Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبرز إصدارات الكتب في بريطانيا لشهر مارس 2024

من ضمن ما نستعرضه في زاويتنا الشهرية أشعار غنائية لـ كازو إيشيغورو، وكتاب عن السياسات العائلية لجون أوفاريل، ورواية أولى تحمل عنواناً لافتاً للكاتبة المسرحية أنوشكا واردن

أغلفة منشورات شهر مارس في بريطانيا (بينغوين راندوم هاوس/أوريون بوكس/فيبر/أيستوك)

ملخص

أبرز إصدارات الكتب لشهر مارس (آذار) الجاري في بريطانيا تتضمن كتاباً عن البروباغندا ورواية ساخرة عن السياسة البريطانية وأخرى عن الجنس من منظور نسائي.

عندما كان الممثل الكوميدي الأميركي جون بيلوشي في موقع تصوير فيلم "ذا بلوز براذر" The Blues Brothers، قدّم نفسه لأسطورة موسيقى البلوز جون لي هوكر الذي يشارك في العمل، فكانت ردة فعل الأخير: "أنت واحد من الممثلين الهزليين، أليس كذلك؟". يتناول كتاب "ذا بلوز براذرز: صداقة ملحمية، وصعود الارتجال وصناعة فيلم كلاسيكي أميركي" The Blues Brothers: An Epic Friendship, The Rise of Improv and the Making of an American Classic لـ دانييل دو فيزيه، صادر عن دار "وايت رابيت" White Rabbit للنشر، بدقة قصة صناعة هذا الفيلم المهم الصادر عام 1980، ويلعب بطولته بيلوشي ودان أيكرويد في شخصيتي الموسيقيين الفوضويين، الأخوين جيك وإلوود بلوز.

ويحوي الكتاب مجموعة من القصص الموسيقية الجيدة، بما فيها قصة "إحباط" الموسيقار وعازف الغيتار بي بي كينغ بعد أعوام عندما علم أن المخرج جون لانديس كان راغباً في إشراكه فيه الفيلم، لكن مدير أعماله لم ينقل العرض إليه أبداً.

كذلك يذكر دو فيزيه كيف اضطر لانديس إلى ترجي العاملين "أرجوكم أبعدوا هذا السلاح عن السيد تشارلز" بعدما راح المغني الكفيف راي تشارلز يلعب بسلاح ناري بعد مشهد كوميدي يتضمن إطلاق نار داخل متجر الموسيقى الخاص به في شيكاغو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسادت أجواء من الإفراط والجدل صناعة فيلم "ذا بلوز براذرز"، على سبيل المثال كان بيلوشي، الذي توفي عام 1982 بعمر 33 سنة، يتعاطى "كميات هائلة" من الكوكايين، بينما تناولت كاري فيشر حبوباً مهلوسة مباشرة قبل مشهد مهم.

وإضافة إلى ذلك جرت تجاوز الموازنة بشكل كبير وثارت خلافات بين أعضاء الفريق التمثيلي ومشكلات مع "الطاقم الكاره للمثليين". إنه كتاب لا بد لعشاق السينما الكلاسيكية من أن يقرؤوه.

يبدو أن أصحاب بيوت الدعارة في القرن الـ 18 ابتكروا علاجات خاصة بهم لضعف الانتصاب سبقت الفياغرا، موجهة للرجال المعروفين باسم "الرجال الذين يحبون الجَلد". تقول المؤرخة جولي بيكمان في كتابها "لندن الليبرالية: الجنس في مدينة القرن الثامن عشر" Libertine London: Sex in the Eighteenth-Century Metropolis (صادر عن دار رياكشن Reaktion): "كان الجَلد بمثابة علاج في تلك الفترة، وكانت النظرية تقول إن من شأن الجَلد بطريقة جيدة زيادة اندفاع الدم إلى الأعضاء الضرورية". وتشير هذه الدراسة الواضحة للحياة الجنسية للنساء في الفترة ما بين عامي 1680 و1830 أيضاً إلى أن كاتب اليوميات صموئيل بيبس، وهو الرجل الذي يشار إلى اسمه عادة بألفاظ محترمة باعتباره عملاقاً أدبياً، كان "متحرشاً معروفاً"، ولا يبدو أن هذا الكشف قد وصل إلى يومياته الخاصة.

لم أكن أتوقع تجربة لطيفة وأنا أقرأ كتاب "لماذا نموت: العلم الجديد للشيخوخة والبحث عن الخلود" Why We Die: The New Science of Ageing and the Quest for Immortality (عن دار هودر برس Hodder Press)، لكن فينكي راماكريشنام، الحائز جائزة نوبل للكيمياء عام 2009، يضفي لمسة خفيفة على موضوع معقد.

إن استنتاجاتي الثلاثة الرئيسة والبسيطة من كتابه تتلخص في: من "الوهم" اعتقاد أن القدرة الفكرية للناس في سن الشيخوخة هي نفسها عندما يكونون أصغر سناً (يكفي أن تسألوا جو بايدنالنظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة والنوم فعالة أكثر من أي أدوية مضادة للشيخوخة، وأن جميع المليارديرات الذين يريدون تجميد رؤوسهم كوسيلة "لهزيمة الموت" يضيعون أموالهم سدى. يقول راماكريشنام، العالم هندي المولد: "لا يوجد أي دليل موثوق على أن تقنية تجميد البشر ستنجح على الإطلاق".

أخيراً، نوصي بسرعة بروايتين في الأدب الخيالي، ستيوارت تورتون هو كاتب تشويق ممتاز ومبتكر موثوق، وروايته الجديدة "جريمة القتل الأخيرة في نهاية العالم" The Last Murder at the End of the World (عن دار ريفن Raven) التي تدور حول جريمة قتل على جزيرة شاعرية تكون آخر مكان يستوطنه البشر، مليئة بذكائه المعتاد والتقلبات غير المتوقعة في الحبكة والتحكم الماهر بالإيقاع.

عملي المترجم المفضل لهذا الشهر هو "تعاطف" Simpatía لـرودريغو بلانكو كالديرون (صادرة عن دار "سيفن ستوريز برس" Seven Stories Press، ترجمة نويل غونزاليس هيرنانديز ودانييل هان).

كتب كالديرون المولود في كاراكاس قصة خيالية ومثيرة للاهتمام حول انهيار الأيديولوجية السياسية التقدمية في فنزويلا (التشافيزية)، ممزوجة بقصة بارعة عن رجل يائس من الحب يحول منزل أسرته إلى ملجأ للكلاب المهجورة.

نستعرض أدناه روايات لجون أوفاريل وأنوشكا واردن وتومي أورانج، ومجموعة من القصائد الغنائية لكازو إيشيغورو، وكتابين غير خياليين لبيتر بوميرانتسيف وجوناثان هايدت.

الصيف الذي عبرنا فيه أوروبا تحت المطر: أشعار غنائية لستيسي كِنت The Summer We Crossed Europe in the Rain: Lyrics for Stacey Kent لكازو إيشيغورو ★★★★☆

لمدة ربع قرن كان إيشيغورو، الحائز جائزة نوبل للآداب عام 2017، من محبي مغنية الجاز الأميركية ستيسي كِنت.

في مقدمة جميلة لكتاب "الصيف الذي عبرنا فيه أوروبا تحت المطر: كلمات لستيسي كنت"، يقول صاحب رواية "بقايا اليوم" Th Remains of the Day إن كِنت "تنقل مثلها مثل أي مغن استمعت إليه إحساس شخص يتحدث إلى نفسه".

ويقدم إيشيغورو، الذي يكتب أشعاراً غنائية مذ كان في الـ 15 من عمره، نظرة ثاقبة حول كيف ساعدت كتابة كلمات الأغاني في تأليف أعماله الأدبية، وكان يصوغ كلمات أغنيات جميلة لكِنت منذ عام 2006، ومن الأشياء الرائعة في هذا الكتاب قراءة كلماته بصوت عالٍ، إذ تشبه المؤلفات القصائد أو مقتطفات قصصية قصيرة. عندما أجريت مقابلة مع كِنت أخيراً أشادت بقدرات الروائي على الإدراك والفهم والمقدرة على المفاجأة، وقالت: "مع ’إيش‘ كل الأشياء منحرفة، لا يوجد شيء في مكانه الصحيح، جميع العناصر تأتي بطريقة غير مباشرة وهذا ما يحدث مع هذه الأغنيات".

وقالت كِنت إن إيشيغورو "كان لديه حلم" بإصدار هذا الكتاب "منذ فترة طويلة"، وأنه أراد عرض الرسوم التوضيحية للرسامة بيانكا بانياريلي.

تساعد الفنانة الإيطالية التي سبق لها أن وضعت رسومات لقصته القصيرة "كرونر" Crooner، في جعل الكتاب مبهجاً من الناحية البصرية، وسيكون الكتاب مصحوباً بإصدار ألبوم تجميعي يضم كل أغنيات جيم توملينسون التي ألف إيشيغورو كلماتها، وسيكون متاحاً للاستماع عبر تطبيقات البث.

وتصف المغنية إيشيغورو بأنه يتمتع "بروح دعابة رائعة" على رغم أن رواياته غالباً ما تكون حزينة بدرجة مؤلمة، إلا أن بعض القصائد الغنائية الواردة في الكتاب تظهر طرافته الذكية، وبخاصة أغنية "أوه، أيها النادل، أيها النادل" Waiter، Oh Waiter، وهي مقطوعة غنائية مرحة تدور حول شخص يتناول العشاء في مطعم يطلب مساعدة في "قائمة طعام محيرة"، إذ يغني بطل الأغنية للنادل، "تحت تلك البدلة الرسمية /لا بد أنك إنسان أيضاً".

يصدر كتاب "الصيف الذي عبرنا فيه أوروبا تحت المطر: كلمات ستيسي كِنت" لكازو إيشيغورو عن دار فيبر للنشر في 7السابع من مارس الجاري وتباع النسخة الواحدة بسعر 17.99 جنيهاً إسترلينياً.

كيف تربح حرباً إعلامية: خبير الدعاية الذي تفوق على هتلر How to Win an Information War: The Propagandist Who Outwitted Hitler لـ بيتر بوميرانتسيف ★★★★☆

كان سيفتون ديلمر المتوفى عام 1979 عن عمر 75 سنة "عبقري الدعاية شبه المنسي"، وفقاً لبوميرانتسيف في دراسته المثيرة للاهتمام "كيف تكسب حرباً إعلامية: خبير الداعية الذي تفوق على هتلر".

ويبحث بوميرانتسيف، وهو زميل بارز في جامعة "جون هوبكنز" في علاقات ديلمر المولود في برلين مع النازيين أوائل ثلاثينيات القرن الـ 20، بما في ذلك روايات عن لقاءاته مع أدولف هتلر وجوزيف غوبلز، ويصف كيف استخدم المواطن البريطاني الذي حصل لاحقاً على وسام الإمبراطورية البريطانية هذه المعرفة والاطلاع من قرب لمساعدة بريطانيا في الحرب العالمية الثانية.

هناك مقتطفات غريبة حول كل من هتلر وغوبلز، قال ديلمر إن الأول كان يرتدي أحذية جلدية رخيصة وكان لديه قلق هوسي من مساوئ أكل البرتقال، ويصف الثاني الذي تجاوز وزنه 10 ستون أو حجر [63 كيلوغرامات] بـ "وحش صغير مشوه" و"قزم سام".

اعتقد غوبلز أنه كان يخوض حرباً دعائية شخصية مع ديلمر حتى أنه كلف بإنتاج فيلم حربي دعائي مؤيد لألمانيا عام 1943 بموازنة باهظة، ويقول بوميرانتسيف "لقد استأجر 4 آلاف بحار و187 ألف جندي لتنفيذ مشاهد المعركة عندما كانت الجبهة الحقيقية في أمس الحاجة إليهم".

كان ديلمر أستاذاً في التكتيكات غير الأخلاقية وشخصاً لافتاً للنظر ولا يقيم أية اعتبارات أخلاقية ومستعداً لنشر أي أخبار مثيرة للقلاقل إذا اعتقد أنها ستساعد في تقويض آمال ألمانيا في الحرب، واستخدم الدعاية الانتحارية التي تستهدف القوات المحبطة وشجع على الفرار والتمارض، حتى إنه أتقن استخدام الصور الجنسية لإزعاج رجال القوات الألمانية الذين يشعرون بالحنين إلى الوطن من طريق رسومات تشير إلى أن زوجاتهم وخليلاتهم كن يمارسن الجنس مع العدو.

وضعت إيزابيل زوجة ديلمر الأولى الرسومات، وينقل الكتاب عنها قولها "كان هذا ممتعاً للغاية، يا لها من متعة أن توظفك الحكومة لتبتكر مواد إباحية".

وأثارت الصور الفاضحة قلقاً شديداً لدى السير ستافورد كريبس، العضو في مجلس اللوردات الذي قال "إذا كان هذا هو الشيء المطلوب لكسب الحرب، فلماذا نفعل ذلك؟ أنا أفضل أن أخسرها".

وسجلت كثير من برامج ديلمر الإذاعية الأكثر فعالية في غرفة البلياردو في ووبرن آبي (لمصلحة الجهاز التنفيذي للحرب السياسية)، ويظهر في هذه القصة الغريبة أيضاً كل من الكاتبين إيان فليمنغ (الذي كتب قصائد مقفاة "قذرة" مناهضة لألمانيا لمصلحة ديلمر) وموريل سبارك (التي انضمت إلى فريق ديلمر الدعائي عام 1939 عندما كانت في الـ 21 من عمرها، وكتبت عن التجربة في روايتها "البيت الزجاجي على النهر الشرقي" The Hothouse on the East River.

يتناول "كيف تربح حرباً إعلامية" موضوعات مهمة، ليس أقلها أهمية تأملات بوميرانتسيف حول مستقبل الدعاية في العالم الرقمي، وكيف أن هدف الدعاية المستمر (توفير إحساس بالانتماء) هو فن غير نزيه يستغله فلاديمير بوتين ودونالد ترمب في عصرنا الحالي.

ويظل مقدار المساعدة التي وفرتها حيل ديلمر القذرة في الحرب نقطة خلافية، لكنه بالتأكيد شخصية فريدة ومتحمسة، وبعد الحرب عاد للعمل في صحيفة "ديلي إكسبريس" حتى جرى الاستغناء عنه بسبب "خلاف" حول نفقاته.

وبطريقة ما لا تستطيع إلا أن تعجب برده المتحدي لرؤساء صحيفته حين قال بإصرار "لا أقدر على التفكير بوضوح إلا في فندق خمس نجوم". ربما يحتاج الأمر إلى هذا النوع من الجرأة كي يكون المرء مضللاً بهذه المهارة.

يصدر كتاب "كيف تربح حرباً إعلامية: خبير الدعاية الذي تفوق على هتلر" لبيتر بومرانتسيف عن دار فيبر للنشر في السابع من مارس الجاري وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيهاً إسترلينياً.

سياسة عائلية Family Politics لجون أوفاريل ★★★☆☆

عندما عاد ديلان هيوز للعيش في منزل الأسرة بعد إنهاء دراسته الجامعية، قدم كشفاً صادماً لوالديه الفخورين بيساريتهما إيما وإدي: "أيقن" أنه "حسناً، أنا، على ما يبدو، محافظ".

أوفاريل الذي شارك أخيراً في تأليف الجزء الثاني من فيلم الرسوم المتحركة "هروب الدجاج" Chicken Run 2، هو صاحب المذكرات البارعة الأكثر مبيعاً "لا يمكن للأشياء إلا أن تتحسن"Things Can Only Get Better التي تتحدث عن الفترة التي كان فيها ناشطاً متواضعاً لمصلحة حزب العمال خلال أعوام حكم تاتشر.

ويستخدم في "سياسة عائلية" الكوميديا حول الخلافات العائلية لاستكشاف السياسة الاستقطابية الحديثة في بريطانيا، فعندما يعترف ديلان بسره الظلامي المتعلق بميوله المحافظة، يشعر والداه بأنهما تعرضا للخذل من قبل "خائن" ويبحثان بيأس عن إجابات. تقول والدته بحسرة "ما كان ينبغي لي أنا وإيدي أن نشتري له لعبة صندوق المحاسب البلاستيكية لما كان في السادسة من عمره".

