Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الإسرائيليون يدوسون على أعناقنا": غضب في الضفة الغربية مع فشل أميركي في لجم إسرائيل

مع انطلاق شهر رمضان في غياب وقف لإطلاق النار في غزة، التقت "اندبندنت" مع فلسطينيين أكدوا عدم ثقتهم في نية الدول الغربية تخفيف محنتهم، في ظل تصاعد العنف وتزايد عدد القتلى  

تشييع جثمان فلسطينيين قتلا برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة (رويترز)

ملخص

يُقتل نحو 100 فلسطيني كل شهر في اشتباكاتٍ مع قوى الأمن الإسرائيلية والمستوطنين منذ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" في السابع من أكتوبر. ويُجرى إضافةً إلى ذلك، تدمير منازل مزارعين فلسطينيين ودفعهم إلى تهجيرٍ قسري من أراضيهم، في حملة استنزافٍ مستمرة

جرى التخطيط للعملية بدقة. مسلحون أطلقوا النار على موقع للجيش الإسرائيلي، ليفروا بعدها مذعورين من دون التسبب بأضرٍار كبيرة. لكن كميناً نُصب للعسكريين الذين قاموا بمطاردتهم تبع ذلك، فانفجرت بهم عبوة ناسفة أدت إلى إصابة سبعة جنود إسرائيليين.

حركة "الجهاد الإسلامي" عرضت شريط فيديو للهجوم الذي وقع يوم الجمعة في بلدة سيلة الظهر، متوعدةً كما قالت، بمزيدٍ من "أعمال التحرير". وسرعان ما انتشرت اللقطات وتمت مشاركتها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما في مناطق الضفة الغربية المحتلة.

يُشار إلى أن نحو 100 فلسطيني يُقتلون كل شهر في اشتباكاتٍ مع قوى الأمن الإسرائيلية والمستوطنين، منذ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول). ويُجرى إضافةً إلى ذلك، تدمير منازل مزارعين فلسطينيين ودفعهم إلى تهجيرٍ قسري من أراضيهم، في حملة استنزافٍ مستمرة. وفي هذا المناخ من التوتر المتصاعد، اعتُبر هجوم مسلحي حركة "الجهاد الإسلامي" بمثابة انتقامٍ طال انتظاره.

هجمات أخرى كانت قد وقعت أخيراً على الإسرائيليين في الضفة الغربية. مدنيان كانا قد قتلا هما الحاخام إسحق زيغر الذي يبلغ من العمر 57 سنة، وأوريا هارتوم البالغة من العمر 16 سنة، بإطلاق النار عليهما، عندما كانا يملآن خزان سيارتهما بالوقود في محطة بنزين بالقرب من مستوطنة إيلي الواقعة بين مدينتي رام الله ونابلس في الضفة الغربية. المهاجم الذي يُدعى محمد مناصرة - وهو شرطي تابع للسلطة الفلسطينية - قضى بعدها برصاص صاحب مطعمٍ قريب.

وقد أدى تصاعُد أعمال العنف، إلى تفاقم المخاوف مع بداية شهر رمضان، وهو الأول منذ المذبحة التي ارتكبتها حركة "حماس"، والهجوم الإسرائيلي الذي تبعها على غزة. وتبددت الآمال التي بثها الرئيس الأميركي جو بايدن وآخرون، في احتمال التوصل إلى وقفٍ طويل الأمد لإطلاق النار، مع وصول المفاوضات إلى طريقٍ مسدود، ورفض السلطات الإسرائيلية المطالب الرئيسة التي قدمتها "حماس".

وكما هي العادة التي شهدها الفلسطينيون المتورطون في أعمال عنفٍ كبيرة، تواجه عائلة مناصرة خطر هدم منزلها على يد السلطات الإسرائيلية. وسيتعين على أفرادها أن يجدوا لهم ملاذاً عند الأقارب. وكانوا قد أقاموا على مدى ثلاثة أجيال في مخيم قلنديا للاجئين، الذي أنشئ في عام 1949 لإيواء الفلسطينيين الذين نزحوا خلال الاضطرابات التي أحاطت بقيام دولة إسرائيل.

تعرضت قلنديا لعمليات دهمٍ عدة على يد الجيش الإسرائيلي منذ الهجوم الذي قامت به "حماس"، ما تسبب بمقتل أحد سكانها وإصابة عشرات. ويمكن وصف مزاج الناس في شوارعها التي طغى عليها اللون الأسود نتيجة الحرائق التي أحدثها القصف، بالغضب واليأس، ولا سيما في صفوف شبابها.

أحد هؤلاء يُدعى خالد ويبلغ من العمر 20 سنة، أعرب في معرض حديثه عن الوضع عندما كان يجلس مع أصدقائه على كراسٍ بلاستيكية خارج منزله، عن مشاعر الإحباط، وقال: "الإسرائيليون يدوسون على أعناقنا بأحذيتهم، ويريدون إبقاءنا في الحضيض. إنهم لا يحترمون منازلنا ومساجدنا ومدارسنا. إنهم يفعلون ما يحلو لهم، ويطلقون النار على الناس ويعتقلونهم. لذلك، إن الناس هم بطبيعة الحال غاضبون، وهم يشاهدون ذلك يحدث طيلة الوقت، ويعرفون أن الوضع سيستمر على هذا النحو".

إلا أن خالد ورفاقه لم يشاؤوا التحدث علناً عن دوافع العملية التي قام بها الشرطي الفلسطيني مناصرة وانقلابه على الإسرائيليين. وقد همس أحدهم بأن الكشف عن مثل هذه المعلومات سيجعلهم هدفاً لقوات الأمن الإسرائيلية.

كنتُ قد التقيتُ بخالد من قبل في جنازة الشابين محمد عليان (20 سنة) ومحمود مقلة (21 سنة)، اللذين قُتلا بالرصاص في مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله. وكان خالد في حينه من بين المشاركين في موكب التشييع الذين حملوا علم "حماس". وقد قاربت الرايات ذات اللون الأخضر للحركة الفلسطينية المتمركزة في قطاع غزة من حيث العدد، الأعلام ذات اللون الأصفر لحركة "فتح"، وهي الحزب الرئيسي في الضفة الغربية. وحضرت أيضاً - وإن بشكلٍ أقل بروزاً - الأعلام السوداء لحركة "الجهاد الإسلامي".

ويقول خالد: "إن حركة ’حماس‘ ما زالت تقاتل، ولم يتمكن الإسرائيليون من هزمها، أليس كذلك؟ أما هنا فالأمر مختلف، إذ إن حركة ’فتح‘ لا تفعل الكثير سوى الكلام. أمامنا شهر رمضان... ستكون هناك مسيرات، هنا في القدس، وسنرى ما سيحدث، وما سيفعله الإسرائيليون".

يجدر التذكير هنا بأنه على مر الأعوام، كانت تقع صداماتٌ في محطاتٍ عدة بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال شهر رمضان المبارك. وقد أطلقت حركة "حماس" على هجومها في السابع من أكتوبر الفائت تسمية "عملية طوفان الأقصى"، في إشارةٍ إلى أعمال العنف التي وقعت في العامين الماضيَين خارج المسجد الأقصى، وهو أحد أقدس المواقع الإسلامية.

وقد قضى في تلك العملية نحو 1200 إسرائيلي، وتم احتجاز مئاتٍ من الرهائن عندما عبَر مقاتلو حركة "حماس" الحدود. وأصبحت تلك العملية العامل المحفز للصراع الراهن. وفي المقابل، قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني حتى الآن في الهجوم الإسرائيلي على غزة.

أبو عبيدة أحد كبار مسؤولي "حماس" أعلن أن رمضان سيكون "شهر النصر، وشهر الجهاد"... وقال: "إننا ندعو شعبنا إلى الزحف نحو القدس، وفي الوقت الذي يستعد فيه المسلمون في جميع أنحاء العالم لاستقبال شهر رمضان، قمنا نحن بتقديم قربان لله - تمثل في شلال من الدماء والأرواح الطاهرة".

