراضيها.

منفذ أفريقي

ويربط بين المغرب وموريتانيا معبر الكركرات وهو المعبر البري الوحيد الذي يربط المغرب بالدول الأفريقية في ظل استمرار إغلاق الجزائر منفذها بسبب خلافها مع الرباط.

وتبقى جميع الخيارات متاحة في ظل التحركات السياسية والدبلوماسية التي قامت بها الرباط خلال العامين الماضيين، لكن المراقبين يرون أن المغرب لن يغامر بخسارة علاقاته مع موريتانيا التي كانت تملك حقوقاً في الصحراء وتشارك بصفة عضو مراقب في المفاوضات، وقد تضطر في حال حدوث توتر إلى إعادة تقييم شامل لموقفها في القضية وتجاوز موقف الحياد الإيجابي الذي تنتهجه حالياً.

ويرى المراقبون أن توجه الرباط لاسترداد مدينة مهجورة سيكلف المغرب صراعاً جديداً مع جبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر، وهو صراع لا يحتاج المغرب له حالياً، لا سيما وأنه حقق انتصارات كبيرة بفضل الدبلوماسية المغربية وميولها نحو أفريقيا.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات