Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب الإيرانية - الإسرائيلية إلى أين؟

بعد "غزوة النقب" لم يكن أمام الدولة العبرية إلا أن تجتاح قطاع غزة

طهران تتحرك وكأنها متأكدة من "حياد" أميركي ربما بسبب الاتفاق النووي (رويترز)

ملخص

القيادة الإيرانية منذ غزوة النقب تسعى عملياً إلى تغيير الستاتيكو في المنطقة، أي عملياً تشريع ميليشياتها في الدول الخمس، وتعطيل قدرة إسرائيل الردعية في المنطقة، وإخراج القوات الأميركية من الهلال الخصيب.

مما لا يخفى على أحد أن الضربة الصاروخية الإيرانية على إسرائيل، التي تعتبر بداية مرحلة جديدة، قد تلحقها ضربة مضادة من إسرائيل ضد إيران، وربما تبادل الضربات لأسابيع أو أشهر، لا أحد يعلم. ولكن الأسئلة الآن، وإذ تتصاعد المواجهات عبر سماوات الشرق الأوسط، وتتبدل الساحات، وتتعقد الحلول، وتنتج خطط حربية جديدة لكل الأطراف من دون استثناء، الواقع الجديد الذي خرج إلى النور هو اشتعال حرب سادسة في المنطقة، بعد غزة، واليمن، وجنوب لبنان، وسوريا، والعراق، وهي الحرب الإيرانية - الإسرائيلية من حدود أفغانستان إلى البحر المتوسط. ولكن الأسئلة تتدرج مع تطور الأحداث بسرعة كبيرة: ماذا ستفعل إسرائيل بعد الضربة الإيرانية؟ كيف سترد طهران؟ ما الموقف الأميركي العلني والسري؟ ما الموقف العربي وكيف سيتطور؟ والسؤال نفسه بالنسبة إلى روسيا والصين. والسؤال الكبير، كيف ستتطور الحرب تحت إدارة جو بايدن؟ وهل ستؤثر في الانتخابات؟ وأخيراً وليس آخراً: هل ستطول المواجهات حتى الانتخابات؟ وماذا سيحصل إذا انتخب بايدن؟ أم بخاصة إذا انتصر دونالد ترمب؟ لائحة طويلة تنبثق عن أحداث تتسابق وتبتعد عن الأمن والسلام.

خيارات إسرائيل

بعد "غزوة النقب" لم يكن أمام الدولة العبرية إلا أن تجتاح قطاع غزة، وهو أمر محتوم أياً كان اللاعبون، وطالت الحرب أكثر من ستة أشهر، أما عندما شنت الدولة الخمينية غزوتها الصاروخية على إسرائيل، فالخيارات مفتوحة أمام الدولة العبرية. خيار أول أن تطلق غارات جوية وصاروخية داخل حدود "الجمهورية" مع ما يتحتم على ذلك من ردود فعل متفجرة. والخيار الثاني ألا ترد إسرائيل فوراً أو بقوة كبيرة في البداية، وأن تركز على بناء "تحالف إقليمي" لرد مشترك، وهذا قرار تدرسه حكومة بنيامين نتنياهو على ضوء الاتجاهات العامة داخل إسرائيل، بين القوميين الذين يشددون على ضربة سريعة أولاً، والموضوعيين الذين يضعون التحالف أولاً.

خيار إيران

القيادة الإيرانية منذ غزوة النقب تسعى عملياً على تغيير الستاتيكو في المنطقة، أي عملياً تشريع ميليشياتها في الدول الخمس، وتعطيل قدرة إسرائيل الردعية في المنطقة، وإخراج القوات الأميركية من الهلال الخصيب. طبعاً هذا التعديل في الستاتيكو ستواجهه تحديات وأخطار، أهمها التعرض لهجوم إسرائيلي مباشر، وإذا تبدلت الظروف، ربما لحملة أميركية - غربية - عربية، ولكن طهران تتحرك وكأنها متأكدة من "حياد" أميركي، ربما بسبب الاتفاق النووي. طهران ضربت، وهي مستعدة لتلقي ضربة، ولكنها تخطط على أساس تجذير سلطتها في "المستعمرات الخمس"، إذ إنه في المرحلة الحالية الردود الأميركية - الإسرائيلية - العربية لن تتعدى الأجواء، من ثم ستبقى الميليشيات الإيرانية مسيطرة على الأرض. وبإمكان النظام أن يتكبد خسائر في الصواريخ والمنشآت والمباني، لأنه بإمكانه أن يعوضها، ولكنه لا يستطيع تحمل خسارة دول أو حتى مناطق في دول يسيطر عليها. لذا فـ"الباسدران" لا يأبه بالاشتباك مع إسرائيل أم مع دول عربية في الأجواء أو على المياه، ولكنه متأن حيال الاشتباك الميداني، لأن أي "تحرير" لبقعة ما من "إمبراطوريتها" سيقود إلى انهيارات جغرافية متتالية حتى الانهيار الكبير. لذا، فالحروب الجوية لا تهمها. من هنا تفهم أولوياتها: منع سقوط الحوثيين في اليمن، منع إقامة منطقة حرة في لبنان، تقليص كردستان، لجم الأردن، إلى ما هناك من أولويات جيوسياسية بالنسبة إلى إيران، حتى تتغير الخطط الغربية - العربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واشنطن

عندما نتكلم عن الولايات المتحدة، يجب أن نميز بين الإدارة والكونغرس من ناحية، وبين فريق بايدن - باراك أوباما وفريق ترمب. فالبيت الأبيض والخارجية يحاولان إدارة الأزمة وضبط إيقاع المواجهة عبر هندسة ستاتيكو جديد، يمر عبر "عدم توسيع الحرب" كي لا يسقط الاتفاق النووي، والاتفاقات الفرعية، كالترسيم "الغازي" في لبنان، وبيع النفط العراقي، ومشاريع عديدة في المنطقة تحتاج إلى توافق أميركي - إيراني. من هنا، ففريق بايدن يتموقع كحكم لا كحليف عضوي نهائي لأي طرف. الرئيس بايدن أعلن التزامه أمن إسرائيل المباشر، أي دعمها ضد هجمات إيرانية، وهذا ما يؤمن دعماً داخلياً من قبل أنصار إسرائيل، لكن الإدارة لا تريد أن تهاجم إسرائيل الداخل الإيراني كي لا يسقط الاتفاق. وسيستمر التوازن حتى الانتخابات الرئاسية.

عرب الاعتدال

التحالف العربي اتخذ قراراته منذ نزع اسم الحوثيين عن لائحة الإرهاب وعودة واشنطن إلى التفاوض مع النظام واتخاذ موقف وسطي بين التحالف ومحور طهران. إدارة بايدن تراجعت عن موقف إدارة ترمب الحازم ضد إيران، وتموقعت بين الطرفين الإقليميين بدلاً من أن تكون داعمة لحلفائها بوجه خصومها. فردت السعودية وحلفائها بإعادة تموقع عرب الاعتدال في زاوية حيادية على الطريقة السويسرية، حتى تبدل الظروف. ولكن محاولات إيران لتغيير الستاتيكو واختراق الأجواء الأردنية والسعودية غيرا الموقف العربي، إذ إن الأمن القومي العربي يقتضي حالياً الوقوف على الحياد، ربما، ولكن استعمال طهران اشتباكها مع إسرائيل لاستباحة المساحات الجوية والحدودية للمملكتين، مما يعزز مواقف الميليشيات، ليس مقبولاً عربياً، لذا، فالطيران العربي سيحمي الأجواء العربية من دون أن يدخل الأجواء العربية، حتى الآن.

المزيد من آراء