وكان وزير الأمن الإسرائيلي المتشدد إيتامار بن غفير قد دعا إلى فرض قيودٍ إضافية على دخول المسلمين إلى المسجد الأقصى. وقال إن هذا الإجراء هو ضروريٌ لمنع حركة "حماس" من "الاحتفال بالنصر" في وقتٍ ما زال هناك رهائن إسرائيليون محتجزين لديها في غزة. وفيما تدخل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رافضاً كلام السيد بن غفير، إلا أنه ترك الباب مفتوحاً بقوله إنه سينظر في تطبيق قيودٍ على أساس "تقييمٍ للوضع في ما يتعلق بالأمن والسلامة" على أساس أسبوعي، مع اتخاذ القرارات ذات الصلة وفقاً لذلك.

وبموجب الترتيبات المعمول بها الآن، لن يُسمح إلا للرجال الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة، والنساء والأطفال من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية بالمرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية للوصول إلى الأماكن الدينية في القدس خلال شهر رمضان. كما سيتم أيضاً تكثيف الإجراءات الأمنية في مناطق الضفة الغربية بشكلٍ كبير.

لكن ما يتكشف على الأرض الآن، يتردد صداه في مختلف أنحاء المنطقة. فمع بداية شهر رمضان، انتقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي القيود التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى، واصفاً إياها بأنها اعتداءٌ على حرية العبادة، ومحذراً من أنها قد تدفع بالوضع نحو "انفجار" محتمل.

 

في الوقت نفسه، تقوم إسرائيل بتسريع عملية توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، التي تشكل أحد المصادر الرئيسية للاستياء الفلسطيني العام.

ففي الأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خططها لتسريع وتيرة بناء 3400 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات معاليه أدوميم، وكيدار، وإفرات. وأشار وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش - وهو عضو يميني آخر متشدد في حكومة نتنياهو الائتلافية، يدعو إلى ضم الضفة الغربية نهائياً إلى دولة إسرائيل - إلى أن البناء جاء بمثابة رد فعلٍ مباشر على الوفاتين اللتين حصلتا في محطة الوقود.

ووصف القرار بأنه "رد صهيوني مناسب". وأضاف مهدداً: "فليعلم كل إرهابي يخطط لإلحاق الأذى بنا، أن رفع إصبعه ضد مواطنين إسرائيليين، سيُقابَل بضربةٍ قاتلة وبدمار، كما سيؤدي إلى إحكام قبضتنا الأبدية على أرض إسرائيل بكاملها"، على حد تعبيره.

يُشار إلى أن المستوطنات التي تواصل توسعها كما العنف المرتبط بها، تعرضت لانتقاداتٍ من جانب الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. واعتبرت إدارة الرئيس الأميركي بايدن أن الدفع بالمزيد والمزيد من الإسرائيليين إلى أراضٍ عربية "يتعارض" مع القانون الدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الأسبوع الماضي، نبه المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، إلى أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية توسعت بحجمٍ قياسي، ما يلحق المزيد من الضرر بإمكان إنشاء دولةٍ فلسطينية. وقال إن ما يحدث هو قيام إسرائيل بنقل سكانها إلى أراضٍ محتلة، واصفاً هذا العمل بأنه "جريمة حرب".

تورك الذي من المقرر أن يقدم تقريراً إلى "مجلس حقوق الإنسان"  Human Rights Council في جنيف، في وقتٍ لاحق من هذا الشهر، أعرب عن عميق قلقه قائلاً: "لقد وصل عنف المستوطنين والانتهاكات المتعلقة بالمستوطنات، إلى مستوياتٍ جديدة صادمة، وهم يخاطرون بالقضاء على أي إمكانيةٍ عملية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".

ومع تجاوز عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية الآن 700 ألف مستوطن (على رغم أن المسؤولين الفلسطينيين والديبلوماسيين الغربيين يشيرون إلى أن الرقم الفعلي قد يكون أقرب إلى مليون مستوطن)، من الجدير بالذكر أن عدداً قليلاً للغاية من الفلسطينيين البالغ عددهم ثلاثة ملايين ممن يعيشون في الضفة الغربية، يُسمح لهم بالدخول إلى إسرائيل منذ عملية السابع من أكتوبر الماضي.

وكانت التداعيات الاقتصادية لهذا الوضع شديدة الوطأة على سكان الضفة الغربية، خصوصاً أن نحو 170 ألف عامل ينتقلون في العادة إلى إسرائيل لكسب لقمة عيشهم. وتحت ضغوط من مجتمع الأعمال الإسرائيلي الذي يواجه نقصاً في العمالة، تم السماح لـ8  آلاف عامل فقط بالعودة إلى وظائفهم. ولا توجد مؤشراتٌ على احتمال زيادة هذا العدد، في ظل سعي الحكومة الإسرائيلية في الوقت الراهن إلى البحث عن يد عاملة بديلة في جنوب آسيا وشرقها.

في هذا السياق، أشار خليل الشقاقي مدير "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" Palestinian Centre for Policy and Survey Research، إلى التصعيد المستمر في الاعتداءات من جانب المستوطنين وقوات الأمن الاسرائيلية خلال العامين الماضيَين، مع تأزم الوضع بشكلٍ ملحوظ بعد عملية السابع من أكتوبر، عندما بدأ المستوطنون المتطرفون يتصرفون من دون خوف من العواقب على أفعالهم، كما لو أنهم فوق القانون. وقد قام بن غفير بتسليمهم 10 آلاف بندقية هجومية من طراز "أم -16"، وخفف من القواعد العامة لتصاريح حمل السلاح، مشجعاً المجتمع الإسرائيلي على تسليح نفسه.

البروفيسور الشقاقي سلط الضوء على عدد من القضايا الحاسمة لافتاً إلى أن "هناك مشكلة المستوطنين الذين ينخرطون في أعمال عدوانية. إضافةً إلى ذلك، هناك غيابٌ ملحوظ للتدخل الفعال من قبل الجيش والشرطة الإسرائيليين للسيطرة على هذه الحوادث. ثم لدينا ما يُنظر إليه على أنه عدم قدرة من جانب السلطة الفلسطينية (التي تُعد حركة ’فتح‘ الحزب الأكبر فيها) على تأمين الحماية الكافية للأفراد المتضررين من أعمال العنف هذه".

وأضاف: "لقد شهدنا تحولاً كبيراً في استطلاعات الرأي التي أجريناها قبل السابع من أكتوبر وبعده، عندما تصاعدت أعمال العنف من جانب المستوطنين وقوات الأمن. وفي الاستطلاعات السابقة، رأى نحو 30 في المئة إنه ينبغي علينا نشر الشرطة (التابعة للسلطة الفلسطينية) للحماية، فيما قال 15 في المئة إنه ينبغي أن نطلب المساعدة من الجيش الإسرائيلي. وأظهرت الاستطلاعات التالية انخفاضاً في التأييد لنشر الشرطة الفلسطينية إلى 15 في المئة. والآن، هناك 56 في المئة من الذين يريدون للمجتمعات المحلية أن تشكل جماعاتٍ مسلحة للدفاع عن نفسها".

ويتابع الشقاقي قائلاً: "إنهم يعانون من مشكلة اقتصادية بسبب اعتماد الأسر على أفرادها العاملين في إسرائيل، وقد أصبحت تواجه الآن تحدياتٍ كبيرة. والأمر لا يقتصر على منع الناس من العمل في إسرائيل فحسب، فقد أقام الجيش الإسرائيلي عدداً من الحواجز على الطرقات، ما أعاق بشدة حركة الفلسطينيين داخل الضفة الغربية. ومن الناحية العملية، لا يمكن الوصول إلى الكثير من المدن بسبب البوابات الحديد التي نادراً ما يتم فتحها، والسبب الذي غالباً ما يعطى لإغلاق الطرق، هو أنها تطل على طرقات يستخدمها المستوطنون".

وأشار إلى أنه "نتيجةً لذلك، لم يتمكن الموظفون من التنقل للقيام بوظائفهم، في حين أن عدم قدرة العاملين على الوصول إلى مكاتب السلطة الفلسطينية أعاق محاولات دفع الضرائب. أما الشركات والمدارس والكليات الفلسطينية فهي بالكاد تقوم بعملها. وتزيد هذه الظروف من حال الكرب والإحباط، الأمر الذي أثار الحاجة لاتخاذ إجراءاتٍ حاسمة".

الياس زنانيري وهو أحد كبار مستشاري قيادة السلطة الفلسطينية، حذر من التصرفات المتسرعة في هذه الأوقات العصيبة. وقال: "أعرف شخصاً كان قد خرج للتو من السجن بعد نحو 16 عاماً، لتورطه مع ’كتائب الأقصى‘ (وهي جماعة فلسطينية مسلحة)، وقد كان غاضباً لأننا، على حد قوله، لم نفعل شيئاً".

وتابع زنانيري: "قال ذلك الشخص إن أبو مازن (محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية) هو زعيمٌ سيئ، وإنه كان يجب أن يعطي الضوء الأخضر وأن نتحد (في وجه إسرائيل) ونبدأ الحرب. وقد تحديته بالسؤال: هل أنت مستعد لحمل العواقب وتقبل حدوث هذا النوع من الدمار الذي يحدثه الإسرائيليون في غزة، وسقوط خسائر في الأرواح، وتدمير المباني؟ أنا جاهزٌ لأن أرسل تقييماً إلى الرئيس عباس يحمل اسمك".

ويقول مستشار قيادة السلطة الفلسطينية: "طبعاً لم يكن مستعداً لتقبل فكرة رؤية رام الله مدمرة وعائلته مقتولة، (لذلك) تراجع عن طرحه. فمحمود عباس يقوم بما يحتم عليه الواجب، والسلطة الفلسطينية تفعل ما يتعين عليها في هذا الإطار، وهو حشد الرأي العام الدولي لممارسة ضغطٍ على إسرائيل. وهذا النهج هو السبيل الواقعي الوحيد لمقاربة المشكلة".

لكن نظرة خالد وأصدقائه في المخيم إلى الواقع، هي مختلفة. فقد كان لدى أحمد (22 سنة) وشقيقه طارق (27 سنة) عملٌ في إسرائيل. ومع توقف مصدر الدخل هذا، تعتمد الأسرة الآن على أرباح ضئيلة من فرص عمل عرَضية وبعض العائدات من أكشاكٍ متواضعة لبيع الخضروات، تتولى والدتهما إدارتها.

ويقول أحمد: "لا توجد وظائف هنا. إن خطة الإسرائيليين هي إفقارنا إلى حد يدفعنا إلى المغادرة إما إلى الأردن أو إلى لبنان أو أي مكانٍ بعيداً من هنا، ما يسمح لمزيدٍ من المستوطنين اليهود بأخذ مكاننا. إننا نسمع مناشداتٍ من الأميركيين والأوروبيين يطالبون فيها الإسرائيليين بالسماح بمزيدٍ من فرص العمل للفلسطينيين، لكن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث".

وأضاف خالد وهو يهز برأسه: "هل تعتقد حقاً أن الحكومات الأجنبية قادرةٌ على إحداث تغيير؟ يقول الأميركيون والبريطانيون والفرنسيون إنهم يطلبون من نتانياهو وقف القصف، لكنه لا يبالي، فيما يواصل الأميركيون مده بأسلحة، وهم يفعلون ذلك دائماً".

وخلص إلى القول: "ليس لدينا خيار سوى أن نمضي قدماً في حياتنا فحسب، لكنها ليست حياة طبيعية. إن شهر رمضان لن يكون عادياً مع ما يحدث في غزة. سندعو في صلاتنا من أجل جميع الذين أزهقت أرواحهم، وجميع الذين لا يزالون في صلب هذه المعاناة، غير أننا ما زلنا مستعدين أيضاً للدفاع عن أنفسنا".

© The Independent

المزيد من الشرق الأوسط