Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أوبك" تحذر من تأثير الرسائل السلبية حول صناعة النفط في نسب البطالة

هيثم الغيص يؤكد استمرار توفر الوظائف في القطاع وسط توقعات زيادة الطلب ومؤشرات انتعاش مقبلة

قدرت وكالة الطاقة الدولية خسارة 13 مليون وظيفة في صناعة الهيدروكربونات في الفترة ما بين 2022 و2030 (رويترز)

ملخص

كتب هيثم الغيص مقالة يوم الإثنين الماضي بعنوان "أهمية الوظائف"، مستعرضاً الخطر على التوظيف من رسائل وكالة الطاقة الدولية

هنأت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) العاملين في صناعة النفط، بمناسبة يوم العمال في الأول من مايو (أيار) الجاري، وأضافت في تغريدة على الموقع الرسمي للمنظمة في موقع التواصل "إكس" (تويتر سابقاً)، "تهانينا القلبية لكل العاملين في الصناعة النفطية في الدول الأعضاء بالمنظمة وحول العالم. إن النفط وقود للرخاء وفي غاية الحيوية لحياتنا اليومية، استمروا في العمل العظيم الذي تقومون به".

تأتي رسالة "أوبك" في وقت تتوقع بعض الجهات وصول الطلب على النفط إلى ذروته، وأن يبدأ في التراجع خلال سنوات قليلة ضمن سيناريو "صفر انبعاثات" في سياق مكافحة التغيرات المناخية.

ولطالما حذرت "أوبك" من مثل تلك الرسائل التي لا تستند إلى الوقائع، وتثير الاضطراب في أسواق الطاقة، ففي أكثر من مقالة وحوار صحافي، آخرها سلسلة من الحوارات على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في السعودية هذا الأسبوع، أكد الأمين العام لـ"أوبك" هيثم الغيص أن اتفاق باريس للمناخ عام 2015 يركز على سبل الحد من الانبعاثات وليس التخلي عن النفط أو الوقود الأحفوري.

وتقود وكالة الطاقة الدولية، التي تمثل مصالح الدول الصناعية المستهلكة للطاقة، تلك الحملة على النفط والغاز في الأعوام الأخيرة على رغم أن أرقام الوكالة في تقاريرها تؤكد استمرار نمو الطلب على النفط، علاوة على أن الزيادة في الإنتاج العالمي في العامين الأخيرين تأتي في معظمها من منتجين من خارج "أوبك" وشركائها في تحالف "أوبك+"، وفي مقدمهم الولايات المتحدة.

صناعة النفط وتوفير الوظائف

لا تقتصر أخطار الرسائل للسوق وللعالم في شأن "نهاية عصر النفط" على قطاع الطاقة، إذ يشكل النفط والغاز أكثر من ثلثي سوق الطاقة العالمي كله، بل يمتد إلى مناحي الحياة كافة بما يثير الاضطراب في كل جوانب الاقتصاد.

ومن بين الجوانب التي ربما لا تحظى باهتمام كبير ما توفره صناعة النفط من وظائف على مستوى العالم تدعم مئات ملايين الأسر في البلدان المنتجة والمستهلكة على السواء.

ضمن جهود "أوبك" للحفاظ على استقرار أسواق الطاقة في مواجهة تلك الرسائل التي تعتبرها مضللة، كتب الأمين العام للمنظمة هيثم الغيص مقالة على الموقع الرسمي للمنظمة الإثنين الماضي بعنوان "أهمية الوظائف"، مستعرضاً الخطر على التوظيف الذي يأتي من رسائل كتلك التي تتبناها وكالة الطاقة الدولية وغيرها.

لا توفر صناعة النفط الوظائف المباشرة في قطاع الإنتاج والتسويق فحسب، بل في قطاعات أخرى كثيرة، كما جاء في مقالة الغيص على موقع "أوبك"، مضيفاً "لدى صناعة النفط والغاز دور مهم تلعبه في توفير الوظائف عالمياً، فبالنسبة إلى العمالة المباشرة توظف الصناعة العاملين المتخصصين من ذوي المهارات العالية، إلا أن تأثيرها يمتد لأبعد من ذلك، فبالنسبة إلى الاقتصادات المحلية والوطنية هناك فوائد مضاعفة تسهم في توفير الفرص لطيف واسع من الأعمال، يشمل ذلك الجوانب المتعددة لسلسلة الإمداد للصناعة، وشركات النقل والفنادق والمطاعم والمحال وغيرها، وتوظف صناعة النفط وحدها نحو 70 مليون شخص حول العالم".

يعني ذلك أن هناك 70 مليون أسرة تعتمد على عائل لها يعمل في صناعة النفط، ومن شأن خسارة الوظائف في القطاع أن يضر بتلك الأسر وأفرادها الذين يبلغ عددهم أضعاف هذا الرقم، يضاف إلى ذلك أن هناك مناطق وبلدان تعتمد في كل نشاطها الاقتصادي على وجود صناعة نفطية ما فيها، ولا تقتصر تلك التجمعات السكانية المعتمدة في سبل معيشتها على وجود الصناعة النفطية على الدول المنتجة، بل أيضاً على الدول المستهلكة أو التي بها صناعات وسيطة من النقل إلى التكرير، ومن الأمثلة على ذلك "مدينة ميدلاند في ولاية تكساس، وأبردين في اسكتلندا والظهران في السعودية وهاركورت في نيجيريا والأحمدي في بلدي الكويت"، كما كتب الأمين العام لـ"أوبك" في مقالته هذا الأسبوع.

أخطار البطالة والوظائف البديلة

وتعرب "أوبك" عن قلقها من مواجهة الصناعة "أزمة توظيف" بسبب نقص العمال المؤهلة نتيجة أن الأجيال الشابة "تثنى عن السعي إلى مسيرة مهنية في الصناعة، وتقليص عدد المواد الدراسية المتعلقة بصناعة النفط في الجامعات"، كما تشير إليه المقالة.

وهناك عوامل وراء هذا التوجه منها تصور أن صناعة النفط ليست اختياراً للوظيفة طويلة الأمد، نتيجة وجهة النظر المضللة بأن النفط ليس جزءاً من مستقبل الطاقة المستدامة، ويضاعف من ذلك الإشارة إلى تسريح العمالة بكميات كبيرة ومستويات البطالة العالية ضمن سيناريوهات "صفر انبعاثات" التي تتبناها بعض الجهات.

في تحديث لتوقعاتها في شأن سيناريو "صفر انبعاثات"، قدرت وكالة الطاقة الدولية العام الماضي خسارة 13 مليون وظيفة في صناعة الهيدروكربونات في الفترة ما بين 2022 و2030، ويعني ذلك تشريد 13 مليون عامل في ثماني سنوات، أي بمعدل خسارة 1.6 مليون وظيفة سنوياً، أو 135 ألف وظيفة شهرياً أو 4 آلاف و500 وظيفة يومياً، وهناك شكوك كبيرة في أن تتوفر وظائف مقابلة لهذا العدد في صناعات الطاقة البديلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقرير لها حول "التوظيف في قطاع الطاقة العالمي" تكشف عن ذلك بالقول إن "هناك حدوداً لنقل المهارات إلى قطاعات الطاقة النظيفة، فليست كل الوظائف التي توفرها صناعة الطاقة النظيفة ستكون في المناطق ذاتها، ولن تتضمن المهارات التي فقدت وظائفها، كما أن المتقدمين في المهنة ربما يحجمون عن تغيير مهنتهم لأنهم يحصلون على دخل أكبر في صناعة النفط والغاز من ذلك الذي تقدمه قطاعات الطاقة النظيفة، فالعاملون في صناعة النفط والغاز من بين الأفضل أجراً في القطاعات كافة بسبب مهاراتهم العالية وتمثيلهم العمالي الراسخ ومتطلبات التعويض عن أخطار المهنة".

يشير الأمين العالم لـ"أوبك" في مقالته عن التوظيف إلى عدم الاتساق في رسائل وكالة الطاقة الدولية بهذا الشأن، فقبل تبني الوكالة سيناريو "صفر انبعاثات" في عام 2021 قال المدير التنفيذي للوكالة في مقابلة "وكالة أنباء الأناضول"، "ما يقلقني أن هناك ملايين الأشخاص يعملون في صناعة النفط والقطاعات المرتبطة بها حول العالم، كما أن صناعة النفط والغاز من الأعمدة القوية التي يستند إليها الاقتصاد العالمي، وإذا انهارت تلك الصناعة فسيكون لذلك تأثير سلبي في الاقتصاد العالمي كله". مع ذلك يتضمن سيناريو الوكالة الحالي تعرض صناعة النفط والغاز لخسارة 2.5 مليون وظيفة، أي نسبة 20 في المئة من العاملين فيها، بحلول عام 2030.

"أوبك" ووكالة الطاقة

في وقت تواصل "أوبك" وحلفاؤها رسالة متسقة للأسواق وللعالم بأن صناعة النفط باقية، وأنه مهما كان التحول في مجال الطاقة فإن المصادر البديلة لن تكون كافية للاستغناء عن النفط، بالتالي تحتاج الصناعة إلى استثمارات لتلبية الطلب العالمي، تثير رسائل الآخرين ومنهم وكالة الطاقة الدولية الاضطراب في الأسواق ولدى صانعي القرار، ويعني ذلك أن "أوبك" ترى حاجة إلى مزيد من التوظيف وتوفير فرص العمل لملايين، بينما غيرها يبشر بتسريح العاملين وبالبطالة.

ويبدو أن ذلك بدأ يثير القلق لدى دوائر صنع القرار، بخاصة في كبرى الدول المستهلكة، إذ انتقد أعضاء كبار في الكونغرس الأميركي من الحزب الجمهوري وكالة الطاقة الدولية الشهر الماضي، واتهموها بأن موقفها كـ"قائد حملة التهليل للتحول في مجال الطاقة" يضر بأمن الطاقة العالمي ويثير الاضطراب في الأسواق.

جاء ذلك في رسالة لمدير الوكالة فاتح بيرول مؤرخة في الـ20 من مارس (آذار) الماضي، وموقعة من السيناتور جون باراسو عضو لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس الشيوخ ورئيسة لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب، كاتي ماكموريس رودغرز.

مما تضمنته الرسالة شديدة اللهجة، "إننا نرى أنه في السنوات الأخيرة أصبحت وكالة الطاقة الدولية مصدر إضرار بأمن الطاقة بترويجها ضد التشجيع على مزيد من الاستثمارات في مصادر الطاقة، بخاصة النفط والغاز والفحم. ويتعين أن يقلقهم جداً استغلال بعض الأطراف لتوقعات وتقديرات وكالة الطاقة الدولية وغيرها من أجل تبني سياسات تضر بشدة بأمن الطاقة".

كانت ورقة بحثية مقدمة لمجلس محافظي الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي نهاية العام الماضي ضمن سلسلة "نقاشات مالية واقتصادية" خلصت إلى أن رسائل منظمة "أوبك"، "في غاية الأهمية للحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية، بخاصة في أوقات الاضطرابات والمضاربات". وأضافت الورقة أن "رسائل أوبك تقلل من فرص التذبذب الكبير في الأسعار، وتدفع المتعاملين في السوق إلى توازن أوضاعهم".   

تنضوي وكالة الطاقة الدولية تحت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي تمثل مصالح الدول الصناعية الكبرى، وتحصل على تمويلها من الدول الأعضاء فيها. وبحسب موقع وكالة الطاقة الدولية فإن موازنتها يتفق عليها كل عامين، كما يسمح للدول الأعضاء بتقديم إسهامات طوعية غير التزاماتها في الموازنة. وبعد مؤتمر المناخ "كوب 26" عام 2022 حصلت الوكالة على تمويل إضافي من الدول الأعضاء بمقدار 20 مليون يورو (22 مليون دولار) لدعم "زيادة جهودها في ترويج الانتقال إلى الطاقة النظيفة في الدول الصاعدة".

المزيد من البترول والغاز