هناك لحظات كوميدية بارعة في خضم هذا الهجاء الأعم لشيخوخة حزب "المحافظين" وانتقاده للحركات الاجتماعية الحديثة، إذ جعل أحداث الرواية تدور حول انتخابات برلمانية فرعية محلية في منطقة هاستينغز يسمح لأوفاريل بالاستمتاع مع شخصية مرشح شبيهة بنايجل فاراج، السير نورمان سكيلتون، الذي يريد بناء حديقة ترفيهية على طراز الإمبراطورية البريطانية، ويأمل في إصلاح الحرس الداخلي حتى يتمكن المتعصبون القدامى من القيام بدوريات على الساحل واكتشاف قوارب المهاجرين بمناظيرهم. هناك أيضاً مزحة مستمرة حول سياسيّة محلية طموحة تدعى السيدة سميث سميث.

لم يقنعني ديلان تماماً، فهل حقاً يستخدم الشباب في العشرينيات من العمر مصطلحات مثل "أردية" للحديث عن الملابس أو يتحدثون عن المبادئ "التقليدية" أو ينادون أهاليهم بـ"أصحاب"؟

ربما يستمتع بعض القراء ممن هم في منتصف العمر بالفكاهة المبتذلة عن أبنائهم الذين يشنون حملات غزو على الثلاجات ويتركون الفوضى في كل مكان، لكن في عالم يعاني فيه معظم الأشخاص في العشرينيات من العمر من اضطراب القلق البيئي وبؤس القروض الطلابية وغلاء الإيجار الفاحش وضيق الآفاق المتعلقة بامتلاك عقار ورداءة الرواتب التقاعدية (وقت أسوأ بما لا يقاس مقارنة بما عاشته إيما وإدي)، يبدو الأمر برمته وكأنه ملامسة سطحية لمحنة شبابنا.

ومع ذلك فإن العقد الذي نعيشه حالياً يعاني "حروباً ثقافية مليئة بالكراهية"، وقد اختار أوفاريل موضوعاً يتردد صداه في مشهد ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. تقول إيما بحزن "كانت كل الأخبار تدور حول مجموعة من الناس تكره مجموعة أخرى"، وتتجه الحبكة نحو العنف والجنون السياسي السيئ المندلع على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يحافظ أوفاريل على وتيرة الكوميديا اللاذعة.

تقول إيما متأسفة "في بعض الأحيان أتساءل عما إذا كنا لم نشاهد مسلسل ’جيش الأب‘ Dad’s Army يعاد على شاشة التلفزيون طوال الـ 50 عاماً الماضية، فربما لما كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيحدث على الإطلاق"، ويذكرنا هذا بمقولة بطل المسلسل الجندي فريزر "نحن جميعاً محكوم علينا بالهلاك."

يصدر كتاب "سياسة عائلية" لجون أوفاريل عن دار دابلداي للنشر في الـ 14 من مارس وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيهاً إسترلينياً.

نجوم متجولة" Wandering Stars لتومي أورانج ★★★★☆

في "نجوم متجولة" الممتازة يعود أورانج لبعض المواضيع التي تناولتها روايته "هناك هناك" There There التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة "بوليتزر" عام 2018.

وتحكي روايته الجديدة قصة عائلة أميركية من السكان الأصليين على مدى قرنين من الزمن مليئة بالمقاطع المفجعة ذات الطبيعة الشعرية، بما في ذلك واحد عن تدمير الجاموس.

في عشرينيات القرن الماضي كان جود ستار على متن قطار عائداً لأوكلاهوما (حيث ولد المؤلف المنتمي إلى شعب شايان)، وبينما كان ينظر من النافذة إلى النسور التي تحوم حول جثث الحيوانات قال، "رأيت عظام الجاموس متراكمة في أكوام بارتفاع إنسان ممتدة لأميال،  ولقد أثر المشهد فيّ والتهم آخر جزء باق مني".

من المقدمة الحزينة إلى المرحلة القاتمة التي أعقبت عام 2018 الذي استهلك فيه كثيراً من الأفيون، يتأمل أورانج ما يعنيه أن يكون المرء من أبناء وأحفاد المذابح وسوء المعاملة، بما في ذلك تأثير مذبحة ساند كريك التي حدثت عام 1864 والمدرسة الصناعية الهندية سيئة السمعة في بنسلفانيا التي أنشئت من أجل "قتل الهنود" من طريق الاستيعاب القسري.

