Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصراع على القيادة في إيران... تضييق الخيارات (4)

بعض الجهود والسياسات أسست لما تريده منظومة السلطة بتقييد عملية البحث عن خليفة المرشد

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي محكوماً بمشروع الخاص ومشروع النظام الخاص بالقيادة (أ ف ب) 

ملخص

الشروط والمحددات المطلوبة في سباق القيادة وتحديداً خليفة المرشد لا بد أن تتوافر في شخص من خارج الأسماء المطروحة أو التي تطرح نفسها لتولي هذا الموقع.

يمكن القول إن الانتخابات الأخيرة لمجلس خبراء القيادة في إيران، كانت بمثابة آخر الخطوات التي قامت بها منظومة السلطة من أجل ضبط مسار انتخاب المرشد الثالث للنظام وقائد الثورة الذي سيخلف ولي الفقيه الحالي.

فالصفة الأساسية التي اتسمت بها هذه الانتخابات، معها إلى حد كبير الانتخابات البرلمانية التي أجريت بالتزامن، أنها شهدت ذروة الجهود للتخلص من جميع مراكز القوى التي يمكن أن تشكل مصدر قلق أو إرباك لمخطط السلطة في عملية الانتقال.

لذلك جاء انتخاب أعضاء هذا المجلس (خبراء القيادة) منسجماً مع رؤية المرشد الأعلى ودعوته لتجديد الطبقة السياسية من خلال رفع مستوى الاعتماد والثقة بالأجيال الشابة أو الفتية من المؤمنين بمبدأ النظام والمعتقدين بولاية الفقيه وأصول السلطة أو الدولة الإسلامية.

ولا شك أن هذه الرؤية انسجمت أيضاً مع مشروع التخلص من الأوزان السياسية التي قد تشكل مصدر إرباك، بخاصة وأنها تأتي من موقع الشريك والمؤسس للنظام، ومن الكتلة التي حملت مشروع الدولة والنظام منذ البدايات وخاضت من أجل استقرار معارك سياسية وثقافية وأيديولوجية معقدة ومركبة.

إن استبعادها أو التخلص منها سيفتح الطريق أمام الإتيان بفريق أو شخصيات أكثر طواعية لا تملك مشاريع خاصة من خارج المشروع العام الذي يملك المرشد أو خليفته المحتمل.

عملية الاستبعاد والإخراج من الحياة السياسية لم تقتصر على الشخصيات التي تحمل مشروعاً معارضاً أو رؤية مختلفة عن رؤية المرشد لموقع ودور القائد وولي الفقيه، بل شملت حتى المقربين أو الذين يحملون ويدافعون عن رؤية النظام والسلطة من داخل الجماعة المؤيدة للنظام والمرشد.

ولعل المؤشر الأبرز الذي يشكل مصداق عملية التصفية داخل البيت المحافظ، هو الدفع بإبراهيم رئيسي لتولي موقع رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية، بعد مروره بتجربة رئاسة السلطة القضائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم أن رئيسي يعمل لأن يكون مدرجاً على اللائحة النهائية للأسماء المرشحة لموقع الخلافة، انطلاقاً من كونه الأكثر معرفة بين الطامحين لتولي موقع القيادة بآليات إدارة الدولة ومواقف النظام السياسية والاستراتيجية على المستويين الداخلي والخارجي، إلا أن ذلك يبقى في مستوى التوقع الخاص به، ولا يلتقي مع رؤية الدولة الخفية أو العميقة التي دفعته أو وضعته في رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية في رسالة واضحة بأن هذا أقصى ما يمكن أن يحصل عليه، إضافة إلى توريطه وإظهار ضعفه في إدارة شؤون الدولة السياسية والاقتصادية والمالية، والتي تعني حكماً ضعفاً في إدارة ملفات النظام الاستراتيجية الأكثر تعقيداً وتركيباً.

ورئيسي نفسه، محكوماً بمشروعه الخاص ومشروع النظام، لعب دوراً محورياً خلال توليه السلطة القضائية قبل سنتين من وصوله إلى السلطة التنفيذية في التخلص من سلفه صادق آملي لاريجاني الرئيس الحالي لمجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي يعتبر من أكثر الشخصيات المرشحة لتنافس على موقع القيادة، من خلال فتح ملفات فساد مالية كبيرة اتهم فيها مساعده خلال توليه للقضاء، وهي القضية التي ألحقت ضرراً كبيراً بطموحاته، استكملت بدفعه للاستقالة من مجلس صيانة الدستور اعتراضاً على استبعاد شقيقه علي لاريجاني عن انتخابات رئاسة الجمهورية.

أما الموت فقد جاء ليساعد في استكمال هذا المسار، عندما غيب شخصيات ورجالات دين يجدون في أنفسهم أهلية لتولي هذا الموقع، سواء من موقع الشراكة في التأسيس وتثبيت قيادة المرشد الحالي، أو من موقع الأهلية الدينية والمرجعية.

واللائحة هنا تطول وتبدأ من محمد يزدي الرئيس السابق للسلطة القضائية ومجلس خبراء القيادة، ومحمد تقي مصباح يزدي الذي كان يعتبر من أكبر المنظرين لنظرية الحكومة الإسلامية وإطلاقية صلاحيات ولي الفقيه المستمدة من الغيب.

أما الموت السياسي، فقد مارسته الدولة العميقة ومنظومة السلطة بحق الشخصيات التي تأتي إلى المنافسة من خارج سياقها أو تلك التي تمتلك رؤية مختلفة عن رؤيتها في إدارة النظام واستراتيجياته الداخلية والخارجية.

هذا ما يمكن أن توصف به آليات التعامل مع الشيخ المنتظري بداية في عهد المؤسس وعهد المرشد الحالي، ومروراً بمرجعيات دينية ذات صبغة إصلاحية كما هي الحال مع الشيخ يوسف الصانعي أو السيد عبدالكريم موسوي أردبيل رئيس مجلس القضاء الأعلى في زمن المؤسس، وصولاً إلى مهدي كروبي رئيس البرلمان السابق والسيد محمد خاتمي رئيس الجمهورية السابق الذي فرض عليه حصار سياسي واجتماعي أشبه بالإقامة الجبرية، واللائحة تطول!.

أما التعامل مع الرئيس السابق حسن روحاني، الذي يعتبر إلى جانب خاتمي، مع أبرز القيادات التي تملك أهلية تولي هذا الموقع سواء بين المحافظين أو المعارضين، بخاصة وأنه واكب تفاصيل السياسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية للنظام منذ أيام المؤسس، إلى جانب المرشد الحالي والرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، وكان له دور بارز في أولى الحوارات التي أجريت بين النظام والإدارة الأميركية في إطار ما عرف بفضيحة "إيران- كونترا" وكان من الذين التقوا بمستشار الأمن القومي روبرت ماكفرلين في العاصمة الفرنسية باريس، إضافة إلى المفاوضات الشاقة التي قادها وانتهت بالتوقيع على الاتفاق النووي.

هذه الجهود التي اتخذت مساراً تراكمياً، عملت على ضرب أو إضعاف أو إنهاء كل مقومات الحياة السياسية والاجتماعية التي تتمتع بها شخصيات لديها الأهلية لتكون ضمن السباق على موقع القيادة، سواء كانت لديها رغبة ذاتية بذلك، أو قد يجدها الآخرون مؤهلة لها، أو لديها القدرة على استقطاب التأييد لتكون منافسة في السباق إلى القيادة.

إلا أن هذه الآليات والسياسات، أسست لما يريده النظام ومنظومة السلطة في تضييق الخيارات في علمية البحث عن خليفة المرشد الذي من المفترض أن يكون على رأس النظام، بالتالي فإن الشروط والمحددات المطلوبة لا بد أن تتوافر في شخصية من خارج الشخصيات المطروحة أو التي تطرح نفسها لتولي هذا الموقع.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل