Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاحتكار في تونس يقلل فرص نجاح المؤسسات الناشئة

رئيس كونفدرالية المؤسسات المواطنة لـ "اندبندنت عربية": الضغط الضريبي وغياب الشفافية في بعض الأحيان يؤديان إلى شعور بالظلم

"النفاذ إلى الأسوق يمثل أولى الإشكالات التي تواجه المؤسسات التونسية التي تعاني كثيراً من العراقيل".

بهذه الكلمات بدأ رئيس كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية المستقلة أصلان بن رجب حديثه إلى "اندبندنت عربية".

وقال بن رجب إن "هذه الصعوبات تتمثل في الإجراءات الإدارية المعقدة التي تواجه الشركات في مسار طلبات الرخص وكراسات الشروط، وهي القوانين والتراتيب التي تكون أحياناً متصلبة بصورة تحد من دخول المؤسسات الجديدة إلى السوق، فضلاً عن الأوضاع الاحتكارية والمنافسة غير المشروعة التي تحد من فرص النجاح للمؤسسات الناشئة والصغيرة".

وأوضح أن "النفاذ إلى التمويل يمثل تحدياً حقيقياً، بحكم أن القطاع البنكي في تونس يميل إلى تمويل المجمعات الكبرى باشتراط ضمانات عينية ليست في متناول الجميع، مما يعوق قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على التوسع والنمو"، مضيفاً أن "الضغط الجبائي يقف عائقاً بدوره، إذ تجد المؤسسات نفسها تحت وطأة الأعباء الضريبية الثقيلة مما يؤثر سلباً في قدرتها التنافسية ويحد من قدرتها على الاستثمار والتطوير، إضافة إلى التأثير السلبي للبيروقراطية التي تعوق الأداء السلس للأعمال من خلال الإجراءات الإدارية المعقدة والمطولة"، مشيراً إلى أن "تقلص الاستثمارات العمومية عمّق هذه المعاناة وزاد وطأتها بعد أن شكل في السابق دعماً للنشاط الاقتصادي ومحفزاً للاستثمارات الخاصة، وهو ما حتم ضرورة إيجاد حلول بديلة لضمان استمرار نشاط المؤسسات لدفع النمو، مما يتطلب جهوداً متضافرة وتعاوناً بين القطاعين العام والخاص  لإيجاد حلول فعالة تسمح بتحسين البيئة الاقتصادية".

وكشف بن رجب أن " كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية تضم في عضويتها أكثر من 4500 مؤسسة تمثل مختلف القطاعات الاقتصادية في تونس، وتتنوع بين كثير من الفئات والأحجام، من الشركات الصغرى والمتوسطة إلى الشركات الكبرى، مما يعكس التنوع والثراء الاقتصادي الذي تمتاز به تونس، إذ تشمل عضوية الكونفدرالية مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الصناعة والخدمات والتكنولوجيا والزراعة وغيرها، مما يجعلها شريكاً فعالاً كمنظمة في دعم وتطوير الاقتصاد التونسي".

وأشار رئيس كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية إلى أن "المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس تمر بفترة صعبة، إذ أدت الأزمات المتتالية، بما في ذلك جائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية للحرب الأوكرانية، إلى إغلاق عشرات الآلاف هذه المؤسسات"، رافضاً ربط هذه المشكلات بالأزمات الأخيرة" وقائلاً إنه "يمثل انعكاساً لإشكالات هيكلية عميقة في الاقتصاد التونسي، مثل البيروقراطية وصعوبات النفاذ إلى التمويل والضغط الجبائي المرتفع، ومع ذلك لا يمكن إنكار أن الجائحة والحرب الأوكرانية قد فاقمتا الوضع بصورة كبيرة، مما دفع كثيراً من المؤسسات إلى الحد الأدنى من القدرة على الصمود وأجبرت أخرى على الإغلاق".

وحول القطاعات التي تأثرت بصورة خاصة كشف بن رجب عن أنها "السياحة والخدمات والصناعات التحويلية التي تعتمد بصورة كبيرة على التدفقات النقدية المستمرة والوصول إلى الأسواق الدولي"، ومشيراً إلى أن "الكونفدرالية نظمت سلسلة من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز القدرة على الصمود والتعافي لدى المؤسسات بالمساعدة في توفير الدعم في مجالات مثل النفاذ إلى التمويل والتدريب وتطوير الكفاءات، إضافة إلى المساعدة في اقتحام أسواق جديدة"، مستدركاً "لكن يتطلب الإنقاذ جهداً جماعياً وإستراتيجية شاملة لضمان النجاة من الأزمات الحالية، ثم النمو والإسهام بفعالية في الاقتصاد التونسي على المدى الطويل، بحكم أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة تشكل العمود الفقري للاقتصاد التونسي، ومن الضروري تقديم كل الدعم الممكن لها في هذه الفترات الصعبة".

وأكد بن رجب أن "كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية تدرك الحاجة الماسة إلى إصلاحات جذرية لخلق بيئة مواتية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس، إذ قدمت مجموعة من المقترحات لإنقاذها ودعم نشاطها، وهي تبسيط الإجراءات الإدارية والبيروقراطية بتسهيل عملية إنشاء الشركات والحصول على التراخيص اللازمة من خلال تقليل العقبات الإدارية والتحول نحو الرقمنة لتقديم الخدمات الحكومية، وإصلاح النظام الجبائي من خلال تعديل السياسة الضريبية لجعلها أكثر عدالة وتحفيزية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك خفض الضرائب على الشركات الناشئة والصغيرة وتسهيل آليات الدفع، إلى جانب تبسيط النفاذ إلى التمويل بتطوير برامج تمويلية مبتكرة تستهدف المؤسسات الصغرى والمتوسطة، بما في ذلك توفير ضمانات قروض وتشجيع البنوك والمؤسسات المالية على تقديم حلول تمويل مرنة، ودعم الابتكار وريادة الأعمال من طريق إنشاء حاضنات أعمال ومراكز للابتكار توفر الدعم والتدريب للمبتكرين ورواد الأعمال"

وأضاف أنه "إلى جانب ذلك يجب تشجيع الشراكات بين القطاع الخاص والجامعات ومراكز البحث، وكذلك تعزيز الوصول إلى الأسواق الدولية، إضافة إلى توفير الدعم للمؤسسات الراغبة في توسيع نطاق عملياتها خارجياً من خلال مساندتها في مجالات التسويق خارج تونس، وفهم اللوائح والمعايير الدولية ثم تحفيز الاستثمار في القطاعات ذات الأولوية وتحديد ودعم القطاعات ذات الإمكانات العالية للنمو والتصدير، مثل التكنولوجيا والطاقات المتجددة والصناعات الغذائية، إذ يتطلب هذا تعاوناً وثيقاً بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني".

وعن التحديات التي تواجهها المؤسسات الصغرى والناشئة للتوصل إلى التمويلات قال بن رجب إن "تسهيل وصول هذه الشركات إلى مصادر التمويل الضرورية لنموها واستمراريتها يحتم تعزيز دور الصناديق الاستثمارية في مرحلة أولى من طريق تشجيع إنشاء وتوسيع صناديق الاستثمار المخصصة للمؤسسات الصغرى والناشئة، بما في ذلك الصناديق الجريئة وصناديق رأس المال الاستثماري، لتوفير التمويل المطلوب للتطوير والتوسع ثم تسهيل النفاذ إلى القروض البنكية بواسطة العمل مع البنوك والمؤسسات المالية لتطوير برامج قروض مصممة خصيصاً لحاجات المؤسسات الصغيرة والناشئة، بما في ذلك خفض متطلبات الضمانات وتقديم فترات سماح"، مشيراً إلى ضرورة إنشاء آليات ضمان القروض بتطوير برامج ضمان قروض بالتعاون مع الحكومة والمنظمات الدولية لتقليل الأخطار التي تواجهها البنوك عند تمويل المؤسسات الصغرى والناشئة، مما يسهل عليها الحصول على التمويل"، لافتاً إلى ضرورة تشجيع الاستثمار الملائكي مما يعني تعزيز ثقافة الاستثمار الملائكي في تونس من خلال إنشاء شبكات تجمع بين المستثمرين الملائكيين والمؤسسات الناشئة التي تبحث عن تمويل مبدئي"، مضيفاً أن "المنظمة دعت إلى توفير الدعم والتدريب في مجال القدرة المالية من طريق تنظيم ورشات عمل وبرامج تدريبية لأصحاب المؤسسات الصغيرة والناشئة حول الإدارة المالية وإعداد خطط الأعمال لزيادة فرصهم في الحصول على التمويل، علاوة على تشجيع استخدام التمويل الجماعي بواسطة دعم وترويج منصات التمويل الجماعي كوسيلة لجمع الأموال من عدد كبير من الأشخاص عبر الإنترنت، مما يوفر مصدر تمويل بديل للمشاريع الناشئة".

وتابع بن رجب أنه من خلال تنفيذ هذه الحلول تأمل "كونكت" في تعزيز بيئة مواتية لنمو المؤسسات الصغرى والناشئة في تونس، مما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وخلق فرص عمل جديدة.

وحول مناخ الاستثمار في تونس اعتبر رئيس كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية أن "البيروقراطية أهم عوائقه، تليها الضغوط الجبائية ثم البنية التحتية والخدمات اللوجيستية التي أضحت في حاجة ماسة وسريعة إلى التطوير"، وعلى رغم ذلك رأى بن رجب أن  "تونس تمتلك مزايا مهمة يمكن أن تجعلها وجهة استثمارية جذابة، بما في ذلك موقعها الإستراتيجي إضافة إلى قوى عاملة ماهرة ومتعلمة"، مضيفاً أن "المنظمة تدرك أهمية تحسين مناخ الاستثمار لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، ولذلك تعمل على مجموعة من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى تعزيز الشفافية وتسهيل الإجراءات للمستثمرين مع العمل على تقليص البيروقراطية، وتحرص على الحوار بين القطاعين العام والخاص لتطوير سياسات تشجع على الاستثمار"، موضحاً أن من أهم مشاريعها في هذا الإطار دعم الابتكار وريادة الأعمال من خلال توفير مساحات عمل مشتركة وبرامج تدريب وتوجيه للشباب والمبتكرين، وتعمل كذلك على تحسين القدرة التنافسية للشركات التونسية في الأسواق الخارجية من خلال تقديم الدعم في مجالات التسويق والوصول إلى شبكات التوزيع الدولي، وإضافة إلى ذلك تركز على تحفيز الاستثمار في القطاعات ذات الأولوية والتي تمتلك إمكانات نمو عالية، مثل التكنولوجيا والطاقات المتجددة والصناعات الغذائية، وتطمح إلى أن تحمل هذه الجهود تطويراً لمناخ الاستثمار في تونس ليصبح رافعة للنمو الاقتصادي وخلق بيئة مواتية تجذب مزيداً من الاستثمارات الداخلية والخارجية، مما يسهم في تحقيق تنمية مستدامة وشاملة".

توسع القطاع الموازي

وأشار أصلان بن رجب إلى أن "التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد الرسمي في تونس هي نتيجة لتوسع القطاع الموازي، إذ تشير الدراسات إلى أن الاقتصاد الموازي لا يعوق النمو الاقتصادي الشامل وحسب، بل يؤثر سلباً في المؤسسات التونسية من خلال خلق منافسة غير عادلة"، لافتاً إلى أن  "القطاع الموازي لا يخضع  لنظام دفع الضرائب وللقوانين والتنظيمات الرسمية التي تلتزم بها المؤسسات في القطاع الرسمي مما يمكنه من تقديم سلع وخدمات بأسعار أقل، من دون أن يعكس ذلك بالضرورة معايير الجودة أو الأمان"، موضحاً أن هذا الوضع الذي يضع ضغوطاً هائلة على المؤسسات التونسية التي تجد نفسها مضطرة إلى التنافس في بيئة غير متكافئة، مما يؤدي إلى تقلص هوامش الربح ويحد من قدرتها على الاستثمار في التوسع أو الابتكار"، مضيفاً أنه "علاوة على ذلك يقلص القطاع الموازي الإيرادات الضريبية للدولة مما يحد من قدرة الحكومة على تمويل الخدمات العامة والاستثمار في البنية التحتية والتنمية".

وأكد بن رجب أن "مكافحة القطاع الموازي تتطلب جهوداً متعددة الأبعاد، تشمل تعزيز الرقابة وتطبيق القوانين بصورة صارمة، إضافة إلى تحسين البيئة الاقتصادية لتشجيع الشركات على الدخول في الاقتصاد الرسمي، وتسهيل الإجراءات وتقليل العبء البيروقراطي والجبائي على المؤسسات من شأنه أن يلعب دوراً مهماً في هذا السياق"، مطالباً بتضافر جهود الفاعلين كافة في الاقتصاد التونسي، من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان بيئة عادلة ومشجعة للنمو الاقتصادي المستدام.

ورداً على سؤال يتعلق بالحوافز المتوافرة للتصدير حالياً، قال رئيس المنظمة إنه "في ضوء التطورات الاقتصادية والتحديات التي واجهتها المؤسسات التونسية خلال الأعوام الأخيرة، بما في ذلك الإجراءات المتخذة في قانون المالية لعام 2022، يظل الدعم الحكومي للصادرات موضوع نقاش مهم، وبينما تعتبر الإجراءات المذكورة في الماضي مؤشراً إلى بعض التحديات، فإنها تبرز أيضاً الحاجة المستمرة لتقييم وتحسين الحوافز المتاحة للتصدير بصورة دورية، إذ يفضل النظر إلى الإجراءات السابقة كجزء من التاريخ الذي يمكن أن يوجه الإصلاحات المستقبلية"، مطالباً الحكومة والمؤسسات المعنية العمل معاً لضمان توفير بيئة ملائمة تدعم تنافسية السلع التونسية على الصعيد العالمي، موضحاً أن "هذا يشمل تقديم حوافز مالية وضريبية تشجع على الابتكار والجودة في الإنتاج، مما يساعد في تعزيز القيمة المضافة للمنتجات التونسية في الأسواق الدولية، إضافة إلى تسهيل الوصول إلى التمويل وخصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة، لتمكينها من توسيع نطاق أعمالها واستكشاف أسواق جديدة"، ومضيفاً "هذا إلى جانب تبسيط الإجراءات الإدارية والجمركية للتصدير مما يقلل العبء والكلف الزمنية والمالية على المصدرين، مع تعزيز الدعم اللوجيستي والفني للشركات لتحسين قدرتها في التنافس في الأسواق الدولية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار بن رجب إلى أنه "في ضوء التجارب السابقة وجب على الأطراف المعنية التعلم من الإجراءات التي كان لها تأثير سلبي في القطاع والعمل على تصميم سياسات جديدة تعالج هذه التحديات وتستفيد من الفرص المتاحة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتوازن".

وحول الأسواق التي تفتقر إلى السلع التونسية والحوافز المطلوبة لاقتحامها، قال بن رجب إن "المنتجات التونسية بفضل جودتها وتنوعها لديها القدرة على النجاح في كثير من الأسواق الدولية"، مستدركاً "لكن مع ذلك فهناك بعض الأسواق التي تجد فيها صعوبة أكبر في الاختراق والتنافس بسبب عوامل عدة مثل نقص الحوافز والتحديات اللوجيستية أو القيود التنظيمية، ومن بين هذه الأسواق أميركا الشمالية، فعلى رغم وجود فرص كبيرة إلا أن الشركات التونسية تواجه صعوبات في مواجهة المعايير الصارمة للجودة واللوائح البيئية والمنافسة الشديدة من المنتجات المحلية والدولي، وكذلك أسواق آسيا الشرقية مثل الصين واليابان، إذ تفتقر المنتجات التونسية إلى الحوافز والترويج المناسب للتغلب على الحواجز الثقافية والتنافسية، وأيضاً الأسواق الأفريقية على رغم القرب الجغرافي، إلا أن النفاذ إلى بعض الأسواق الأفريقية لا يزال محدوداً بسبب القيود التجارية والبنية التحتية اللوجيستية غير الكافية، ونقص التعاون التجاري الثنائي أو الإقليمي".

ولتجاوز هذه التحديات وتعزيز حضور السلع التونسية في هذه الأسواق قال بن رجب إنه "من الضروري العمل على تحسين القدرة التنافسية من خلال رفع جودة المنتجات وتطوير التغليف والعلامات التجارية لتلبية توقعات المستهلكين في هذه الأسواق، إلى جانب زيادة الدعم الحكومي بواسطة توفير حوافز ودعم للشركات التونسية لاستكشاف هذه الأسواق من خلال برامج الترويج التجاري والمشاركة في المعارض الدولية، إضافة إلى تعزيز الشراكات والاتفاقات التجارية بتوسيع شبكة الاتفاقات التجارية مع هذه الدول والمناطق لتسهيل النفاذ إلى أسواقها"، مضيفاً أنه "يجب أيضاً تطوير إستراتيجيات تسويق محددة واستهداف الأسواق بخطط تسويق وتوزيع تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية والاقتصادية لكل سوق".

وفي المقابل رأى بن رجب أن للمؤسسات التونسية القدرة على التمركز بصورة فعالة في المناخ العالمي الجديد الذي يهيمن عليه التحول الرقمي واستخدام الذكاء الاصطناعي والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر، إذ تمتلك تونس موارد بشرية ماهرة ومتعلمة، بما في ذلك جيل شاب من المبتكرين والمهندسين والخبراء في مجالات التكنولوجيا المتقدمة الذين يمكنهم دعم الابتكار والتحول الرقمي في الشركات التونسية.

مشيراً إلى أنه "لتحقيق هذا التحول يجب على المؤسسات التونسية اتخاذ خطوات إستراتيجية نحو تبني التكنولوجيا الجديدة، بما في ذلك الرقمنة والذكاء الاصطناعي، لتحسين كفاءتها التشغيلية وتعزيز قدرتها التنافسية وإنشاء منتجات وخدمات جديدة"، مضيفاً "كذلك يجب العمل على تعزيز مهارات القوى العاملة وتطوير البنية التحتية التكنولوجية لدعم هذا التحول"، مشيراً إلى أن الاقتصاد الأخضر يمثل فرصة هائلة للمؤسسات التونسية لتطوير حلول مستدامة ومبتكرة تلبي الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات الصديقة للبيئة، ومؤكداً أنه "بإمكان تونس الاستفادة من مواردها الطبيعية مثل الطاقة الشمسية والرياح لتصبح رائدة في مجالات الطاقات المتجددة والاقتصاد الدائري"، ومستدركاً "لكن في المقابل يتحتم على الحكومة والقطاع الخاص تعزيز الإطار التنظيمي والدعم المالي والتقني لتشجيع الابتكار والاستثمار في هذه القطاعات، ويجب تشجيع التعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص لتطوير مشاريع بحث وتطوير تعود بالنفع"، مضيفاً أنه "باتخاذ هذه الخطوات فبمقدور المؤسسات التونسية التمركز في المناخ العالمي الجديد ولعب دور ريادي في بعض القطاعات، مما يسهم في تعزيز نمو الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة".

الفائدة الرئيسة

وفي المقابل رأى بن رجب أن ارتفاع نسبة الفائدة الرئيسة يشكل عائقاً كبيراً أمام المؤسسات، وبخاصة الصغرى والمتوسطة، في الحصول على القروض بشروط ميسرة، إذ يزيد هذا الارتفاع كلفة الاقتراض ويمكن أن يحد من الاستثمار والنمو الاقتصادي بصورة عامة.

وفي ما يتعلق بالتمويلات الصغرى أو الـ "ميكروكريدت" قال بن رجب إنها "لعبت دوراً مهماً في توفير الدعم المالي للمشاريع الصغيرة ورواد الأعمال الذين قد يجدون صعوبة في الحصول على تمويل من خلال القنوات التقليدية"، مضيفاً أن "التمويلات الصغرى تقدم فرصة للأفراد والمؤسسات الصغيرة للبدء في مشاريعهم أو توسيعها، مما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل"، مؤكداً ضرورة النظر في تحسين شروط هذه التمويلات لجعلها أكثر فاعلية، وموضحاً أنه "يجب أن يشمل ذلك خفض معدلات الفائدة المطبقة على التمويلات الصغرى وتسهيل الإجراءات للحصول عليها، إضافة إلى توفير برامج تدريب ومتابعة لضمان نجاح المشاريع الممولة"، مشيراً إلى ضرورة التفكير في تطوير منتجات تمويلية جديدة ومبتكرة تتناسب مع حاجات المؤسسات الصغرى والمتوسطة، بما في ذلك تقديم تمويل متوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية والتمويل الجماعي كبدائل للقروض التقليدية، وفي حين أن التمويلات الصغرى قد أثبتت نجاحها في دعم المشاريع الصغيرة فإنه يتحتم العمل على تحسين شروطها وتوسيع نطاقها لتشمل عدداً أكبر من المؤسسات والمشاريع، مع العمل على خفض نسب الفائدة الرئيسة لتسهيل بيئة الاقتراض بصورة عامة.

وحول قرارات مجلة الصرف (قانون الصرف) الجديدة المرتقبة، رأى بن رجب أنها "تلعب دوراً محورياً في تحقيق أهداف رئيسة عدة من شأنها دعم وتعزيز الاقتصاد التونسي، ومنها تسهيل الأعمال وتحسين البيئة الاستثمارية بأن تسهم مجلة الصرف في تبسيط وتوحيد الإطار التشريعي المتعلق بالصرف والتعاملات المالية، مما يسهل على الشركات التونسية والمستثمرين الأجانب فهم وتنفيذ التعاملات بكفاءة أكبر، إضافة إلى دعم التوسع الخارجي للشركات من خلال تحرير التعاملات الاقتصادية والمالية عبر فتح آفاق جديدة للمؤسسات التونسية للتوسع في الأسواق الدولية، مما يعزز صادرات البلاد ويحسن ميزان المدفوعات، ثم تحفيز الابتكار والاقتصاد الرقمي بأن تشجع التعديلات الجديدة على استخدام الأصول المشفرة ورقمنة التعاملات المالية، مما يعكس التطورات العالمية ويعزز دور تونس كمركز ابتكار في المنطقة"، مضيفاً أنه "يجب تعزيز النمو الاقتصادي من خلال توفير بيئة ملائمة للأعمال والاستثمار حتى تسهم مجلة الصرف في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وجذب للاستثمارات الأجنبية، وذلك من دون المساس بالتوازنات الاقتصادية الكلية للبلاد".

وأشار رئيس "كونكت" إلى أنه "من المنتظر من القانون الجديد تسهيل التعاملات لفائدة الأفراد، إذ يعد تسهيل حيازة العملة وفتح الحسابات بالعملة للتونسيين المقيمين وغير المقيمين والأجانب خطوة مهمة نحو إدماج الاقتصاد التونسي في محيطه العالمي".

وبالتطرق إلى النقاشات حول الإصلاحات الجبائية اعتبر رئيس المنظمة أن "النظام الضريبي الحالي يواجه تحديات عدة، بما في ذلك التعقيد والأعباء الضريبية الثقيلة على بعض القطاعات وغياب الشفافية في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى شعور بالظلم ويحد من قدرة المؤسسات على النمو والتوسع"، مؤكداً أن "تونس في حاجة ماسة إلى إصلاحات جبائية شاملة لتحقيق مردودية أفضل للمؤسسات وضمان عدالة جبائية"، ومستدركاً "لكن يتوجب على الإصلاح الضريبي أن يبسط النظام الضريبي ويجعله أكثر بساطة ووضوحاً لتسهيل الالتزام الضريبي على المؤسسات وتقليل الكلف الإدارية المرتبطة بالتحصيل الضريبي، وتعزيز العدالة الضريبية وضمان توزيع الأعباء الضريبية بصورة عادلة بين الأفراد والشركات وبين مختلف القطاعات الاقتصادية، إذ يسهم كل طرف بنصيبه العادل وفقاً لقدرته الإنتاجية والمالية، وتشجيع الاستثمار من طريق تقديم حوافز ضريبية للاستثمارات في القطاعات الواعدة والتكنولوجيا الجديدة، ودعم الشركات الناشئة والمبتكرة لتحفيز النمو الاقتصادي وخصوصاً تكريس الشفافية ومكافحة التهرب الضريبي واعتماد سياسات تضمن مزيداً من الشفافية في النظام الضريبي وتحسين آليات مكافحة التهرب الضريبي، مما يعزز ثقة المستثمرين ويحسن الإيرادات الضريبية"، مشيراً إلى ضرورة تحقيق التوافق مع المعايير الدولية بملائمة النظام الضريبي مع المعايير الدولية والممارسات الجيدة لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي، ومستدركاً "لكن تنفيذ هذه الإصلاحات يتطلب حواراً واسعاً وشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان إيجاد حلول متوازنة تلبي حاجات الواقع الاقتصادي والمالي".

المزيد من حوارات