يقول أورانج عن هؤلاء الرجال البيض الذين يحاولون بشكل منهجي تحطيم أرواح الأميركيين الأصليين وتفكيك قبائلهم، إن ما حدث كان "قتلاً سريرياً صممه أشخاص مختلون عقلياً يطلقون على أنفسهم اسم السياسيين".

وتمتلئ الرواية بشخصيات مرسومة بطريقة مؤثرة وتأملات غاضبة ومدروسة في آثار الاستعمار التي لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك الفقر والانتحار والعنف، وبينما تكافح شخصياته الممتدة على أجيال مختلفة من أجل الحفاظ على هويتها الخاصة فإنها تتصارع مع ثقل الأمل.

"نجوم متجولة" قصة مذهلة عن التجريد من الإنسانية وتأمل مؤثر في مسألة الإدمان، وكما تقول إحدى الشخصيات "أن تكون إنساناً يعني أن تناضل، وأن تكون إنساناً صالحاً يعني أن تناضل بكرامة".

تصدر رواية "نجوم متجولة" لتومي أورانج عن دار هارفيل سيكر في الـ 21 من مارس الجاري وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيهاً إسترلينياً.

"اللعنة ... أنا مذهلة" I’m F*cking Amazing لأنوشكا واردن ★★★★☆

أصبحت العناوين الجاذبة للانتباه سمة من سمات أعمال الكاتبة واردن (يشمل رصيدها المسرحي عملين بعنوان "أمي عاهرة" Mum’s a Twat و"أبي وضيع" My Dad’s a C***)، والآن تصدر روايتها الأولى بعنوان "اللعنة... أنا مذهلة".

تبتكر بطلة الرواية التي لا تحمل اسماً مقياساً لتقييم الرجال الذين مارست الجنس معهم (تسميه "توب هامبس" كنسخة إباحية من لعبة الأوراق "توب ترامبس")، وتتضمن إحدى التقييمات حكماً قاسياً تجاه لقاء مع ممثل سابق في مسلسل "كورونيشن ستريت"Coronation Street يبلغ من العمر 35 سنة، "مقدار المتعة (بالنسبة إلي) صفر".

الجنس المؤلم والحب المعذب موضوعان في رواية أصلية مرحة تتضمن كثيراً من اللعق والتفحص (هناك حكايات عن المتعة الجنسية بالأصابع أكثر مما قد تسمعه في مؤتمر عن طب القولون)، لامرأة تواجه مصاعب في العشرينيات وأوائل الثلاثينات من عمرها. تضيف واردن، وهي كاتبة مسرحية ومقدمة مدونة صوتية، روح دعابة لاذعة إلى "خطة إصلاح الفَرْج المعطوب" للبطلة، والتي يبدو أنها تتضمن علاجاً على يد اختصاصية علاج تدعى دونا، "وواجبات منزلية بواسطة قضيب اصطناعي تزودها به هيئة خدمات الصحة الوطنية".

وتقضي الشخصية الرئيسة كثيراً من الوقت في إمتاع نفسها (تقوم بتوقيت مغامراتها الفردية) وتشعر بإثارة عند مشاهدة الممثل دون درابر بطل مسلسل "رجال مجانين" Mad Men أكثر من مشاهدة أفلام إباحية. تقول، "أنا لا أريد رجالاً بأجساد ضخمة وقضبان عملاقة وغير جذابة، لماذا قد أستمني وأنا أتفرج على ذلك؟".

حسناً، ربما لا تمتلك الرواية أناقة نثر جون أبدايك، لكن أبدايك وغيره من الكتاب الذكور الكهول مثل فيليب روث ربما أتيحت لهم مساحة كافية على منصة المسرح لتمجيد فضائل القضبان الكبيرة وإمتاع الذكور أنفسهم، وكي أستعير مصطلح واردن، ربما جاء الآن دور الفَرْج الرطب حقاً.

على كل حال، لا تقتصر الرواية على الجنس والنكات فقط، فجزء من الحيلة التي تلجأ إليها واردن هي جعل الكتاب مضحكاً وحزيناً بنسبة متساوية مقنعة وغالباً في الوقت عينه. إنها ترقى إلى مستوى "قاعدة العلاقات" التي تتبناها بطلتها الرئيسة: حول النوعية الجوهرية "للتواصل الصادق"، وهناك حزن حاد في الأقسام المتعلقة بالإجهاض وانهيار الزيجات والعلاقات.

وواردن قادرة على أن تكون ذكية بشكل لاذع، فروايتها عن "الأمور البغيضة" المتعلقة بحبيب نعرفه فقط باسم إكس  "X"، وهو رجل متزوج جبان ومخادع ولديه أطفال تربطها به علاقة حميمة، بما في ذلك الفطريات على أصابع قدمه، ورائحة جسده الكريهة الشبيهة برائحة الفاصولياء المعلبة، وشعر جسده المتساقط الذي يشبه شعر العانة، والرعب الذي تواجهه البطلة من أن لسانها قد يكتشف عن طريق الخطأ بواسيره الملتهبة أثناء "لعق فتحة شرجه".

أنا متأكد من أن الرواية لن تلقى رواجاً بين الرجال الأكبر سناً، لكن "اللعنة... أنا مذهلة" عمل فريد حقاً.

تصدر رواية "اللعنة ... أنا مذهلة" لأنوشكا واردن عن دار ترابيز في الـ 21 من مارس الجاري وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيهاً إسترلينياً.

"الجيل القلق: كيف تتسبب إعادة التشكيل العظيمة للطفولة بوباء أمراض عقلية" لجوناثان هاديت The Anxious Generation: How the Great ReWiring of Childhood is Causing An Epidemic of Mental Illness ★★★★☆

"يعاني الأفراد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة من معدلات اكتئاب واضطرابات أخرى أعلى من أولئك الذين يستخدمونها بشكل خفيف أو الذين لا يستخدمونها على الإطلاق"، كما كتب عالم النفس الاجتماعي هايدت في كتابه "الجيل القلق: كيف تتسبب إعادة التشكيل العظيمة للطفولة بوباء أمراض عقلية"، وهو دراسة  مهمة عن أنماط التفكير المشوهة لـ"الجيل Z" (المولودون ما بين عامي 1997 و2013)، الذين نشأوا في حياة مليئة بتفاعلات غير متكاملة مع العالم الحقيقي.

وفي الوقت عينه فـ "الجيل القلق" كتاب مثير للقلق، ويشرح هايدت، وهو أستاذ القيادة الأخلاقية في جامعة نيويورك، بالتفصيل كيف أن الاعتماد على العالم الرقمي يسبب حرماناً اجتماعياً ونقصاً في النوم وتشتتاً في الانتباه وإدماناً، ويؤدي كل ما سبق إلى الاكتئاب والعدوانية والاغتراب، ويمكن لأي شخص ينظر حوله أثناء استخدامه وسائل النقل العام أن يرى إدمان الهواتف الذكية المتجسد في كائنات شبيهة بالزومبي.

وبالنسبة إلى الشباب فمن الواضح أن الهوس الحديث بالمقارنات الاجتماعية والمؤثرين الذين تختارهم الخوارزميات له تأثير ضار في أدمغتهم والأنظمة الفرعية لعقولهم، وأحد الفصول الأكثر إثارة للقلق في الكتاب هو "لماذا تضر وسائل التواصل الاجتماعي بالفتيات أكثر من الصبيان".

ويشرح هايدت المشكلات ويقدم حلولاً لحماية الأطفال خلال "فترة نمو الدماغ الأكثر هشاشة"، تتضمن مقترحاته (بشكل موضوعي للغاية) بعدم إعطائهم هواتف ذكية قبل المرحلة الإعدادية، وعدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل سن الـ 16"، ويستحق هذا الكتاب المهم أن يولى الاهتمام.

يصدر كتاب "الجيل القلق: كيف تتسبب إعادة التشكيل العظيمة للطفولة بوباء أمراض عقلية" لجوناثان هاديت عن دار آلين لين في الـ 26 من مارس الجاري وتباع النسخة الواحدة بسعر 25 جنيهاً إسترلينياً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب