Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تجند الجماعات المسلحة أطفال الساحل الأفريقي؟

متخصصون: يغرونهم بالمال والأسلحة للوصول إلى السلطة ويغلقون المدارس لجلبهم إلى المعارك

تتكون فرق الجماعات الإرهابية في الساحل غالباً من أبناء المناطق النائية والمهمشة (أ ف ب)

ملخص

الأطفال المقاتلون الجدد في الساحل الأفريقي، فكيف يجري تجنيدهم؟

تستعمل الجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي أساليب عدة في استدراج المقاتلين الجدد إلى صفوفها غير آبهة بالظروف التي يعيشونها أو مدى خبرتهم ومستوى أعمارهم وقدرتهم على خوض معارك ضارية.

وتعتمد الجماعات على أكبر عدد من المقاتلين لتنفيذ عملياتها الإرهابية وترويع السكان في القرى النائية وتمنحهم السلاح والعتاد بمجرد التحاقهم بالتنظيم، كما تعمل على تدريب النخبة منهم لتعويض من فقدتهم من قادتها في معاركها السابقة.

وتتكون فرق الجماعات الإرهابية في الساحل غالباً من أبناء المناطق النائية والمهمشة، وفيما كانت سابقاً تتكون من عدد من أبناء دول المغرب العربي والمهاجرين بأوروبا المتأثرين بالفكر الجهادي، أصبح عدد هؤلاء يتناقص في صفوف التنظيمات بالساحل ويقتصر وجودهم على المراكز القيادية فقط.

وعلى رغم التعبئة والوعي المتزايد لدى الشباب بخطورة الإرهاب في منطقة الساحل، يؤكد الباحثون أن الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على إغواء الشباب بخاصة ما يسمى تنظيم "داعش" في منطقة الساحل، والذي وجه قبل أيام في تسجيل لقائده إياد آغ غالي الدعوة لمجندين جدد من أجل القتال ضد النيجر وبوركينا فاسو ومالي وحليفتها "فاغنر" الروسية.

إغلاق المدارس

تتكون الجماعات المسلحة حالياً من خليط من المرتزقة والمتمردين السابقين الذين بدأوا القتال ضد الدولة في مالي والنيجر قبل أكثر من 20 عاماً، إضافة إلى المتأثرين بالفكر الإرهابي من المهاجرين من مختلف المناطق، وفي إطار سعيها لجذب أكبر عدد من المنضمين لصفوفها تعمل الجماعات المسلحة على استقطاب الشباب والمراهقين وحتى الأطفال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ففي السنوات الأخيرة تم إغلاق مئات المدارس وإهمال الشباب مما ضاعف من أعداد الراغبين في الالتحاق بالجماعات المسلحة بحثاً عن مورد رزق أو سلطة في مناطق تعاني انعدام الأمن والفراغ الإداري.

ويتم تجنيد الأطفال في الجماعات الإرهابية لاستخدامهم في علميات الرصد والتتبع وأيضاً كدروع بشرية أو كانتحاريين وكذلك مقاتلين مدربين. وتتعدد أساليب إغواء الأطفال للالتحاق بالجماعات المسلحة بدءاً بإغراء أهاليهم بالمال، مروراً بالاختطاف أثناء الغارات، ليصبح الأطفال غنيمة أخرى تستفيد منها الجماعات بعد تدمير المنازل والقرى في إطار عملياتها العسكرية.

ولا تتوافر إحصاءات دقيقة عن أعداد الأطفال المجندين في الجماعات المسلحة بالساحل الأفريقي، لكن بحسب تقرير أممي فقد تم بين عامي 2017 و2019، تجنيد واستخدام ما لا يقل عن 1385 طفلاً من قبل جماعة "بوكو حرام"، فيما تؤكد تقارير حقوقية أن عدد الأطفال الذين يتم تجنيدهم من قبل الميليشيات في الساحل أعلى بكثير من هذا الرقم، وأن تحديد أعداد الأطفال المجندين سنوياً من الأطفال غير ممكن بسبب صعوبة الوصول إلى عديد من المناطق في غرب أفريقيا.

ويقول الباحث المتخصص في الجماعات المسلحة محمد سيديا، إن هذه الجماعات تنظر إلى الأطفال على أنهم قادرون على القتال وحمل السلاح والدفاع عن الفكر الإرهابي منذ الصغر، فهي تستقطب المراهقين طواعية وبالإجبار أيضاً مستخدمة أساليب مختلفة، وتعمل على تدريبهم ورفع قدرتهم على التحمل من خلال دورات تدريبية.

ويضيف الباحث لـ"اندبندنت عربية"، أن "التنظيمات المسلحة تعتمد حالياً على سياسة التوطين أو المحلية، أي إنها تختار أبناء المنطقة المستهدفة بالهجمات، لأنهم يعرفون التضاريس أكثر من غيرهم، ويسهل عليهم التخفي وسط أهاليهم والحصول على الدعم والمؤونة في حال حصار القوات المهاجمة".

ويؤكد أن سياسة التنظيمات الإرهابية هي بث الرعب والضرب بقوة وتنفيذ هجمات واسعة النطاق، لذلك فهي في حاجة لمقاتلين باستمرار، وتستقطب الشباب وحتى الأطفال والمراهقين وتدمجهم في صفوفها غير آبهة بمدى تمكنهم من حمل السلاح واستعماله، فالمهم لديها هو كثرة عدد المهاجمين".

ويرى الباحث أن التدخل العسكري الغربي بالساحل الأفريقي لم يحقق نتائج جيدة باستئصال الإرهاب والقضاء على الجماعات المسلحة، مؤكداً أنه منذ أن تدخلت فرنسا في شمال مالي في يناير (كانون الثاني) 2013، تضاعف استهداف السكان المدنيين بهجمات مميتة وارتفع عدد النازحين، وفي بوركينا فاسو أيضاً تزايد عدد الهجمات الإرهابية في شمال وشرق البلاد على رغم التعاون العسكري مع فرنسا.

ويشدد على أن محاربة الإرهاب لن تتحقق بالجيوش الغربية وعلى فترات بسيطة، بل تستلزم تدريب الجيوش الوطنية ودعمها مدة طويلة لكبح أي تطور قد تشهده الجماعات المسلحة.

بث الرعب

أصبحت المؤسسات التعليمية هدفاً للجماعات المسلحة، حيث أنها تهاجم كل المدارس التي تتهمها بأنها تحمل الفكر الاستعماري وتسميها بـ"التعليم الغربي"، وتحرق المباني وتهدد المعلمين والطلبة بشكل منتظم بالقتل إن لم يتوقفوا عن ارتيادها.

ويرى باحثون أن هدف الجماعات من استهداف المدارس هو خلق جيل جاهل يسهل اقتياده وإقناعه بالانضمام إلى صفوفها والمشاركة في أعمالها، مؤكدين أن الترويج للفكر الجهادي ينتشر في كل مكان بمنطقة الساحل في الأسواق الشعبية والمدارس التقليدية وحتى في مخيمات النازحين.

يقول المتخصص في الشأن النيجري كانو أحمد دي، إن الجماعات الإرهابية قادرة على إغواء الشباب بقوة للانضمام إليها، فهي موجودة في كل مكان، ولديها دوافع قوية للبحث عن مجندين جدد باستعمال طرق مختلفة، واستغلال تزايد المشاعر المعادية للحكومات الفاسدة في غرب أفريقيا وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأيضاً فشل الجيوش في مواجهة قوة الجماعات المسلحة.

ويضيف أن "الجماعات تستغل تكبد الجيوش للهزائم من أجل الترويج لقوتها في مجتمعات ريفية مهمشة وفقيرة، حيث تستعرض إنجازاتها وتعرض إمكاناتها العسكرية والتكنولوجية أمام الشباب وذويهم في المجتمعات المحلية التي لا تهتم بها السلطات، وبخاصة الموجودة على الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو".

ويشدد على أن هدف هذه الميليشيات هو شن هجمات واسعة النطاق ضد أهداف مدنية وعسكرية، والوصول إلى المناجم المهمة، وفرض السيطرة الإقليمية والحصول على النفوذ. مؤكداً أن كل من يرفض الانضمام إليها يتعرض للاعتقال والتعذيب وحتى الإعدام.

ويطالب المتخصص في الشأن النيجري بتعزيز الأمن وحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها منطقة الساحل، ورفع مستوى التوعية على المستوى المحلي بانتهاكات حقوق الطفل، وإجراء مزيد من الأبحاث حول الوقاية من ظاهرة الأطفال المجندين في المجتمعات المعزولة والمهمشة، وتخصيص برامج إعادة التأهيل والإدماج لضحايا الجماعات المسلحة بخاصة من الأطفال من خلال برامج تعليمية وتكوينية ودعم نفسي واجتماعي لمعالجة الصدمات التي تعرض لها هؤلاء الأطفال.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير